منير عتيبة عن «النَّوَّالة»: ترصد الحياة الشعبية السكندرية
نظم مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية ندوة «أونلاين» عبر تطبيق زووم؛ لمناقشة المجموعة القصصية (النوَّالة) للكاتبة القاصة هبة الله أحمد، والتي ناقشها الناقد الأردني حسين دعسة والناقدان المصريان الدكتور مدحت عيسى ورانيا ثروت. وأدار اللقاء الكاتب القاص منير عتيبة.
وقال الكاتب الروائي والناقد منير عتيبة “منذ العنوان تشير الكاتبة هبة الله أحمد إلى ما تقدمه لقارئها في مجموعتها الأولى (النَّوَّالة) الفائزة بجائزة المسابقة المركزية لهيئة قصور الثقافة عام 2019م، فهي ستقدم حكايات قد نعرف بعضها، عن ناس قد نعرف معظمهم، لكن من خلال عيون وروح الساردة، فالنَّوَّالة إشارة إلى عاملة النول، نحتت الكاتبة اسم النوالة نسبة إلى النول في مفارقة واضحة، فهي كنَّوَّالة تصنع خيوط الحكاية وتمسك بيدها ملامح الفارس والفرس، لكنها ك(صابرة)-وهذا هو اسمها- ليس بيدها شيء مما يسير حياتها، وهو ما تؤكده الأغنية التي تتردد مقاطع منها خلال القصة كلها تؤكد على القدر والمقسوم الذي لا مهرب منه”.
وأشارعتيبة إلى أن “دقة اختيار الأسماء صابرة وابنها بركة الواقعية السحرية في رسمها لبركة على السجادة ثم مده يده من الصورة ليطبطب عليها لتقدم لنا المفاجأة غير المتوقعة وهي رحيل بركة منذ ثلاثة أشهر برغم أن الطبيب في الفقرة السابقة كان يشير إلى قرب شفائه، رفض المجتمع بما فيه الأب للطفل المريض بمتلازمة دون، يجعل النَّوَّالة/صابرة بطلة تراجيدية بامتياز. وفي هذه القصة التي عنونت بها المجموعة نلاحظ ملامح الكثير من باقي القصص، الاستعانة بالأغاني التراثية والحكم والأمثال السائرة والأشعار المعروفة لسواء مجهولة المؤلف أو معروف مؤلفها مثل أشعار صلاح جاهين في قصة (بخشمون)، الحكي الحميمي الخطي في الغالب، فألعاب الزمن في المجموعة قليلة، ومعظم الحكي يسير في خط زمني طبيعي أو يعتمد على الاسترجاع، تضفير العلاقة بين الحدث وملامح الشخصية الخارجية وبيئتها مع صفاتها الداخلية، المفاجأة في آخر القصة التي تحيلك إلى تفسيرات لم تكن تخطر ببالك أثناء قراءتها، اللعب باللغة والحرص على نحت صور تخص الكاتبة مثل: (وبإهاناته التي تحفظها عن ظهر حب) (أحبت طيفه وقمح خطاه) (تنبش الأرض بخفة كتكوت ودقة مثقاب) (تجتر ما في معدتها من عشب وصبر)، استخدام العامية في الحوار، وروح الحكي الشفاهي في السرد، لذلك لن يكون غريبا أن تجد للجدات والأجداد والعجائز أدورًا مهمة في المجموعة، كما أن البيئة الشعبية السكندرية، وبيئة الريف السكندري هي الغالبة، وإن كانت هناك بعض القصص تدور أحداثها في بيئة الصعيد مثل سيدنا. وكاسيت رن. ولحميمية الحكي في قصص المجموعة مزايا عديدة كشعور القارىء بأن القصة تخصه، ومخاطبة وجدان القارىء واكتساب تعاطفه. لكنها تسوق الكاتبة أحيانًا إلى الاستطراد، وإنشاء الصور المركبة التي قد تكون جميلة في حد ذاتها لكنها ترهق القارئ.”.
ولفت عتيبة إلى أن “تحتوى المجموعة على 27 قصة، منها 13 قصة بضمير المتكلم، و11 قصة بضمير الراوي العليم، وقصة بضمير المخاطب، كما تستخدم ضمير المتكلم والراوي العليم معًا في قصة (حورية القيالة) وضمير المتكلم وضمير المخاطب معًا في قصة (ندوب)”.
وتابع: “تلتقي في هذه المجموعة بالمجاذيب، والحكماء، والمطحونين، والواقفين على شفا جرف هارٍ من أمل خادع، والعاشقين حتى الجنون، والهاربين من الزمن إلخ لكنهم جميعًا ينتمون إلى عالم خاص جدًا بالكاتبة سيجته بروح الأدب الشعبي ومفرداته، وضفرته بمحبة عميقة لشخصياتها وعالمها البسيط، محبة بلا أحكام مسبقة، وبلا شروط، بل يبدو حرص الكاتبة على أن تجعل من قصصها تحية تخليد لأناس يطحنهم الزمن والمجتمع ولن يذكرهم أحد إذا لم يحبهم كاتب ويضعهم بين سطور قصته، فحتى لو ذكرتك بعض الشخصيات بأخرى قرأتها أو عرفتها من قبل ستجد بالتأكيد ما يخص الكاتبة في تقديمها لهذه الشخصيات، وهو من أهم ما يميز الفن؛ خصوصية الكتابة”.
وختم “تنتمي قصص المجموعة في معظمها إلى الواقعية، وهي إثبات جيد أن الواقعية إن كتبت بطريقة فنية معبرة، ولقطة قصصية متميزة، قادرة على أن تجذب القاريء دائما”.