«متاهة الإسكندرية».. رواية لـ علاء خالد عن عروس البحر المتوسط في السبعينيات
عن الإسكندرية التي يعشقها الكاتب الروائي علاء خالد تدور أحداث رواية "متاهة الإسكندرية" حيث ترى مدينة إسكندرية السبعينيات والثمانينيات، من القرن الماضي. فترة التحولات العنيفة في حياة وخيال المدينة، وفي مصر كلها.
خلال هذه الفترة، يتاح للراوي، المحب للرسم، عبر حضوره كنقطة التقاء لعدة جماعات، منها تلك الجماعة المكونة من شباب الفنانين، التي سمت نفسها "جماعة الحمير"، تيمنا بالجماعة القديمة التي أنشأها الفنان المسرحي زكي طليمات، مع الفنان السكندري سيف وانلي. أيضا عبر علاقته بجمعية الأمل للمكفوفين، بالإضافة لجماعته العائلية المبتورة، التي تتكون فقط من أخته، بعد وفاة والديه. عبر هذا الموقع الاستثنائي يتحرك الراوي وسط هذه الدوائر المتقاطعة ليروي أحداثها، ويصنع روايته.
يرسم الراوي "ماكيت" للمدينة، يضم داخله هذه التقاطعات النفسية وحكايات أبطالها. يصل تلك الخيوط المقطوعة بينهم، بسبب عنف لحظة التحول، داخل هذا الواقع المُحاصر للمدينة، الذي لا يسمح بالإحساس بأي فردانية، إلا من خلال تجربة مدفوعة الثمن.
عبر تقاطع الرغبات لأفراد هذه الجماعات الثلاث، تنشأ حكاية كبيرة للمدينة، تعيش داخل هذا "الماكيت الروائي" الذي يتضمن الفضاءات والعلامات التي يتحرك ويتوقف عندها الأبطال، ليشكلوا جغرافية المدينة تبعا لرغباتهم وصداماتهم. والتي شكلت مسارات متشابكة تشبه المتاهة.
يكتب الراوي في مقدمة الرواية، وهو يستعيد التجربة بعد أن مر به الزمن. " وعندما أردت أن توثق لحياتك، تداخلت حكايتك الشخصية مع حكايتك عن المدينة، وأصبح الاثنان " ماكيت" للماضي، وطبقاته المتعددة، التي عشت بينها، كشاهد، في مكان وزمان ما بين الحلم والواقع، بين الحقيقة والخيال. قادك البحث في الماضي لاكتشاف هذه المتاهة التي ترسم خريطة المدينة، وتروي حكايتها. لم تجد ما يوحد بين أبطال حكايتك الشخصية، وحكاية المدينة، سوى " التيه" لتنفذ منه إلى قلب الماضي الحي.
بحث في "متاهة الزمن"، الذي يتكون من تلك الطبقات التاريخية والمتعددة والمتراكبة التي شكلت شخصية المدينة، بجانب الموت الذي كان الشاهد/ الشبح، مع الراوي، في توثيق بعض تلك الحيوات المندثرة،. كان "التيه" في الرواية هو سبيل المعرفة، الثمن الذي دفعه الجميع، فالمسارات، الشخصية والتاريخية، في تلك الفترة التي يشغلها زمن الرواية، كانت مسدودة تماما، أو غير واضحة، لاتحتاج إلا للقفز أو التيه، للبحث عن خريطة جديدة للنفس، وجدوى الحياة.
وفي تصريح لـ"الدستور" عما تمثله الرواية في حياة ومسيرة الكاتب علاء خالد يقول: (روايتي " متاهة الأسكندرية . اعتبرها الجزء الثالث والأخير بعد روايتي الاولى " ألم خفيف كريشة طائر، والكتاب الثاني غير الروائي " وجوه سكندرية"، وهنا خاتمة هذه الرحلة مع المدينة، في صناعة اسكندرية جديدة لها أحداثيات اخرى غير اسكندرية الرواة الآخرون، أو على الآقل اتمى هذا. او يمكن القول انها النسخة الجديدة في عصر مابعد التحول والقومية، ثم الفساد، وبالتالي هي نقطة فاصلة في علاقتي بمساري الإبداعي وعلاقتي بمدينة الميلاد والصبا والشباب بل والتطلع لرؤية العالم من خلال ما سكن في منها ومعها وإليها.