مستشفى الدمى.. حياة أخرى لذكريات الطفولة
هذه فكرة مختلفة، تقوم على إعادة الحياة والأمل للدمى،.. نعم، ففي عالمنا المحيرة، هناك من يعاين الجمال وينفح عشرات الأفكار في دنيا العاديات والآثار الشعبية البسيطة، لكن ذات الدلالات المؤثرة في ذاكرة الشعوب.
فكرة انسانية، قد تبدو غريبة، ففي وقت يتلاشى الإنسان، يتفتت، ويتهمش، هناك من يثير البهجة والفن والثقافة الشفاهية والمادية ، بهدوء، دون صخب.
كيف كان هذا؟.
قبل أيام افصح تقرير إخباري لشبكة " يورونيوز"، وهي مؤسسة إعلامية تدعمها المجموعة الاوروبية، عن قصة مدهشة، عن حياة مختلفة تقوم في وسط مدينة نابولي جنوب إيطاليا.
بذكاء وبدون ضجيج، يقول التقرير انه يوجد( مكان خاص) لإستعادة عواطف الطفولة والذكريات الجميلة؛ ذلك أن هذا المكان، جامع، معالج، تقني، لكل اللعب(من الدمى مختلفة الأشكال والانواع والمصنع من مواد معدنية او بلاستيكية او خشبية، أو من القماش والقش)،.. ونحن، كبشر، أطفال وكبار، رجال ونساء، شباب وشابات :عشقناها ولكنها أصبحت - الدمى-رثة أو لم تعد قابلة للاستخدام مع مرور السنين.
.. فكرة، كأنها تجليات مختبر لسرد حكايات، تلتقي ونتجمع مع عوالم ذاكرة التراث البشري، وهذا ما حدث(....) مستشفى الدمى بنابولي، الذي يمنح الدمى والدببة، المكعبات والدرجات والكرات والصور الباز، حياة جديدة ويمنح لأصحابها فرصة استعادة طفولتهم الضائعة،.. واي طفولة عانت من أزمات وويلات الحروب والنزاعات والتشرد والهجرات.
.. " يورونيوز"، نقلت عن رئيسة مستشفى الدمى "تيزيانا غراسي "قولها: "عندما يتصل بنا الناس، فإن دافعهم الأول هو إخبارنا بقصتهم ولماذا تركت تلك الدمية أثرًا لا يمحى في حياتهم؟. فوراء كل دمية، هناك دائمًا قصة غير عادية".
عشرات القصص تدل عليها الدمى التي لعبنا بها، عشنا معها في السراء والضراء، نامت إلى جوارنا، حلمنا بها تنقلنا عبر الكون الخارجي، أو تنقذنا من وهم حكايات الجدات، وهنا، ما حقق لمستشفى الدمى تعاطفا، قل نظيره، فتواصل الناس معهم، رسائل من إيطاليا وأوروبا، ويرسل البعض بالدمى الثمينة إلى المستشفى حيث تتم عمليات التشخيص والعلاج وبالشكل المناسب لكل دمية.
.. "من خلال إصلاح الدمى، نستعيد مشاعر الناس ولحظات الطفولة الدقيقة تلك، والمشاعر التي شعروا بها عندما احتضنوا الشيء المفضل لديهم"؛ ذلك ما حمل مشاعر مديرة المستشفى، إلى كل صاحب دمية، حقا، لم أعد، طوال سنوات حياتي، انظر إلى دمى العائلة بهذا القدر من المشاعر، لا أدري لماذا؟.
.. ربما اننا نعيش في مجتمعات شرقية أذلت حتىتلك الألعاب البسطة التي رافقت مشوار العمر، دميتي تاهت في الهجرة على حافة النهر.
.. بوعي، وجمال وصفي، سأرد، قال أحدهم:"هذه دمية جدتي"، لقد توفيت وهي ليست معنا الآن. كانت تقصد دائمًا أخذ هذه الدمية إلى المستشفى وشعرت أنني يجب أن أحترم رغبتها. الآن، سيتم إصلاحها بالشكل الصحيح".
.. حملت السنوات الأخيرة، صراع حقيقي في سوق الدمى، ظهرت دمى الشخصيات البرج ازيك، باربي، سوبرمان، الرجل الأخضر،.. لهذا، كان هذا النوع من المستشفيات، الذي يثير سؤال أزلي، عن دلالة المكان، كواهب للحياة والفرح والبهجة، فهنا - بحسب التقرير-لن يموت أي مريض على الإطلاق، وكل الدمى تخرج من المشفى بصحة جيدة. بعد ذلك، يعود الأمر لأحبائهم فيما إذا كانوا سيحتفظون بها أم لا أو إذا كانوا سيحفظون ودّ ذكرى هؤلاء "الأصدقاء".
.. تاريخياً، وللتاريخ لعبتة، فهو دمية السلطة، والاقوياء، تحيلنا المؤشرات إلى أول متجر افتتح لإصلاح الدمى في نهاية القرن التاسع عشر، في إيطاليا، وكل القارة الاوروبية العجوز، وقد حول المستشفى" الآن" إلى مكانمتحفي، ثقافي، فني، سحري للأطفال، وللراشدين الذين يقومون برحلة عبر "شوارع" الذاكرة.
.. يدغدغ التقرير عواطفنا، فيلفت إلى أنه، بالنسبة للدمى، فإن دخول هذا المكان يعني الإصلاح. لكن بالنسبة لأصحابها ، إنها لحظة لاستعادة سحر الطفولة، وهو عنفوان يعج بالمغريات ويفتح كراسات تاهت في الإدراج.
.. هيا بنا نفتش عن ذاكرتنا بين ارفف ومستودعات ومدارج الطفولة، لعل وعسى، نعيد البسمة لدمية خاطت ازرارها أمهات في كحل الليل.
*[email protected]
*حسين دعسة، مدير تحرير جريدة الرأي الأردنية