انطلاق سلسلة ندوات «شوامخ المحققين» بدار الكتب الخميس
تحتفي الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية برئاسة الأستاذة الدكتورة نيفين محمد موسى، بشوامخ المحققين ممن أفنوا أعمارهم في تحقيق التراث المخطوط وتقديمه للقراء والباحثين ومحبي التراث.
وفي سبيل ذلك تم تخصيص مركز تحقيق التراث بالهيئة سلسلة من الندوات بعنوان «شوامخ المحققين» تنعقد الندوات خلال النصف الأول من عام ٢٠٢٢ كالتالي:
تبدأ سلسلة الشوامخ بندوة عن الشيخ محمد محيي الدين عبدالحميد ويتحدث فيها الأستاذ الدكتور إبراهيم الهدهد وذلك في الثانية عشر من ظهر الخميس ٢٧ يناير ٢٠٢٢.
ولد الشيخ محمد محيي الدين عبدالحميد في قرية كفرالحمام بمحافظة الشرقية سنة 1318 هـ / 1900 م، ونشأ في كنف والده العالم الأزهري الشيخ عبدالحميد إبراهيم الذي كان من رجال القضاء والفتيا، فدفع به إلى من يحفظه القرآن ويعلمه مبادئ القراءة والكتابة، حتى إذا انتهى من ذلك التحق بمعهد دمياط الديني حين كان والده قاضيًا بفارسكور ودمياط، ثم انتقل إلى معهد القاهرة لما انتقل والده لتقلد منصب المفتي لوزارة الأوقاف، وظل بالأزهر حتى حصل على شهادة العالمية النظامية مع أول فرقة دراسية تنال هذه الدرجة وفق طريقة دراسية منتظمة، وذلك في سنة 1344هـ = 1925.
وظهرت مواهب الشيخ الجليل مبكرًا، وهو في طور الدراسة، وكان لنشأته في بيت علم وفقه أثر في ذلك، فقد شب وهو يرى كبار رجال العلم والقضاء يجتمعون مع أبيه في البيت ويتطارحون مسائل الفقه والحديث واللغة، فتاقت نفس الصغير إلى أن يكون مثل هؤلاء؛ فأكب على القراءة والمطالعة تسعفه نفس دءوبة وذاكرة واعية وهمة عالية، وطموح وثاب، وكان من ثمرة ذلك قيامه بشرح مقامات بديع الزمان الهمذاني شرحًا مسهبًا مستفيضًا مشحونًا بدرر الفوائد العلمية وتفسير الإشارات الأدبية والتاريخية التي تمتلئ بها مقامات الحريري، ونشر ذلك العمل وهو لا يزال طالبًا قبل أن يظفر بدرجة العالمية، وصدّر هذا الشرح بإهداء إلى والده عرفانًا بفضله عليه.
بعد التخرج يتلقفه معهد القاهرة مدرسًا به، حتى إذ أنشئت كليات الجامع الأزهر لأول مرة اختير للتدريس بكلية اللغة العربية سنة 1350هـ / 1931م، وكان أصغر أعضاء هيئة التدريس بالكلية سنًا، وكان هذا امتيازًا لم يحصل عليه بعض شيوخه وأساتذته، لكنه ناله بجده واجتهاده، ولم تمضِ عليه أربع سنوات بالكلية الجديدة حتى اختير سنة 1354هـ = 1935 للتدريس بتخصص المادة لطلبة الدراسات العليا، وزامل الكبار من أساتذته وشيوخه مزاملة خصبة مثمرة، فاعترفوا بفضله وعلمه، وتجاوزت شهرته جدران الكلية واسترعى انتباه الإمام الأكبر محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر؛ فاختاره محاضرًا في المناسبات الدينية العامة بالجامع الأزهر كالإسراء والمعراج والاحتفال بالهجرة والمولد النبوي كما مثل الأزهر في كثير من المؤتمرات الثقافية واللغوية والأدبية.