مسافة السكة.. طلابنا العائدون من «أوكرانيا» يتحدثون لـ«الدستور»
فرحة كبيرة عاشها أولياء أمور الطلبة المصريين فى أوكرانيا، بعودة أبنائهم إلى أرض الوطن سالمين، بعد أيام من القلق والتوتر اللذين أصابهما منذ بدء أزمة الحرب، معبرين عن شكرهم العميق للدولة المصرية على رعاية وحماية أبناء الوطن بالخارج خاصة فى أوقات الأزمات.
وأعلنت رئاسة مجلس الوزراء، أمس، عن إقلاع طائرة مصرية إلى رومانيا لإجلاء الطلاب المصريين النازحين من أوكرانيا، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى.
وجرى التنسيق مع وزارة الخارجية والسفارات المصرية فى الدول المعنية، ووزارتى الهجرة وشئون المصريين بالخارج، والطيران المدنى، وتم ترتيب إرسال الطائرة التى ستنقل الطلبة المصريين من بوخارست، إلى القاهرة.
ووصلت الطائرة وعلى متنها ١٨١ طالبًا مصريًا، التقت «الدستور» عددًا منهم، ليكشفوا عن كواليس رحلتهم بداية من النزوح من أوكرانيا ودخولهم الأراضى الرومانية ثم إنقاذهم وإعادتهم سالمين إلى أرض الوطن
مصطفى عطا الله:لاحظنا التسهيلات المقدمة للمصريين على الحدود
«لو فيها موت يكون وسط أهلى وفى بلدى»، بهذا المنطق اتحذ مصطفى عطا الله، ابن محافظة القليوبية، قراره بالخروج من أوكرانيا والبحث عن طريق العودة إلى أرض الوطن، ليكون من أوائل الطلاب المصريين الذين وصلوا إلى الحدود الرومانية. ويوضح الطالب بالفرقة الأخيرة فى كلية الهندسة بجامعة أوديسا الأوكرانية أنه قرر الرحيل صباح يوم الجمعة الماضى، بعدما سمع لأول مرة أصوات الرصاص بالقرب من مقر إقامته، وأصوات صافرات الإنذار التى تتردد على مسامعه طيلة الوقت، من أجل النزول لأنفاق المترو أو لملاجئ يعود عمرها إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية. وبعد متابعته الصفحة الخاصة بالسفارة المصرية فى أوكرانيا، قرر «مصطفى» الرحيل إلى رومانيا، بعدما علم بالتنسيق معها من أجل استقبال النازحين بتأشيرة تمتد لـ١٥ يومًا، كونهم غير لاجئين مثل الأوكران ويمكنهم العودة بسهولة إلى وطنهم ودولتهم الآمنة والمستقرة.
وبالفعل، سافر «مصطفى» متوجهًا إلى الحدود الأوكرانية الرومانية، مستقلًا حافلة أجرة رفقة عدد من زملائه، لأكثر من ٨ ساعات، وعلى الحدود لاحظ التسهيلات المقدمة للمصريين، التى يسرت له الوصول إلى العاصمة الرومانية بوخارست، خاصة أن السفير المصرى فى رومانيا عمل على توفير كل احتياجات الطلاب، وكان «أبًا يطمئن الجميع»، على حد تعبير «مصطفى». وحرص الطالب المصرى على نشر كل خطواته وتفاصيل رحلته على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى ليسترشد بها غيره، وهو ما حدث بالفعل وساعد على خروج عدد من الطلاب من أوكرانيا بسلام. وبمجرد وصوله رومانيا اطمأنت السلطات على الحدود من حقيقة جنسيته وأوراقه الثبوتية الخاصة، وتم استقباله فى أحد الفنادق هناك، وتم إعلامه بوصول طائرة تابعة لشركة «مصر للطيران» لتقل المصريين العائدين من أوكرانيا إلى وطنهم، مع تسهيل جميع الإجراءات. كان «مصطفى» ضمن ١٨٠ طالبًا مصريًا وصلوا إلى مطار بوخارست لركوب الطائرة المصرية، التى كانت تتسع فقط لـ١٧٥ راكبًا، ما استدعى تأجيل سفر ٦ منهم، والحجز لهم للسفر على طائرة أخرى على الخطوط الرومانية فى وقت لاحق، وبالفعل تحركت الطائرة فى الثامنة من مساء أمس الأول، بعد إجراء مسحة طبية للتأكد من سلامة العائدين من الإصابة بفيروس كورونا.
أحمد محمد: الدولة لم تُحمَّلنا أى نفقات للسفر
أوضح أحمد محمد، طالب بالفرقة الثالثة بكلية الطب، أنه قرر فى اليوم الثانى للحرب الرحيل فورًا من أوكرانيا، بعد أن علم أن زملاءه الأوكران تركوا الدراسة ورحلوا عن البلد.
وقال إنه فى بداية الحرب تردد فى قرار الرحيل بسبب النفقات الدراسية التى تكبدتها أسرته طيلة السنوات الماضية، والتى وصلت إلى ١٠ آلاف دولار سنويًا، لكن إدارة الجامعة طمأنتهم بأن الدراسة ستعود وقتما تستقر الأوضاع حتى ولو «أونلاين» كما فعلوا أثناء موجات ذروة انتشار فيروس كورونا، مضيفًا أنه قرر الرحيل عن أوكرانيا مع عدد من الطلاب المصريين والعرب مساء يوم ٢٥ فبراير.
وكشف عن أنه لم تكن لديه وجهة محددة يذهب إليها، حيث حزم أمتعته على أمل أن ينضم لأى مجموعة قررت الرحيل إما إلى بولندا أو رومانيا، وفى النهاية استقر على الذهاب إلى رومانيا باعتبار أن الانتقال إليها هو الأكثر أمانًا، لذا تواصل مع السفارة المصرية هناك.
وتابع: «اتصل بى السفير المصرى، مؤيد الضلعى، شخصيًا، وكنت ضمن ١٧٥ طالبًا حملتهم الطائرة المصرية للقاهرة دون تحمل أى نفقات»، مردفًا: «أشكر حكومة بلادى على هذه الرعاية».
محمد على: لولا الرئيس السيسى كنا هنعمل إيه؟
أكد محمد على، طالب فى أوكرانيا، أن رحلة العودة كانت صعبة للغاية، إذ نزح من مدينة «خاركوف» مع اشتداد عمليات القصف بها ثم انتقل إلى رومانيا سريعا، حيث شعر بأنه كلما طالت مدة بقائه زادت صعوبة الرحيل.
وكشف عن أنه تحرك هو ومجموعة من «خاركوف» بعد ترددهم فى الخروج منها، ثم وصلوا إلى مدينة «لفيف» أقصى غرب أوكرانيا بعد ٢٠ ساعة تقريبًا، ومنها استقلوا قطارًا ثم حافلة أوصلتهم إلى الحدود مع دولة رومانيا، وهناك استقبلهم الضباط المسئولون عن إنهاء الأوراق بكل ترحاب، وتواصلت معهم السفارة المصرية.
ووجه رسالة إلى الرئيس السيسى قائلًا: «إحنا مش عارفين من غير الرئيس كنا هنعمل إيه.. بنحبك يا ريس».
محمد أبوالعلا:تعليمات السفارة أنقذتنا.. وتواصلنا مع وزيرة الهجرة أكثر من مرة
كشف محمد أبوالعلا، ٢٢ عامًا، طالب بالفرقة الرابعة بجامعة كييف، عن أنه عاش السنوات الماضية باستقرار وأمان إلى أن قصفت القوات الروسية أهدافًا قرب سكنه، فى فجر الرابع والعشرين من الشهر الماضى، وسرعان ما انتشر الخبر فى العالم كله، وبدأت الاتصالات الهاتفية تنهال عليه من أهله فى محافظة أسيوط، ليخبروه بالخطر الذى يداهمه إن قرر البقاء فى أوكرانيا، خاصة أنه فى أقل من يوم وصل الجيش الروسى لنقاط ومدن داخل أوكرانيا مثل خاركيف وسومى.
وأضاف، لـ«الدستور»، أنه كان يعتبر ما يشاهده من أنباء فى وسائل الإعلام به قدر كبير من المبالغة، ولم يكن يرغب فى مغادرة مسكنه حتى يستطيع إنهاء دراسته عقب عودة الأوضاع للاستقرار، وتعهد لأهله بالالتزام بإجراءات حظر التجوال التى أعلنتها الحكومة الأوكرانية، لكن سرعان ما غيَّر رأيه بعد أن رأى السكان المحليين يهربون للأنفاق والملاجئ المعروفة لسكان المدن التى وصلت لها أقدام العناصر الروسية، فقرر متابعة تعليمات السفارة المصرية، خاصةً بعد أن ساء الوضع وبدأت الأنباء تتوالى عن وقوع وفيات وإصابات. وتابع: «صفحة السفارة المصرية على (فيسبوك) كانت تنشر تعليمات خاصة بالسلامة وإجراءات الإجلاء مع أرقام التواصل للاتصال عند الطوارئ، وتواصلت معنا السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة أكثر من مرة عبر زوم وطمأنتنا».
قرر «أبوالعلا» عدم الهرب بمفرده أو فى مجموعات بشكل عشوائى، وانتظر تعليمات السفارة، خاصة أنها وعدت بإرسال قوافل لإجلائهم فى نقاط ثابتة بكييف وأوديسا والمدن التى تحوى جامعات ويتركز فيها عدد كبير من الطلاب.
بالفعل استقل هو وزملاؤه فى الثامن والعشرين من فبراير حافلة من مدينته للمجر، وتواصلت معهم السفارة فى بودابست، وقطعوا طريقًا طويلًا لمسافة ٧٠٠ كيلومتر حتى الوصول لبر الأمان، خاصة أن الاستمرار فى أوكرانيا كان يعنى الانتحار، لأن السلع والأغذية نفدتا من المحال.
وأكد «أبوالعلا» أنه عقب الوصول إلى بودابست فى رومانيا أبلغته السفارة المصرية بوجود مكان على رحلة طيران للعودة إلى مصر، وكان ضمن أول فوج وصل للقاهرة.
سفيرنا فى رومانيا: رحلات جوية لإعادة الجميع إلى الوطن
أعلن مؤيد الضلعى، سفير مصر فى رومانيا، عن أن الحكومة تعمل على تسيير رحلات جوية لإعادة جميع المصريين الخارجين من أوكرانيا بسبب الحرب. وأضاف «الضلعى»، لـ«الدستور»، أن جهود الحكومة أثمرت عن تسهيل فترة إقامة المصريين فى رومانيا، وأشاد بجهود وزارتى الهجرة والخارجية لتيسير عودة المصريين لوطنهم، ولفت إلى وصول ٥٠٠ مصرى لرومانيا من أوكرانيا، فى توقيتات مختلفة منذ مساء ٢٥ فبراير. وأوضح: «حصلت السفارة على ترخيص من الحكومة الرومانية بدخول المصريين دون تصريح أو تأشيرة دخول، فكل ما على الطلاب هو حمل جواز سفر سار أو تصريح إقامة أوكرانى يُثبت وجودهم هناك للدراسة أو العمل». ويكمل: «الطلاب فى البداية حجزوا إقامة فى الفنادق الرومانية، لكن السفارة استطاعت تسخير إحدى المدن الجامعية لإقامتهم، نظرًا لخلوها من الطلاب حاليًا لتوقف الدراسة، وهو موقف إنسانى تُشكر عليه الحكومة الرومانية، إذ حرصت السفارة ألا يتحمل الطلاب نفقات إضافية للإقامة أو الطعام»، مؤكدًا: «هدفنا هو الخروج من الأزمة دون تسجيل أى ضحايا».