فرحة لم تَدُم.. أفسدتها «مقترحات فيسبوك»
منذ فترة طويلة وأنا أحرص على تنقية ما يظهر لى من منشورات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، خصوصًا موقع «فيسبوك»، من أى «بوستات» مستفزة، أو موجهة، أو حتى لا تروق لى، وأقوم أولًا بأول بإلغاء متابعة أى صديق يشارك مثل هذه «البوستات»، أو يعيد إنتاجها، وفى القلب منها بالطبع منشورات اللجان الإلكترونية إياها.
وبالأمس كان لى أن أبدأ فى جَنى ثمرة هذه الحركة البسيطة، وأفرح بها، فقد بدت الصفحة العامة أمامى بالصورة التى تروق لى تمامًا.. كتابات وأخبار أدبية لبعض الأصدقاء، تليها مناقشات جادة بخصوص بعض مسائل الحياة فى مصر، وقصائد جديدة لأصدقاء أحبهم، إلى جانب بعض المواقع والصفحات الإخبارية التى أحرص على متابعتها.. باختصار كانت الصفحة أمامى خالية من أى سوء، وبلا أثر لتلك المنشورات الرديئة التى تعكر المزاج، وتثير فى النفس شعورًا بالاشمئزاز من تفاهة وغباء كتّابها وناقليها، حتى إننى مثلًا لم أقرأ أو يمر أمامى أى «بوست» ينتقد كلام محمد صلاح بشأن الخمر، و«إنه نفسه ما بتروحش ليها، ولم يقل إنها حرام»، لكننى قرأت ردودًا كثيرة من محبى صلاح على هذه الانتقادات.
والحقيقة أننى عندما لاحظت ذلك ابتسمت بينى وبين نفسى فرحًا بهذا الانتصار الصغير، إلا أنها فرحة لم تدُم طويلًا، أفسدتها وشوهتها «إدارة الفيسبوك»، والعاملون فى هذا الموقع المريب، وشعرت معها بحقيقة ما يتداوله البعض، ولا أوافقهم عليه، من أن الموقع يقع بالفعل أسيرًا لهوى بعض المتنفذين به من «الإخوانجية» أو من يوالونهم، أو يلفون لفهم.
بدأ الأمر «ببوست» لأحدهم يسب من ينتقد تصريحات أبوتريكة بشأن شارة «الكابتن» فى الدورى الإنجليزى، ويقول فيه ما قاله حسان بن ثابت فى نبينا الكريم، ولأننى لا أحب هذا الشخص، ولا أرى فيه غير مدّعٍ كذاب، تحركه الجماعة الأكذب فى تاريخ مصر، فقد استوقفنى «البوست» وتساءلت بينى وبين نفسى عن كيفية ظهوره لى، فوجدت عبارة مكتوبة فوقه بحروف باهتة، نصها ما معناه «مقترح لك»، ووجدت أن كاتب «البوست» ليس ضمن قائمة أصدقائى، ولا أتابعه، بل ولا أعرف عنه أى شىء.
طب لماذا تقترح لى إدارة «فيسبوك» منشورات هذا الشخص؟!
هل لأن عدد أصدقائى محدود، ومعظمهم غير نشيطين مثلًا؟! الحقيقة أننى لدىّ آلاف الأصدقاء، وجميعهم نشطون ما شاء الله، بل إن منهم من ينشر عشرات «البوستات» و«التغريدات» فى اليوم الواحد، والغريبة أننى لا أرى منشوراتهم جميعًا بسبب ما يسمونه «خوارزميات فيسبوك» أو شىء من هذا القبيل، فلماذا تقترحون لى ما لا أحب؟!
ما علينا، حذفت «البوست»، وتابعت بالإشارة إلى «عدم إظهار أى منشورات من كاتبه».. دقائق وظهر لى منشور آخر بنفس المعنى والمحتوى لشخص آخر، وبنفس العبارة السخيفة «مقترح لك»، فقمت بهدوء شديد بتكرار الأمر، حذفت البوست ثم طلبت عدم إظهار أى منشورات لكاتبه، وزدت بحظر هذا الشخص.
دقائق وظهر لى ثالث، ورابع وعاشر، واستمر الأمر حتى تحولت فرحة الانتصار الصغير إلى ضجر وقرف من متابعة إلغاء «بوستات الجماعة الإرهابية ولجانها»، وحظر من لا أعرفهم، سواء كانوا صفحات تابعة للجان التنظيم الإرهابى الإلكترونية، أو مجرد أشخاص ممن يسيرون كالقطيع فى ركابهم.
هنا أغلقت صفحة «فيسبوك»، وبدأت رحلة اليقين من وجود قصدية ما فى إظهار منشورات تلك الجماعة، تعمد واضح لا لبس فيه، وسيطرة مؤكدة على الموقع الأكثر انتشارًا وتأثيرًا، لكننى حتى هذه اللحظة لا أعرف إن كان ذلك بسبب العدد الضخم لتلك الصفحات المزيفة التى يضج بها الموقع، ونشاط لجان الجماعة الإلكترونية، أم أنها تتم بفعل إدارة الموقع و«خوارزمياته السخيفة» ومن يسيطرون عليه فى أركان الكرة الأرضية؟
اليوم.. فتحت الصفحة مرة أخرى لارتباطها بكثير من أمور العمل، وكلى أمل ألا يطالعنى وجه ذلك «الإخوانجى الكاذب»، ولا «مقترحات الموقع المخطوف»، وكلى أمل أن تفهم إدارة «فيسبوك» و«خوارزمياته» أن تلك المقترحات لن تجدى مع من حظر عشرات الصفحات فى ساعات معدودة، ولن تثنيه عن مواصله سعيه لتنقية صفحته مما ينشره القطيع، لكننى أظن أنه لا أحد يفهم، وأننى سوف أواصل الحظر، اليوم وغدًا، ولأيام تالية.. «ربما يفهم البقرُ».