أم منة.. سيدة تحولت من تاجرة مخدرات ببورسعيد لنموذج للكفاح
"وضِعت في اختيار صعب ما بين بيع جسدي أو بيع المخدرات".. بهذه الكلمات بدأت راندا سامي وشهرتها “أم منة” حديثها حيث نشأت في أسرة لأب متزوج من 3 سيدات يقيمون في منزل واحد، ومع الخلافات التي حدثت بينها وبين أخوتها، لم تجد الفتاة في وقتها إلا الشارع ليكون مأوي لها، كانت تبات علي الأرصفة وبجانبها العصي لحماية نفسها من مخاطر الحياة بالشارع.
ولدت راندا سامي جاد محمد صادق، في أحد المناطق الشعبية بحي الضواحي بمحافظة بورسعيد، وأقامت في شبابها في عشة من الخشب في منطقة زرزارة أحد المناطق الخطرة التي تم إزالتها، وتزوجت في عمر الـ 13 عامًا من شخص، قالت عن فترة حياتها معها حسبي الله ونعم الوكيل، مشيرة أنها وضعت في إختيار صعب ما بين بيع جسدها وممارسة الرذيلة وبين بيع المخدرات والتجارة فيها، وتقول إنها اختارت طريق المخدرات وتحولت لأكبر معلمة لبيع المخدرات ببورسعيد، واستطاعت في وقتها أن تحقق أرباح كبيرة.
وتابعت انجبت طفلة تدعي بسنت، واستمريت في بيع المخدرات حتي استيقظت يومًا علي كارثة فقدان أبنتي وهي بنت العام والنصف، بعدما قرضها فأر في المنطقة الغير أمنة التي كانت أعيش بها ، لتفارق ابنتي الحياة وتترك لي عبرة وقصة من الألم.
وتقول حملت طفلتي بسنت وقمت بدفنها في التراب وقلبي يحدثني أن فقدان بسنت عقاب لي بسبب بيع المخدرات والتجارة بها، ولكن الفتاة التي عرفت بالمعلمة واشتهرت بتجارة المخدرات لم تكن تعرف طريقًا للتوبة، وكيف تكون الحياة بعد مفارقة تجارة المخدرات.
وتقول كنت أحقق أرباح تتجاوز الـ 10 الاف جنيهًا في اليوم الواحد، حتى أني من كثرة حصيلة البيع باتت ألقي الأموال علي الأرض وامشي عليها، ولكن نفسي بعد فراق ابنتي أصبحت غير قادرة علي الكسب من الحرام.
كان القرار الأول لأم منة هو مفارقة زوجها الذي دفعها لتجارة المخدرات، وتركت بورسعيد إلى أحد المحافظات الأخري في محاولة لتغيير حياتها، وهنا تعرفت أم منة علي شخص وتزوجت منه، لتبدء حياة جديدة.
ظلت السيدة عشر سنوات لا تنجب، وهنا عاهدت الله بصدق أنه إذا رزقها بالخلف الصالح فلن تربية من الحرام وسوف تبتعد عن بيع المخدرات، واستجاب الله لوعد السيدة ورزقها بفتاة تدعي منة ومنذ هذا اليوم والذي يأتي قبل 15 عامًا، قالت السيدة توبة من بيع المخدرات.
تركت أم منة كار بيع المخدرات في هذا اليوم، وعاهدت الله أن لا تعود له من جديد، بالرغم من أن زوجها كان فقيرًا، وقبل سبع سنوات وضعت أم منة في لختبار جديد حيث تم تطليقها من زوجها، للتحمل مسئولية طفليها منة ومحمد.
تسلمت أم منة وحدة سكنية من المحافظة بديلًا للمنطقة الغير أمنة والعشوائية التي فقدت فيها أبنتها بسبب الفأر الذي قرضها، وعاشت أم منة من الحلال لتربية طفليها، وتقول أنها رغم ضيق الحال لم تفكر يؤمًا بالعودة إلي المخدرات.
تحولت أم منة بعد تجارتها بالمخدرات الي نموذج للعمل والكفاح علي تروسيكل متهالك توصل عليه الطلبات للمنازل وتنقل به العفش، إلا أن كل مكسبها كان لإصلاح المركبة المتهالكة، ولم يكن يتبقي شيئًا للانفاق علي طفليها.
قامت أم منة بعمل قرض لشراء تروسيكل جديد ليكون عونًا لها علي الكسب الحلال، وتعمل عليه في نقل البضائع والعفش بالرغم من صعوبة ذلك إلا أنه الطريق للحلال والبعد عن بيع المخدرات.
وباتت أم منة بعد الابتعاد عن بيع المخدرات تعاني الفقر الشديد، فبعد أن كانت تلعب بالمال حصيلة المخدرات، باتت لا تستطيع سداد قيمة القرض 170 جنيهًا اسبوعيًا، ولا تستطيع سداد متأخرات الإيجار والكهرباء والمياة، إلا أنها لا تزال تتحمل ضيق الرزق وصعوبته من أجل العيش من الحلال.
تروي أم منة أن طفلتها طلبت منها صباح اليوم فاكهة اليوسفي إلا انها لم يكن معها لشراء كيلو بالرغم من أنه بـ 10 جنيهات، وتقول أنها في بعض الأيام لا تجد الطعام لها ولطفليها.
وتقول أم منة أن طرقت كل أبواب الرزق الحلال، وأقامت فرش لبيع الخضروات بالسوق، وعملت بالأنابيب، قائلة مش عاوزة أرجع تاني لطريق المخدرات.
وناشدت السيدة أم منة الرئيس عبد الفتاح السيسي بمساعدتها في إستكمال رحلة الـ 15 عامًا في البعد عن تجارة المخدرات، قائلة أنا كنت ياريس معلمة وكنت بلعب بالفلوس الحرام لعب واخترت الحلال بعد وفاة بنتي ومش عاوزة أرجع للمخدرات وعاوزة مصدر رزق وحياة كريمة ليا ولعيالي.
واستطردت أم منة موجهة حديثها لمحافظ بورسعيد بالوقوف معها في ظروف حياتها، وتوفير حياة كريمة لها ولأبنائها، مؤكدة أن من الصعب أن تتحدث عن تاريخ بيعها للمخدرات، الا أنها فعلت ذلك كي تساندها الدولة في أن تكون مواطنة صالحة وأن تعيش من الحلال، قائلة أنا اتعذبت كتير أوي في حياتي وكل مطالبي عيالي ميشوفوش المرار اللي أنا شفته وأنا وهما لا لينا أب ولا أم ولا سند.