خبراء التشييد والبناء يرسمون خريطة التنمية المستدامة من خلال «الاقتصاد الأخضر»
أشاد خبراء بقطاع التشييد والبناء بالإجراءات والخطوات الكبيرة التى اتخذتها مصر للاستجابة لتحديات تغير المناخ، والمضى قدمًا نحو التحول إلى «الاقتصاد الأخضر»، خاصة مع استضافة مدينة شرم الشيخ مؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لمواجهة تغير المناخ «٢٧ COP».
وأوضح الخبراء، الذين تحدثت معهم «الدستور»، أن من بين هذه الخطوات إنشاء أنظمة النقل الذكية ومشروعات الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى تحديث استراتيجية التنمية المستدامة «رؤية مصر٢٠٣٠» من حيث الاستجابة للتحديات المتعلقة بتغير المناخ.
وطالب هؤلاء الخبراء، فى الوقت نفسه، بمزيد من الإجراءات لتعزيز التحول نحو «الاقتصاد الأخضر»، وزيادة التمويل العام للتكيف مع التغيرات المناخية، من خلال الاستثمار المباشر، والتغلب على المعوقات التى تحول دون مشاركة القطاع الخاص فى ذلك.
ودعوا كذلك إلى استخدام التعافى المالى من جائحة «كورونا» لتحقيق نمو اقتصادى قادر على التكيف، مشددين على ضرورة مساعدة الدول المتقدمة للدول النامية على تحمل أعباء التكيف مع التغير المناخى.
حسن عبدالعزيز: إصدار أول «سندات خضراء» فى شمال إفريقيا والشرق الأوسط
قال المهندس حسن عبدالعزيز، رئيس الاتحاد الإفريقى لمنظمات التشييد والبناء، إن الحكومة المصرية اتخذت العديد من الإجراءات والخطوات الكبيرة، ونفذت عددًا من السياسات، للتحول إلى «الاقتصاد الأخضر» والتكيف مع تأثيرات تغير المناخ على مختلف مناحى الحياة.
وأوضح «عبدالعزيز» أنه على صعيد التخطيط الاستراتيجى، حدّثت الحكومة استراتيجيتها للتنمية المستدامة «رؤية مصر ٠٣٠٢»، للاستجابة للتحديات الجديدة والناشئة، بما فى ذلك النمو السكانى وتغير المناخ وندرة المياه.
وأضاف أنه من المنتظر إطلاق عدد من الاستراتيجيات الأخرى لتعزيز الانتقال نحو «الاقتصاد الأخضر»، من بينها الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية، والاستراتيجية الوطنية للهيدروجين، والاستراتيجية الوطنية للموارد المائية، فضلًا عن إصدار مجموعة من الحوافز الاقتصادية لتعزيز «التحول الأخضر».
وأشار إلى أن المرحلة الثانية من البرنامج الوطنى للإصلاح الهيكلى تضمنت مجموعة كبيرة من الإصلاحات الجذرية والموجهة جيدًا على المستويين الهيكلى والقانونى، لزيادة مرونة الاقتصاد الحقيقى فى مواجهة التحديات المناخية، فضلًا عن إطلاق وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، بالتعاون مع وزارة البيئة، دليل معايير الاستدامة البيئية، وذلك بهدف جعل الخطة الاستثمارية خضراء.
ونبه إلى إصدار الحكومة أول «شهادات خضراء» فى مصر، بقيمة ٠٥٧ مليون دولار، لتمويل أو إعادة تمويل مشروعات خضراء، فى قطاعات مثل النقل والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، لتكون أول «سند حكومى أخضر» تصدره دولة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الأمر الذى وضعها على خارطة التمويل المستدام بالمنطقة.
داكر عبداللاه: العالم المتقدم مطالب بمساعدة الدول النامية لمواجهة التغيرات المناخية
أوضح المهندس داكر عبداللاه، نائب رئيس الاتحاد العربى للمجتمعات العمرانية، عضو جمعية رجال الأعمال المصريين، أن الدول النامية بشكل عام تواجه زيادة تكاليف التكيف مع التغيرات المناخية بمقدار ٥ إلى ١٠ أضعاف التدفقات الحالية لتمويل التكيف العام، منبهًا إلى أن فجوة تمويل التكيف آخذة فى الاتساع.
وأضاف أن تدفقات تمويل التكيف مع تغيرات المناخ إلى البلدان النامية بلغت نحو ٧٩.٦ مليار دولار، فى عام ٢٠١٩، ومن المتوقع أن تصل تكاليف التكيف فى نطاق التقديرات الأعلى إلى ما بين ١٤٠ و٣٠٠ مليار دولار سنويًا، بحلول عام ٢٠٣٠، ونحو ٢٨٠ إلى ٥٠٠ مليار دولار سنويًا بحلول ٢٠٥٠، للبلدان النامية فقط.
وواصل: «تشير الدلائل المبكرة إلى أن عمليات تطوير خطط التكيف الوطنية قد تعطلت بسبب التعرض لجائحة كوفيد- ١٩، إلا أن هناك تقدمًا قد أُحرز فى التخطيط، فقد اعتمدت حوالى ٧٩٪ من البلدان أداة واحدة على الأقل لتخطيط التكيف على المستوى الوطنى، سواء كانت خطة أو استراتيجية أو سياسة أو قانونًا، بزيادة قدرها ٧٪ مقارنة بعام ٢٠٢٠، ووضعت ٦٥٪ على الأقل من البلدان خطة قطاعية واحدة أو أكثر، ولدى ٢٦٪ من هذه البلدان على الأقل واحدة أو أكثر من أدوات التخطيط دون الوطنية».
وبيّن أن ذلك يعنى أن تنفيذ إجراءات التكيف يتواصل لكن ببطء، لافتًا إلى بيانات منظمة التعاون والتنمية فى الميدان الاقتصادى، التى تشير إلى أن أكبر ١٠ مانحين مولوا أكثر من ٢٦٠٠ مشروع يركز على التكيف، بين عامى ٢٠١٠ و٢٠١٩، كما تزايد عدد المشاريع مع جذب المزيد من التمويل.
واختتم بقوله: «يجب على الاقتصادات المتقدمة مساعدة البلدان النامية على تحرير الحيز المالى لجهود الانتعاش الخضراء، والقدرة على الصمود أمام استمرار الفيروس العالمى (كوفيد- ١٩)، من خلال التمويل الميسر وتخفيف أعباء الديون».
أحمد رضا: مشروعات لتحسين جودة الهواء وحماية الدلتا والساحل الشمالى
أشار المهندس أحمد رضا، مدير مشروعات المياه والصرف الصحى بالجيزة، إلى أن مشروع تعزيز التكيف هو أحـد مشـروعات صنـدوق «المنـاخ الأخضر»، الـذى يُنفذ بالتعـاون مـع برنامـج الأمم المتحـدة الإنمائى، ويسـعى إلـى دعـم جهـود التكيف التـى تبذلهـا مصـر فـى دلتـا النيـل، وحددهـا الفريـق الحكومـى الدولـى المعنـى بتغيـر المنـاخ فـى تقريـره التقييمى الرابع.
وأضاف «رضا» أن المشـروع يهدف أيضًا إلـى الحـد مـن مخاطـر الفيضانـات السـاحلية فـى السـاحل الشـمالى لمصـر، بسـبب الجمـع بيـن ارتفـاع مسـتوى سـطح البحـر المتوقـع ومزيـد مـن تكـرار العواصـف الشـديدة.
ويركـز المشـروع علـى بنـاء ٦٩ كم مـن السـدود الرمليـة، علـى طـول ٥ نقـاط سـاخنة عرضة للخطـر داخـل دلتـا النيـل، إلى جانب وضع خطـة متكاملـة لإدارة المناطــق الســاحلية للسـاحل الشــمالى بأكملــه، لإدارة مخاطــر تغيــر المنــاخ علـى المــدى الطويـل، وتزويـد مصـر بالقـدرة علـى التكيف مـع مخاطـر الفيضانـات المحتملـة عـن طريـق إدمـاج المخاطـر الإضافية لتغيـر المناخ فــى إدارة السواحل وتخطيطهــا، ووضع ميزانياتهــا وتنفيــذ تدابيــر الحــد مــن المخاطــر.
وكشف عن إقرار البنك الدولى مشروع تحسين جودة الهواء ومكافحة تغير المناخ وتقليص انبعاثات ملوثات الهواء والاحتباس الحرارى وتحسين إدارة المخلفات الصلبة فى القاهرة الكبرى، بقيمة ٢٠٠ مليون دولار.
محمد الحداد: مخطط لزيادة الاستثمارات المستهدفة لـ60% بحلول ٢٠٢٤/ 2025
أكد المهندس محمد الحداد، عضو مجلس إدارة الاتحادين المصرى والإفريقى لمقاولى التشييد والبناء، أن الدولة تهدف لزيادة حجم الاستثمارات الخضراء المستهدفة فى خطط التنمية. وأوضح أن المشروعات الخضراء تمثل نحو ١٥٪ من حجم مشروعات خطة الاستثمار الوطنية للسنة المالية ٢٠٢٠/ ٢٠٢١، وتهدف الحكومة إلى مضاعفة هذه النسبة إلى ٥٠٪ أو ٦٠٪، بحلول ٢٠٢٤/ ٢٠٢٥.
وأضاف أن هذه المشروعات تركز على معالجة تغير المناخ، والانتقال إلى «الاقتصاد الأخضر»، من خلال إنشاء أنظمة نقل ذكية، مثل النقل الخفيف بالسكك الحديدية، والسكك الحديدية الأحادية للتنقل الأنظف، علاوة على مشروعات لتحسين الوصول إلى المياه والصرف الصحى، مثل أنظمة الرى الحديثة وقنوات الصرف ومحطات تحلية مياه البحر والصرف الصحى ومحطات الرفع.
وواصل: «وفيما يتعلق بتعزيز الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، أنشأت الحكومة توربينات الرياح، ومحطة الطاقة الكهروضوئية، ومحطات الطاقة الشمسية»، كاشفًا عن أنه من المستهدف تعزيز قدرة الطاقة المتجددة لتغطية ٤٢٪ من احتياجات الكهرباء بحلول عام ٢٠٣٠.
إيرينى ميشيل: بيع 80 مليون لمبة موفرة وكشافات فى الفترة بين عامى 2014 و2018
قالت المهندسة إيرينى ميشيل، عضو لجنة الصناعة بجمعية رجال الأعمال، إن مشروع تحسين كفاءة الطاقة بالتحول للإضاءة الموفرة يجرى تنفيذه بالتعاون بين وزارة الكهربـاء والطاقـة المتجـددة، وبرنامـج الأمم المتحـدة الإنمائى، وبدعـم مـن مرفـق البيئـة العالمـى.
وأضافت أن المشروع يستهدف تحسـين كفـاءة الطاقـة فـى القطـاع المنزلـى، باعتبـاره أكبـر القطاعـات المسـتهلكة للطاقـة الكهربائيـة فـى مصـر بنسبة ٤٢٪، نظـرًا للنمـو المتزايـد لاستخدام الأجهزة المنزليـة الحديثـة.
وأشارت إلى تنفيذ أكثـر مـن ١٥ مشـروعًا رائـدًا لتحسـين كفـاءة الطاقـة فـى مختلف أنـواع المبانـى، من خلال تقديـم الدعـم الفنـى والتمويـل المشـترك، أدى ذلـك إلـى وفـورات تتـراوح بيـن ٢٥٪ و٤٠٪ مـن إجمالـى استهلاك الكهربـاء.
وأضافت أن هذه المشروعات تهـدف إلـى تعزيـز تدابيـر كفـاءة الطاقـة وتغييـر المفاهيـم وتحويـل السـوق لتصبـح موفـرة للطاقـة، ونوهت بأن مشـروع تحسـين كفـاءة الطاقـة رصد الانخفاض الملحـوظ فـى أسـعار اللمبـات «الليـد» وزيـادة الطلـب عليها، فـى الفتـرة مـا بيـن ٢٠١٤ و٢٠١٨، حتـى تخطـت المبيعـات أكثـر مـن ٨٠ مليـون لمبـة، إضافة إلـى كشـافات الشـوارع.
راندة حافظ: إصدار التشريعات وتوقيع الاتفاقيات يسهمان فى تنفيذ خطة العمل
شددت المهندسة راندة حافظ، عضو مجلس إدارة الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد، على أن الحكومة تبذل جهودًا مضنية لمعالجة المشكلات البيئية، بداية من الجهود التشريعية والتنظيمية بصدور قانون البيئة، وإنشاء وزارة مستقلة للبيئة، فضلًا عن توقيع ٦٨ اتفاقية وبروتوكولًا للحفاظ على البيئة ومواردها الطبيعية، وتنفيذ استراتيجية وطنية وخطة عمل قومية فى مجال التنوع البيولوجى.
وقالت عضو مجلس الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد إنه تم اعتماد البُعد البيئى كمحور أساسى فى جميع القطاعات التنموية والاقتصادية فى استراتيجية التنمية المستدامة ٢٠٣٠، وتعتزم الحكومة الوصول إلى ٦٩١ مشروعًا أخضر، فى العام المالى الحالى ٢٠٢١/٢٠٢٢، على أن تكون ٣٠٪ من المشروعات «خضراء» بحلول ٢٠٢٤.
وأشادت بمشاركة مصر فى قمة الأمم المتحدة للمناخ فى نسختها الـ٢٦ بمدينة جلاسكو، واستضافتها النسخة الـ٢٧ فى نوفمبر المقبل، ممثلة للقارة الإفريقية، إلى جانب إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ ٢٠٥٠.