أصحاب أشهر «لمّة» لفاقدى البصر: نفعل كل شىء.. دون عينين
محمد «بيصلح ولاعات».. عبدالله يكتب الشعر والأغانى منذ الصغر.. وجبريل يقتدى بمجدى يعقوب
آمنوا بأن «النور مكانه فى القلوب»، رفض كل منهم أن يعيش «وحيدًا وسط الدروب» وقرر أن يكون «قد الحياة».
فقدوا البصر صحيح، لكن قلوبهم وأرواحهم مُبصرة ترى أبعد مما يراه أصحاب البصر السليم، حتى إن رأيتهم لوجدت فيهم العبارة القائلة: «قلوب العارفين لها عيون.. ترى ما لا يراه الناظرون».
هم مجموعة ممن اختبرهم الله بفقدان البصر، وجمعتهم الصداقة، فيلتقون أسبوعيًا على أحد المقاهى، ليستنهضوا طاقات بعضهم، ويحكوا عن أحلامهم وأعمالهم ويومياتهم، فيخرجون بأفكار ملهمة تعينهم على تحقيق النجاح فى حياتهم، على الرغم من ظروفهم الصعبة.
محمد وائل، واحد من هؤلاء، يرى أن تلك الجلسة ملهمة بالنسبة له، فخلالها يحكى لأصدقائه عن أحوال أولاده وأجواء يومه، ويعود معهم إلى ذكريات الطفولة، وكيف كان طفلًا يلهو ويلعب، حتى كان قدر الله بأن يتعرض لحادث ويفقد بسببه بصره.
يقول «وائل» إن أصدقاءه يستمعون إليه وهو يروى لهم الصعوبات التى تواجهه فى عمله الذى اختاره رغم كونه كفيفًا، وهو إصلاح القداحات «الولاعات»، فيتعجب بقية الأصدقاء ويذكرونه بالنكتة القديمة: «كفيف وبسوق طيارة»، متسائلين: كيف يرى تلك التفاصيل الدقيقة داخل «الولاعة» ويعيد إصلاحها رغم أنه لا يرى شيئًا؟
ويشارك فى التجمع ذاته بعض الكفيفات اللاتى يعملن فى المنتجات اليدوية، ويسعين لمساعدة صديقاتهن المقبلات على الزواج، خاصة فى التجهيزات.
ويُجمع أفراد الجلسة على أن حياتهم لا تحتاج إلى من يراقبها أو يسلط الضوء عليها، لأنهم يعتبرون أنفسهم أشخاصًا طبيعيين يمارسون كل أنشطة الحياة اليومية، لكن دون عينين.
هذا ما يؤكده جبريل النجار، الذى يعرف نفسه بأنه مواطن عادى يعيش فى محافظة الإسكندرية، ومثل جميع زملائه يذهب إلى العمل كل صباح، إما رفقتهم أو يسير وحده مستعينًا بإحدى المواصلات العامة المتوافرة للجميع، مشددًا على أنه «لا داعى لإعطاء غير المبصر لقب كفيف، حتى لا يشعر بأنه أقل من الآخرين».
ويكشف عن أن مجدى يعقوب ملهمه ومثله الأعلى، معتبرًا أنه «لا غاية ولا هدف من الحياة إلا إذا امتلك الإنسان حلمًا سعى لتحقيقه بالعزيمة والإصرار، وأن يتكيف مع ظروفه مهما كانت، فلا يوقفه كونه كفيفًا أو أصم أو أى شخص آخر من المنتمين لفئة ذوى الهمم».
أما عبدالله جوريش فقد أحب كتابة الشعر والغناء منذ صغره. يقول: «اللى بيحب يعمل حاجة بيعملها، بغض النظر عن ظروفه، وحتى لو ربنا أخد مننا نعمة البصر، فسبحانه عوضنا بحاجات تانية أكتر».
ولا يجد «جوريش» عذرًا لأولئك الذين يتحججون بظروفهم ويتوقفون عن تحقيق أحلامهم لمجرد أنهم من ذوى الهمم، مستدلًا على مجموعته: «اللى فيها المطرب والشاعر والمتفقّه فى الدين والموهوب فى كل أشكال التكنولوجيا».