توقف «ديلي ستار».. إعلام بيروت الإنجليزي ينهار! `
بعد مهنية عريقة، وتأثير واسع الطيف على مختلف أشكال الإعلام اللبناني والعربي، توقف" قلب".. ذا ديلي ستار The Daily، هذا القلب الذي تاهت بوصلته منذ خمسينات القرن الماضي، فهي صحيفة يومية، لبنانية باللغة الإنجليزية أسسها العام 1952 الصحفي والفكر السياسي كامل مروة، الذي كان مؤسس وناشر صحيفة الحياة، التي جاهدت لتبقى طبعتها الوحيدة.
يرأس تحرير "ذا ديلي ستار" الصحفي رامي خوري، الذي تلمس النقاط السوداء التي لطغت الإعلام في لبنان، بين إغلاق، وتوقف، انهيارات وهيكلة كوادر ورواتب، لهذا ترى مصادر إعلامية موثوقة أن إغلاق موقع «ديلي ستار» الإلكتروني، لم يكن مفاجأة بالنسبة إلى أي إعلامي أو سياسي في بيروت، فالصحيفة (كانت تصدر بقطع تابلوود) اشتهرت وانطلقت عام 1952، لتكون حرة وسط أزمات وقضايا دولية، أولها الحرب الباردة المتصاعدة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، وأيضا القضية الفلسطينية، وحركات البناء والتغيير الشعبي والحزبي، التي كانت تنطلق من لبنان، ومصر، وسوريا والعراق.
لعلامات صورها مؤشرات أمنية وسياسية، وفكرية متباينة، وتصاعدت مهنيتها، وانحدرت أحيانًا، بما كانت تمليه أزمات البلاد العربية والإسلامية، المرتهنة إلى قوى استعمارية، قيض لها أن تسيطر على روح الإعلام، فكانت ديلي ستار، أوّل جريدة تصدر باللغة الإنكليزية في البلاد العربية.
.. وعاشت لتحكي، عن العديد من الأحداث اللبنانية والعربية والإسلامية والدولية.
.. ما حدث امس واول أمس له مؤشرات، منها ان الصحيفة الورقية، توقفت تماما في شباط (فبراير) الماضي، وهناك من وصف غيابها عن أكشاك البيع، ب "التجمّد"،.. ولعمرك، كيف يتجمد الورق؟.
.. تاريخي، غابت النسخة الورقية من الجريدة بسبب قاهر، لتوقّفها إبان الحرب الأهلية ووسط حماية ورثة حقوق الصحيفة، أعيد إصدارها عام 1996.
.. لماذا ذا ديلي ستار؟.
جاء توقّف ورق الصحيفة، معبرًا عن أزمة حقيقية أصابت الإعلام العربي ومؤسسات على اختلاف ملاكها أو انحيازها، وعلى إثر مشاكل مادية ضربتها بحسب ورثة ديلي ستار، فقد أعربت «ديلي ستار» عن أسفها لـ «التوقيف المؤقّت للنسخة المطبوعة إثر التحدّيات المالية التي تواجه البلاد».
لبنان، بدأت وقتها، تفقد كبريات الصحف والمحلات العريقة، التي كانت تصل وقت صورها إلى أكشاك بيع الصحف في كل البلاد العربية.
هزة إصدار الصحيفة الورقي، ألزم مؤسسته، إلى أنّ تعلن، بشكل مؤقت، وغير مريح عن أن «موقعها الإلكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي، التابعة لها، ستبقى قيد العمل (....) لتقديم تغطية إخبارية حول لبنان والشرق الأوسط، والعالم، لكنّ الموقع لم يستطع أن يصمد طويلاً، في ظل انهيارات معاقبة، خطفت الإعلام اللبناني، الذي احتكم إلي، ملاك الموت، فالزمان، ليس كما مضى عندما كانت أوروبا وقبرص ولندن وباريس، عواصم الصحافة المهاجرة، التي امتدت لها أيد متباينة في الولاءات والانتماءات، الأمر الذي كشف سياق مستقبل الصحيفة الانجليزية (بالورق، أو بالعالم الرقمي)، فما كان من كتابها، أصحابها، الورثة، قراء الجريدة، مع مجموعة الدعم الفني والتقني، والقائمين على ديلي ستار، لإنهاء ما وصل اليه الحال على موقع «ديلي ستار»، فقرّروا إغلاقه(....) نظرًا إلى تأزّم «الوضع الاقتصادي بسبب غياب التمويل».
كان لانفجار مرفأ بيروت في 4 آب (أغسطس) 2020، أثره في نهاية الدلي ستار، فقد تعرضت مكاتب الصحيفة إلى عديد من الأضرار بمكاتبها، التي تضم الموقع والجريدة، بالقرب من وسط بيروت، لكنّ الإدارة، والوردة لم ترمّم، ما شكّل مفاجأة للموظفين، وكان بمثابة رسالة غير مباشرة مفادها أنّ العمل في المكاتب لن يُستأنف، وهذا أمر فسر بقرب نهاية أسطورة الصحافة الإنجليزية في لبنان.
في عالم السياسة والمال، النشر والإعلام، الآداب والفنون، ديلي ستار.. الصحيفة وموقعها، إذ كانا يعتمدان (كليا) على التمويل السياسي نفسه-في ظل تراجع الإعلانات- فقد باتت، في عقدها الأخير، عبر تملكها من قبل رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري الذي غيب الدعم المالي، فماتت موارد الأعمال اليومية، ولقي الموقع الإلكتروني مصير الصحيفة والنسخة الورقية.
.. الغريب أن سعد الحريري، استحوذ سياسيًا وماليًا على الجريدة قبل أكثر من 11 عامًا، يوم قرّر جميل مروّة (وأشقاؤه الورثة) بيعها، فكان خبراء ومستشارو الحريري، في صراع للحصول على صوت الديلي ستار، لأنه كان في مواجهة شرسة مع رئيس الحكومة اللبنانية (الحالي) نجيب ميقاتي!!
… غالبًا، ما زالت الورقة السياسية تلوح في سماء بيروت، فصحيفة "دايلي ستار" اللبنانية، فعلا تُسرّح جميع موظفيها، وهناك من يلمح بأن الرئيس الحالي ميقاتي، يدرس خيارات إنقاذ ديلي ستار، ويتزامن ذلك مع أزمة الدولة اللبنانية مع الخليج العربي، بشأن تصريحات سابقة لوزير الإعلام اللبناني، وهنا، قد يسعى ميقاتي لإنقاذ ديلي ستار هذه المرة، بشروط أسهل مما مضى.
ما مهد لتوقف الصحيفة، الأزمة الاقتصادية، وانتشار المخاوف الأمنية، وعدم توفر الطاقة واختلال مواعيد التيار الكهربائي، فأعلنت تعليق كل أعمالها، بما في ذلك تحديث موقعها الإلكتروني.
صوت عربي يضيع، ينتهي ببساطة، يلحق بعديد الصحف والمواقع، ولم يشفع لديلي ستار، الصحيفة الوحيدة الناطقة بالإنجليزية في لبنان، والبلاد العربية، التي تحاول تغليب المهنية، في بلد أضاع العديد من مفاتيح الحياة، ينهار، وتنهار معه معالم وعلامات إعلامة المؤثر.
قبل الدخول إلى المجهول، سبق لديلي ستار، أن توقفت عن الصدور(فسر وقتها بأنه توقف (أمني-سياسي) فرضته الظروف والوقائع على الأرض وقت الحرب الأهلية بين عامي 1975 و 1990، لكنها تعود، بقرار شراء من الحريري الابن، عام 1996، أيضًا، تم تعليق إصدارها في يناير/كانون الثاني عام 2009 لمدة أسبوعين، بأمر من المحكمة اللبنانية، بسبب صعوبات مالية، لكنها استأنفت الصدور بعدد مختصر من الورق، إلى أن باتت منذ العام 2010، بيد مجموعة من رجال الأعمال من عائلة الحريري، التي كانت تمتلك صحيفة وفضائية "المستقبل"، ووفق بيانات مؤسسة "سكايز" للحرية الإعلامية، تملك عائلة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري كافة أسهم ديلي ستار الصحيفة، والموقع، بينما يملك نجل كامل مروة، مالك مروة، ورئيس التحرير نديم اللادقي 0.007 في المئة من الأسهم لكل منهما، وفق ماذا قالت نقابة المحررين، التي قالت إن "قرار" ذا دايلي ستار يعبّر عن أزمة الصحافة اللبنانية المستمرة من دون تدخل المعنيين لإيقاف التدهور.
واقع الحال، في لبنان، كما في ذات المؤشرات عربيا، ودوليا، .. تعاني الصحافة، بكافة أنواعها من ضائقة مادية ذات أسباب متعددة، منها تراجع سوق الإعلانات، وانخفاض التمويل السياسي، والتباطؤ في مواكبة تطور الإعلام، بالإضافة إلى الأزمات السياسية والاقتصادية، والصحية، والتربوية التي اجتاحت العالم بعد تفشي جائحة كورونا، وحظر إصدار الصحف والمجلات بحجة أنها تسهم في نقل وتداول الفيروس!
..ديلي ستار، كانت مدرسة إعلامية ذكية، فيها حس مهني، ذاب في عقد من عمرها الذي انقصف بـ69عاما.