الملاذ الآمن.. «الدستور» ترصد جهود إعمار المساجد فى قرى المبادرة الرئاسية
لعقود طويلة عانت مصر من الإرهاب، سواء بمفهومه القريب المتعلق بحمل السلاح وقتل الأبرياء، أو البعيد المتمثل فى نشر الأفكار المتطرفة خاصة بين الشباب، وبالتالى دفعهم لتنفيذ عمليات إرهابية وتخريبية، بعد النجاح فى غسل أدمغتهم بشكل كامل.
واستخدمت التنظيمات الإرهابية العديد من الوسائل لنشر الأفكار المتطرفة والمسمومة بين المئات من الشباب، فى القرى النائية والفقيرة على وجه التحديد، وفى ظل استناد غالبية هذه الأفكار إلى خلفية دينية مبنية على فهم خاطئ، كانت المساجد وزوايا الصلاة الصغيرة على رأس هذه الوسائل.
واستغلت هذه التنظيمات تراجع اهتمام الدولة فى العهود السابقة بتطوير المساجد والزوايا، وانعدام المتابعة لها من الجهات المعنية، فسيطرت عليها بشكل كامل وراحت تبث أفكارها المسمومة عن طريقها، لكل من جاء إليها من أجل الصلاة.
وخلافًا لهذا التجاهل الذى ظل سنوات طويلة، انتبهت الدولة للدور الكبير للمساجد، خلال السنوات الأخيرة، فبدأت فى تجديدها وتحديثها، سواء من الناحية المعمارية، أو فيما يتعلق بتأهيل أئمتها ومتابعتهم من قِبل وزارة الأوقاف، وكان للمبادرة الرئاسية «حياة كريمة» دور كبير فى ذلك نستعرضه خلال السطور التالية.
الأوقاف:20 مليون جنيه لإنشاء وترميم المئات من بيوت الله فى 2021
قال عبدالله حسن، المتحدث باسم وزارة الأوقاف، إن الوزارة تعاونت مع مؤسسة «حياة كريمة» لإجراء حصر شامل فى كل القرى المستهدفة بجهود المبادرة، من أجل معرفة القرى التى تفتقر لوجود مساجد وبالتالى بناء عدد منها هناك، إلى جانب المساجد الموجودة بالفعل وتحتاج إلى ترميم وتحديث وإعادة إعمار.
وأضاف «حسن»، لـ«الدستور»: «بعد أن انتهت (حياة كريمة) من حصر الاحتياجات اللازمة لدعم القرى ومساجدها، تدخلت الأوقاف فورًا ووفرت التمويل اللازم، والعمل متواصل حاليًا لإنجاز المطلوب فى القرى».
وكشف متحدث «الأوقاف» عن وصول ما تم إنفاقه من قِبل الوزارة فى تعاونها مع مبادرة «حياة كريمة»، حتى نهاية العام الماضى ٢٠٢١، إلى نحو ٢٠ مليون جنيه، مع خطط لزيادة هذا المبلغ إلى ٤٠ مليون جنيه، خلال الفترة المقبلة.
وأوضح أنه تم إحلال وتجديد ٨٣ مسجدًا بتكلفة مليون و٣٠٠ ألف جنيه، وصيانة وترميم ٩٦ مسجدًا بتكلفة ٢.٥ مليون جنيه، مع العمل حاليًا على ترميم وإعادة إنشاء ١٣١ دار عبادة، بعد النجاح فى إنشاء ٣٠٧ مساجد جديدة.
وأشار إلى وصول إجمالى المساجد التى تم فرشها من خلال المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» إلى ٣٥٨ مسجدًا، بمساحة إجمالية تقدر بنحو ٩٣ ألفًا و٨٦٨ مترًا مربعًا من سجاد «المحراب»، الذى تم إنتاجه فى مصنع سجاد دمنهور المملوك لهيئة الأوقاف المصرية.
ورأى أن الفارق الذى صنعته المبادرة الرئاسية لم يكن يتم إنجازه لو توقف الأمر على «الأوقاف» وحدها، لكن يعود الفضل لشباب مؤسسة «حياة كريمة» ومتطوعيها، الذين يعملون كخلية النحل فى ربوع مصر.
وبَيّن أن هؤلاء الشباب راعوا تزويد المساجد بمدارس تحفيظ قرآن، ومكاتب مزودة بمؤلفات ومترجمات لنشر الفكر الوسطى المستنير، من أهمها سلاسل: «رؤية للفكر المستنير» و«رؤية للنشء» و«رؤية المترجمة».
ناجى عبدالله: تلعب دورًا فى تجديد الخطاب الدينى
كشف ناجى عبدالله، من أهالى قرية «ببلاو» بمركز ديروط، عن أن مبادرة «حياة كريمة» التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى، تدرك أن تراجع دور الخطاب الدينى هو السبب فى ظهور مشكلات كثيرة فى المجتمع لذا تلعب المبادرة دورًا فى تجديد الخطاب الدينى، مشيرًا إلى أن القرية تضم ١٠ آلاف نسمة، وكان مسجدها صغيرًا ومتهالكًا، ولا تزيد مساحته على ٢٦٠ مترًا مربعًا، وكان لا يكفى جميع المصلين. وتابع: «كان الأهالى يخافون من الذهاب للمسجد أو عقد قران فيه، لأنه قد ينهار فى أى وقت»، لافتًا إلى أن المبادرة الرئاسية جمعت تبرعات من الأهالى للمشاركة فى تطوير المسجد، ونجحت فى إعادة بنائه على مساحة ٦٠٠ متر، ليستوعب أهالى القرية. وقال: «جهود المبادرة تعتبر ردًا قويًا على كل إرهابى يشكك فى جهود الدولة حاليًا.. الآن لم يعد بإمكان المتطرفين نشر الفتنة»، موجهًا الشكر للرئيس السيسى، الذى يحرص على أن يعيش كل مواطن حياة كريمة.
حسن الزيات:التطوير خلال شهرين بعد سنوات الإهمال
أكد حسن الزيات، مقيم شعائر بالمسجد الشرقى بقرية الأبرار، بمركز دمنهور بمحافظة البحيرة، أن مساحة المسجد الكبيرة، التى تزيد على ٤٠٠ متر مربع، جعلت من الصعب ترميمه بالجهود الذاتية لأهالى القرية، خاصة بعدما ظهر بجدرانه بعض التشققات. وأضاف: عانى المسجد من الإهمال الجسيم منذ ١٤ عامًا، كما أنه لم يتم تجديده منذ بنائه قبل ٤ عقود، لذا لم تكن مصابيح الإنارة والصنابير بدورات المياه تعمل بكفاءة، وكان الفرش فى حالة سيئة، وكان المصلون يأتون للصلاة ومعهم سجادات الصلاة، كما أن معظمهم اضطر للمشى مسافات طويلة والذهاب لمساجد بعيدة من أجل الصلاة، وذلك بسبب حالة المسجد السيئة. وأكمل: «من خلال شباب حياة كريمة والهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة تم تركيب الرخام فى أرضية المسجد وفرشه بالسجاد وتزويده بمصابيح الإنارة والمكيفات، وتم افتتاحه فى وقت قياسى خلال أقل من شهرين، بعدما بات صالحًا لإقامة الشعائر مجددًا».
محمد عبدالله: أنقذت مسجد الحسين الأثرى
أعلن محمد عبدالله، منسق حياة كريمة بقرية الكوم الأحمر بفرشوط، فى قنا، عن أن المبادرة أولت أهمية كبرى لترميم ٧ مساجد قديمة، من بينها مسجد الحسين الأثرى الذى يعود تاريخ إنشائه إلى نحو ١٠٠ عام مضت.
وأضاف: «الأهالى كانوا سيرفضون أى أعمال تطوير دون إشراف هيئة أبنية الأوقاف والآثار للحفاظ على شكله وبنيته الأثرية والنقوش والزخارف المرسومة على جدرانه منذ عقود، لذا تمت عملية الإصلاح بدقة كبيرة واستغرقت عملية تطويره نحو ٧ أشهر، وبعد البناء تولت المبادرة تنفيذ التشطيبات، وطورت دورات المياه، وركبت الرخام بأرضية المسجد وبالمحراب، وفرشته بالسجاد مع تركيب منظومة تكييف مركزى، وألحقت به قاعة مناسبات كبيرة تعفى الأهالى من أعباء إقامة المناسبات فى قاعات خاصة عالية التكلفة». واختتم: «فرحة الأهالى بالنتيجة النهائية لأعمال التطوير لا توصف، فالمسجد أصبح شبيهًا بالمساجد الكبرى فى القاهرة، التى تنقل منها صلوات الجمعة والأعياد».
محمد سلام:أعادت بناء وتوسعة جامع نجريج
من نجريج بلد فخر العرب، محمد صلاح، زرنا مسجد «الدعوة» الذى انتظر أهلها تطويره طويلًا، ليكون لديهم مسجد يليق بقرية تحظى باهتمام إعلامى كبير كونها مسقط رأس النجم الدولى.
وقال محمد سلام، من أبناء القرية، إن الأهالى سبق لهم أن خاطبوا مديرية الأوقاف لتبدأ ترميم المسجد وإصلاحه، فى عصور سابقة، لكن كانت جميع الردود عبارة عن وعود لم تنفذ بإدراجه فى خطة العمل.
وأضاف: «بمجرد إدراجه ضمن مشروعات حياة كريمة، التى تتم تحت إشراف الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، خضع المسجد لعملية تطوير شاملة بدأت بالمحارة والدهان وتركيب الرخام، وتغيير كل مصابيح الإضاءة، وتجهيز أماكن لتركيب المكيفات وتغيير السجاد ومكبرات الصوت».
وتابع: «مساحة المسجد الصغيرة جعلت إصلاحه عملية صعبة للغاية، لذا تبرع عدد من أهالى القرية بقطعة أرض إضافية لتوسعته، لكى تصبح هناك ساحة خارجية للصلوات والدروس الدينية».