«معلومات اتحاد العمال» يرصد تاريخ وأهداف منظمة العمل الدولية
وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي الشكر لمنظمة العمل الدولية على تنظيم المنتدى العالمى للتعافى من جائحة كورونا، أمس الخميس، مشيرا إلى أن جائحة كورونا كانت ولا تزال أزمة إنسانية بوجه عام لا أزمة صحية أو اقتصادية أو اجتماعية، راصداً بعض التحديات التي تواجه عالم العمل والعمال حول العالم، متسائلاُ:"هل يمكن لنا تحمل تبعات استمرار وجود نحو ٦١٪ من قوة العمل في العالم في عداد الاقتصاد غير الرسمي فضلًا عن افتقار نحو ٤ مليارات إنسان للضمان الاجتماعي؟!".
كلمة الرئيس كانت الحدث الذي وجده مركز معلومات وإعلام الاتحاد العام لنقابات عمال مصر برئاسة عبدالوهاب خضر، فرصة ومناسبة لرصد تاريخ وأهداف ودور منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، والتي تستعد خلال العام الجاري 2022 لعقد اجتماعات لمجلس إدارتها في منتصف مارس لانتخاب مدير عام جديد خلفا للمدير الحالي جاي رايدر، ومناقشة بعض الملفات التي تخص عالم العمل والعمال حول العالم، ومن بينه مصر، وكذلك عقد مؤتمر العمل الدولي السنوي في شهر يونيو، لتقييم حالة بلدان العالم فيما يخص قضايا العمل والعمال ومدى مطابقة سياساتها للاتفاقيات الدولية.
*نهضة غير مسبوقة:
وفي مقدمة لابد منها رأي مركز المعلومات أن العلاقة بين مؤسسات الدولة المصرية كالرئاسة ومجلس الوزراء وأطراف العمل الثلاثة "وزارة القوى العاملة، ومنظمات أصحاب الأعمال، والعمال" في تحسن مستمر، وستشهد هذا العام "عام منظمات المجتمع المدني" حالة من التغيير في العلاقة والتعامل، وستشارك مصر في اجتماعات المنظمة الدولية بجنيف هذا العام بنهضة غير مسبوقة في ملف العمال والعمال، ومنها التعديلات على قانون العمل، وما تحمله من مكاسب كبيرة تمنع الفصل التعسفي ،وتقر المحاكم العمالية المتخصصة لإنجاز النزاعات العمالية، وتحقق الأمان الوظيفي بعقود عمل دائمة، وأيضا تغيير مسمى الاتحاد العام لنقابات عمال مصر إلى "الاتحاد المعني الأكثر تمثيلاً للعمال" في محاولة عملية لمواجهة كافة ملاحظات منظمة العمل الدولية ،كما تحمل مصر ملفاُ مشرفاً في حماية العمالة غير المنتظمة بدعمها ماديا وتنظيميا، ناهيك عن قرارات رفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات، إضافة إلى إطلاق الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والجمهورية الجديدة التي يتمتع فيهما العمال بنصيب كبير في الحماية و"الحياة الكريمة"،كما تستعد الدولة المصرية لتشهد انتخابات عمالية دورة 2022-2026 ،في إطار قانون المنظمات النقابية وحق التنظيم ،بشكل ديمقراطي،ودون تدخلات من الجهة الإدارية وترك الحرية النقابية للعمال في اختيار ممثليهم.
كلمة الرئيس السيسي أمس الخميس والتي أشار خلالها إلى محورية ما تقوم به منظمة العمل الدولية في مواجهة تداعيات كورونا، خاصةً "النداء العالمي للتعافي الشامل والمستدام"، الذي أقره مؤتمر العمل الدولي في عام ٢٠٢١، ليكون منهاج عمل واضحًا لكافة الأطراف، في سبيل تحقيق تعاف شامل ومستدام محوره الإنسان،دفعت مركز معلومات الإتحاد العام لنقابات عمال مصر اليوم الأربعاء إلى إصدار هذا التقرير بشأن "المنظمة" ودورها وأهدافها في مواجهة تحديات عالم العمل والعمال حول العالم.
التعريف بالمنظمة:
تُعَدُّ مُنظَّمة العمل الدوليّة (بالإنجليزيّة: International Labour Organization)، والتي يُمكن اختصارها بالرمز (ILO) وكالةً مُتخصِّصة تابعة للأُمَم المُتَّحِدة، حيث تأسَّست بعد الحرب العالَميّة الأولى في عام 1919 ميلادية، وتسعى هذه المُنظَّمة إلى تعزيز الحقوق في العمل، وفَهم العلاقة المُعقَّدة بين حقوق العمل، والعدالة الاجتِماعيّة، ومن الجدير بالذكر أنّ مُنظَّمة العمل الدوليّة تمتلك تفويضاً دستوريّاً صريحاً، لحماية حقوق العُمّال في حالات الهجرة الدوليّة للأيدي العاملة.
نشأة مُنظَّمة العمل الدوليّة وتطوُّرها:
نشأت مُنظَّمة العمل الدوليّة بعد أحداث الحرب العالَميّة الأولى، وبمُقتضى أحكام أحد بنود معاهدة فرساي، انطلاقاً من أنّ السلام العالَميّ الدائم لا يمكن أن يتحقَّق إلّا في ظلِّ العدالة الاجتماعيّة، حيث ظهرت البوادر الأولى، لإنشاء المُنظَّمة بعد إقرار دستورها بين شهرَي يناير، وأبريل من عام 1919، إذ تمّ وضعه من قِبَل لجنة العمل بقيادة رئيس الاتِّحاد الأمريكيّ للعمل في الولايات المُتَّحِدة آنذاك صامويل غومبرز، وتألَّفت هذه اللجنة من مُمثِّلين عن تسع دُول، وهي الولايات المُتَّحِدة الأمريكيّة، والمملكة المُتَّحِدة، وإيطاليا، وبلجيكا، وفرنسا، وكوبا، وتشيكوسلوفاكيا، واليابان، وبولندا علماً بأنّ لجنة العمل تمثَّلت بظهور مُنظَّمةٍ هي الأولى من نوعها، فهي تضمُّ مُمثِّلين عن ثلاث جهات مختلفة، وهي: الحكومات، وأصحاب العمل، والعاملين.
بداية عمل المُنظَّمة:
بدأت مُنظَّمة العمل الدوليّة عملها منذ أيّامها الأولى، حيث تمّ في مدينة واشنطن الأمريكيّة عقد مؤتمر العمل الدوليّ الأوّل في شهر أكتوبر من عام 1919، وتمخَّضت عن هذا المؤتمر 6 اتِّفاقيات تختصُّ بقضايا العمل، والعُمّال، وفي عام 1920، تمّ تبنِّي 9 اتِّفاقيات عَمل دوليّة، و 10 توصيات، كما أنّ المُنظَّمة استمرَّت بالتطوّر، والتوسُّع في مجالات العمل،إذ امتدَّ مجال عملها إلى التنظيم الدوليّ لشروط العمل في القِطاع الزراعيّ، وانطلاقاً من مبدأ الشفافيّة، والنزاهة، فقد تمّ في عام 1926إنشاء لجنة مُتخصِّصة مهمّتها الإشراف على تطبيق معايير مُنظَّمة العمل الدوليّة.
عمل المُنظَّمة خلال الحرب وأزمة الكساد:
أدّت أزمة الكساد، وأحداث الحرب العالَميّة الثانية إلى إيجاد نسبة بطالة هائلة، وأزمة في مجال العمل، وقضايا العُمّال، ومن الجدير بالذكر أنّ السبيل الوحيد، للتعامُل مع قضايا العمل هو بالتعاوُن الدوليّ، وانطلاقاً من هذا المبدأ، انضمَّت الولايات المُتَّحِدة إلى مُنظَّمة العمل الدوليّة على الرغم من عدم عضويّتها في عُصبة الأُمَم، أمّا في عام 1939، فقد استلم قيادةَ المُنظَّمة الأمريكيُّ جون وينانت، وتمّ في عام 1940 نَقل مَقرّ المُنظَّمة إلى مدينة مونتريال في كندا، وفي عام 1941، انسحب جون وينانت من قيادة المُنظَّمة بعد أن أصبح سفيراً في بريطانيا، وخلال 5 سنوات، أصبحت مُنظَّمة العمل الدوليّة وكالة مُتخصِّصة تابعةً للأُمَم المُتَّحِدة بنظامها الجديد، واستأنفت المُنظَّمة عملها، حيث اعتمدت في عام 1948 الاتِّفاقية رقم (87)، والتي تتعلَّق بحُرّية تكوين الجمعيّات، والحقّ في التنظيم، علماً بأنّ المُنظَّمة كانت آنذاك تحت قيادة الأمريكيّ ديفيد مورس.
عمل المُنظَّمة بعد الحرب:
استمرَّت رئاسة ديفيد مورس لمُنظَّمة العمل حتى عام 1970، وخلال هذه الفترة أصبحت المُنظَّمة ذات طابع عالَميّ، وتضاعفت عدد الدُّول المُنضَمَّة إليها، وارتفعت ميزانيّتها إلى خمسة أضعاف، أمّا عدد المسؤولين فيها فقد ارتفع إلى أربعة أضعاف ما كان عليه عند بداية تأسيسها، كما تمّ تأسيس كلٍّ من المعهد الدوليّ للدراسات العُمّالية في مدينة جنيف، ومركز التدريب الدوليّ في مدينة تورينو، وتكلَّلت إنجازات المُنظَّمة بنَيلها جائزة نوبل للسلام في عام 1969، ومن المهمّ بمكان ذِكر أنّ عمل المُنظَّمة قد تطوَّر بشكل ملحوظ، وخاصّة بعد تولّي الفرنسيّ فرنسيس بلانشارد قيادتها،حيث توسَّع تعاونها التقنيّ مع الدُّول النامية، وحافظت على قوّتها الاقتصاديّة على الرغم من انسحاب الولايات المُتَّحِدة، كما ساهمت في تحرير بولندا من نظام الديكتاتوريّة، وفي عام 1989، ساعد على توجيه المُنظَّمة إلى اللامركزيّة في الأنشطة، والموارد، وركَّز على وضع العدالة الاجتماعيّة ضمن أُسُس السياسات الاجتماعيّة، والاقتصاديّة للدُّول، أمّا في ما يتعلَّق بعام 1999، فقد تولّى قيادة المُنظَّمة التشيليّ خوان سومافيا الذي أكَّد خلال ولايته على تعزيز عولمة عادلة، وجَعْل العمل اللائق هدفاً دوليّاً استراتيجيّاً، وأداة،للتخفيف من حِدّة الفَقر، وفي عام 2012، استلم الأمريكيّ غاي رايدر إدارة المُنظَّمة، وقد تمَّ انتخابه لفترة رئاسته الثانية في عام 2016 وحتى الأن.
مبادئ مُنظَّمة العمل الدوليّة:
تستند مُنظَّمة العمل الدوليّة إلى أربعة مبادئ أساسيّة، وهي:
- القضاء على الفقر، وهو أمر يتطلَّب جُهداً وطنيّاً، ودوليّاً مُتواصلاً، حيث يُساهم فيه مُمثِّلو العُمّال، وأصحاب العمل، والحكومات، من خلال نقاش حُرٍّ، وديمقراطيّ، لفائدة الجميع.
- حُرّية التعبير، وحُرّية الاجتماع، يُعدّان أمرين لا غنى عنهما، لإحداث التقدُّم، وضمان استمراره.
- العمل ليس سلعة.
- الفقر في أيّ مكان يُشكِّل خطراً على الرفاهيّة في كلّ مكان.
أهداف مُنظَّمة العمل الدوليّة:
تسعى مُنظَّمة العمل الدوليّة إلى تحقيق أربعة أهداف استراتيجيّة، وهي:
-دعم تحقيق الحماية الاجتماعيّة للعاملين جميعهم.
- إنشاء، وتشجيع مختلف المبادئ، والمستويات، والحقوق الأساسيّة في مجال العمل.
- إتاحة الفرصة بشكل مُتزايد للرجال، والنساء، للعمل، وتحقيق الدخل الجيّد.
- تحقيق، وترسيخ التعاوُن الثلاثيّ بين العُمّال، وأصحاب العمل، والإدارة، والتأكيد على الحوار الاجتماعيّ.
الهيئات الرئيسيّة لمُنظَّمة العمل الدوليّة:
تُؤدّي مُنظَّمة العمل الدوليّة مهامّها من خلال ثلاث هيئات رئيسيّة مُمثَّلة بثلاث جهات، هي: الحكومات، والعُمّال، وأصحاب العمل، وهذه الهيئات هي:
- مُؤتمر العمل الدوليّ: ويُسمَّى أيضاً البرلمان الدوليّ للعمل، حيث يُعقَد هذا المؤتمر في مدينة جنيف كلّ عام، ويتمُّ فيه تحديد معايير العمل الدوليّة، والسياسات العامّة للمُنظَّمة، بالإضافة إلى مناقشة المسائل العمليّة، والاجتماعيّة الرئيسيّة.
- مجلس الإدارة: وهو المجلس التنفيذيّ لمُنظَّمة العمل الدوليّة، حيث يُعقَد في مدينة جنيف ثلاث مرّات خلال العام الواحد، ويتمُّ فيه وضع البرنامج، والميزانيّة، والاتِّفاق على قرارات تخصُّ السياسة العامّة لمُنظَّمة العمل الدوليّة، إذ تُعرَض هذه القرارات على المُؤتمَر، ليتمَّ اعتمادها.
- مكتب العمل الدوليّ: وهو يُمثّل الأمانة الدائمة لمُنظَّمة العمل الدوليّة، ونقطة الاتِّصال لأنشطتها الشاملة التي يتمُّ إعدادها من قِبَل مجلس الإدارة، وبتصرُّف المدير العامّ للمُنظَّمة.
الاتِّفاقيات الرئيسيّة لمُنظَّمة العمل الدوليّة:
توصَّلت مُنظَّمة العمل الدوليّة منذ بداية تأسيسها إلى اعتماد مجموعة من الاتِّفاقيات التي تخصُّ قضايا العمل، والعُمّال، وأهمّ هذه الاتِّفاقيات:
- اتِّفاقية العمل الجبريّ، والتي تمّ اعتمادها في عام 1930.
-اتِّفاقية الحُرّية النقابيّة، وحماية حقّ التنظيم، والتي تمّ اعتمادها في عام 1948.
- اتِّفاقية حقّ التنظيم، والمفاوضة الجماعيّة، والتي تمّ اعتمادها في عام 1949.
- اتِّفاقية المساواة في الأجور، والتي تمَّ اعتمادها في عام 1951.
- اتِّفاقية إلغاء العمل الجبريّ، والتي تمَّ اعتمادها في عام 1957.
- اتِّفاقية التمييز (في الاستخدام، والمهنة)، والتي تمَّ اعتمادها في عام 1958.
- اتِّفاقية تحديد الحدّ الأدنى للسنّ، والتي تمّ اعتمادها في عام 1973م.
-اتِّفاقية وكالات الاستخدام الخاصّة، والتي تمّ اعتمادها في عام 1997م.
-اتِّفاقية أسوأ أشكال عمل الأطفال، والتي تمّ اعتمادها في عام 1999م.
-اتِّفاقية العُمال المنزليّين، والتي تمّ اعتمادها في عام 2011.