لنزرع الحب!
احتفل العالم بعيد الحب يوم ١٤ الشهر الجاري من كل عام.. كما يحتفل المصريون بيومين للحب أحدهما ١٤ فبراير والثاني الذي دعا للاحتفال به الكاتب الصحفي الكبير الأستاذ مصطفى أمين يوم ٤ نوفمبر .
وبمناسبة عيد الحب تذكرت هذه القصة المؤثرة يُحكى عن رجل كان يسكن في إحدى المدن الكبرى, وكان كل يوم يركب القطار ليتوجه إلى عمله في أحد المصانع الكبيرة, وكانت رحلة الطريق تستغرق خمسين دقيقة, وفي إحدى المحطات التي يقف فيها القطار, صعدت سيدة كانت دائماً تحاول الجلوس بجانب النافذة, وكانت تلك السيدة أثناء الطريق تفتح حقيبتها وتخرج منها كيساً, ثم كانت تمضي الوقت وهي تقذف شيئاً من نافذة القطار, وكان هذا المشهد يتكرر مع السيدة كل يوم, أحد المتطفلين من ركاب القطار سأل السيدة: ماذا تقذفين من النافذة؟! فأجابته السيدة: أقذف البذور! قال الرجل: بذور!! بذور ماذا؟!! قالت السيدة: بذور ورود, لأني أنظر من النافذة وأرى الطريق هنا فارغة, ورغبتي أن أسافر وأرى الورود ذات الألوان الجميلة طيلة الطريق, تخيل كم هو جميل ذلك المنظر؟!! قال الرجل: لا أظن أن هذه الورود يمكنها أن تنمو على حافة الطريق؟!! قالت السيدة: أظن أن الكثير منها سوف يضيع هدراً ولكن بعضها سيقع على التراب وسيأتي الوقت الذي فيه ستزهر وهكذا يمكنها أن تنمو, قال الرجل: ولكن هذه البذور تحتاج إلى الماء لتنمو!! قالت السيدة: نعم، أنا أعمل ما علّي وهناك أيام المطر, إذا لم أقذف أنا البذور، هذه البذور لا يمكنها أن تنمو, ثم أدارت رأسها, وقامت بعملها المعتاد، نثر البذور, نزل الرجل من القطار وهو يفكر ويقول لنفسه: إن السيدة تتمتع بالقليل من الخرف, مضى الوقت, وفي يوم من الأيام، وفي نفس مسلك القطار, جلس نفس الرجل بجانب النافذة, ورفع بصره فنظر في الطريق فإذا به مليئاً بالورود على جانبيه، ياه، كم من الورود؟، إنها كثيرة، وما أجملها، لقد أصبح الطريق جميلاً ممتعاً للناظر إليه، معطر، ملون، يزهو بالورود والأزهار, تذكر الرجل السيدة الكبيرة في السن التي كانت تنثر البذور, فسأل عنها بائع التذاكر في القطار، وقال له : أين السيدة كبيرة السن التي كانت تلقي بالبذور من النافذة، أين هي؟! فكان الجواب: أنها ماتت إثر نزلة صدرية الشهر الماضي, عاد الرجل إلى مكانه, وواصل النظر من النافذة وهو مستمتع برؤية بالزهور الرائعة, فكر الرجل في نفسه وقال: الورود تفتحت، ولكن ماذا انتفعت السيدة المُسنة من هذا العمل؟؟!! المسكينة ماتت ولم تتمتع بهذا الجمال, وفي نفس اللحظة سمع الرجل صوت طفلة كانت تجلس في المقعد الذي أمامه وهي تنظر للورود من النافذة وتقول: أنظر يا أبي، كم هو جميل الطريق! يا إلهي! كم تملأ الورود هذا الطريق! حينئذ فهم الرجل مغزي مافعلته السيدة المُسنة, فحتى ولو أنها لم تتمتع بجمال الزهور التي زرعتها, فإنها كانت سعيدة لأنها قد منحت الناس هدية عظيمة, يا لها من رسالة جميلة حقاً, ألق أنت بذورك، لا يهم إذا لم تتمتع برؤية الأزهار اليوم، بالتأكيد شخص ما سيستمتع بها وسيستفيد من الحب الذي نثرته.