فلسطين تحمِّل إسرائيل مسئولية تدهور البيئة داخل أراضيها
حمّل رئيس سلطة جودة البيئة في فلسطين، جميل مطور، الاحتلال الاسرائيلي المسئولية عن تدهور البيئة ونضوب المصادر الطبيعية وتهريب النفايات ومنع الاستثمار والحيلولة دون إنشاء المشروعات البيئية في الأراضي الفلسطينية المصنفة (ج) حسب اتفاقية أوسلو.
وقال "مطور"، في كلمته اليوم الخميس، أمام الدورة الـ32 لمجلس الوزراء العرب المسئولين عن شئون البيئة في مقر الجامعة العربية برئاسة مصر: "ما زلنا عند موقفنا من البيان الوزاري للاجتماع الثاني لوزراء البيئة وتغير المناخ الذي عُقِد في القاهرة مؤخرًا، القاضي بإدراج الاحتلال الإسرائيلي كإحدى أهم القضايا التي تقف عائقًا أمام التنمية في فلسطين وتؤدي إلى تدهور البيئة بشكل عام وبيئة البحر المتوسط بشكل خاص".
ودعا إلى ضرورة اتخاذ موقف واضح من عدم تمكن فلسطين من الاستفادة من التمويل الدولي المقدم من خلال صندوق البيئة العالمية، حيث إن بلاده لا تستطيع الاستفادة من ذلك التمويل مهما كبر أو صغر، خاصة أن تمويل اتفاقيات "ريو" الثلاثة واتفاقية "بازل" والأنشطة المنبثقة عنها تمر من خلالها، مطالبًا بدعم عربي لهذا المطلب من أجل تمكين دولة فلسطين من تلك الاستفادة أسوةً ببقية الدول.
كما دعا إلى دمج الشباب ولاسيما فرِق الكشافة في العمل البيئي، مشيرًا إلى أن فلسطين بدأت بهذا الأمر، ونظمت العديد من الأنشطة التي تهدف إلى دمج البُعد البيئي في أنشطة الكشافة لاسيما في الأعمال التطوعية والتوعية، وأطلقت شعار "الكشاف صديق للبيئة" من خلال مؤتمر مشترك مع منظمة الكشافة العربية.
ونوه "مطور" بدور مجلس الوزراء العرب المسئولين عن شئون البيئة في حماية البيئة العربية وإدارة مواردها بشكل مستدام، قائلاً: "خاصة أننا جميعًا كدول ماضون باتجاه تحقيق التنمية المستدامة وملتزمون بما جاء في أجندة 2030 إيمانًا منا بهذا المفهوم وضرورة التقدم نحوه رغم ما يعصف بمنطقتنا من هموم ومشاكل وعقبات تميزها عن غيرها من الأقاليم في هذا العالم، مما يتطلب ذلك المزيد من الشراكة والتكامل والتعاضد من أجل الدفع بالبعد البيئي في مصفوفة الأعمال الوطنية في هذا الإطار ووضعه ضمن الأولويات العربية".
وأضاف أن "هذه الدورة للمجلس تُعقَد تحت عنوان (النفايات الإلكترونية والكهربائية.. واقع وحلول)، وهو موضوع غاية في الأهمية، خاصةً أنه يلامس حياتنا اليومية في جميع المواقع والمجالات"، لافتًا إلى أن الكميات المنتجة منه تزداد يومًا بعد يوم نظرًا للتوسع في اقتناء واستخدام الأدوات الكهربائية والالكترونية، تماشيًا مع ما يحدث من تقدم تكنولوجي ومن إدماج التكنولوجيا في كافة مناحي الحياة.
ونبَّه إلى أن الأمر ينذر بالخطر، لاسيما وأن تلك النفايات تصنف وتعتبر نفايات خطرة، ومما يزيد الأمور خطورة هو استخدام الأساليب التقليدية في عمليات إدارة هذا النوع من النفايات حيث يتم في الغالب التعامل معها بنفس الآلية التي تُدار بها النفايات الصلبة البلدية كعمليات الطمر أحيانًا والتخلص العشوائي أحيانًا أخرى والحرق المكشوف في كثير من الحالات؛ ما يتسبب في مشاكل وأعباء على البيئة بشكل عام ويشكل مصدرًا لتلوثها وتدهور جودتها، فضلاً عن الآثار الصحية التي يخلفها هذا الشكل من الإدارة نظرًا لسميتها وخطورتها.
ودعا إلى ضرورة التفكير سويًا في طرق جديدة ومبتكرة في إدارة هذا النوع من النفايات، وتقليل فرصة خلطها مع باقي أنواع النفايات، واتباع أساليب الفصل من المصدر لهذه النفايات وجمعها بشكل مستقل ونقلها وتداولها بطرق آمنة وسليمة بيئيًا لضمان تحييد وتخفيف أثرها المتوقع على الصحة العامة والبيئة الطبيعية.
وأضاف أن "التعامل السليم مع هذه النفايات في كثير من الدول أصبح مصدرًا للعديد من الموارد كالذهب والنحاس وغيرهما من المعادن الثمينة التي تدخل في صناعتها، وأن هذه النفايات لم تعد نفايات أو مخلفات كما عهدناها سابقًا، لذا فإن فرصًا كبيرة وواعدة تكمن في نفاياتنا الإلكترونية والكهربائية التي نعتبرها مخلفات لا فائدة منها، وأنه بات لزامًا علينا أن نعكس طريقة تفكيرنا بتلك النفايات ونغير أساليب تعاطينا وتعاملنا معها، بحيث نستغلها أحسن استغلال ونعظم استفادتنا منها بدلاً من أن تكون عبئًا علينا وعلى بيئتنا".
وأكد أن مجال النفايات الإلكترونية والكهربائية يحتل اهتمامًا كبيرًا في فلسطين، لما يحدثه من مشاكل على البيئة ولما يشكله من تحدٍ أمام الحكومة والهيئات المحلية من بلديات ومجالس قروية، حيث إن الكميات المتولدة من النفايات بشكل عام في تزايد مستمر، ما يتطلب التعاطي والاستجابة مع تلك الزيادة بشكل مباشر في عملية الإدارة اليومية للنفايات، مشيرًا إلى أن الطرق المستخدمة في ذلك هي طرق تقليدية لذلك فإن هذا العبء يزداد يومًا بعد يوم.
وقال إن "الواقع الفلسطيني في ظل الاحتلال الغاشم يزيد من تعقيدات الصورة ويضع أمامنا المزيد من الصعوبات والعقبات في هذا السياق، حيث إن تهريب النفايات الإسرائيلية القادمة من داخل الخط الأخضر، لاسيما تلك الخطرة منها والتخلص منها في الأراضي الفلسطينية بما فيها النفايات الإلكترونية والكهربائية التي تحتل النسبة الأكبر منها، وكذلك التخلص من نفايات المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحيطة بها وفي مزارع الفلسطينيين وعلى أطراف مدنهم وقراهم، يشكل عائقًا كبيرًا أمامنا ويمثل لنا عبئًا جديدًا وإضافيًا".
وأشار إلى أن "سيطرة الاحتلال على ما يزيد عن 64% من الأراضي الفلسطينية، يحاصرنا ويقلل من فرص إنشاء وإقامة البنى التحتية والمرافق الأساسية اللازمة لإدارة النفايات الصلبة بشكل عام والنفايات الخطرة بشكل خاص"، لافتًا إلى أنه في مقابل ذلك، تسمح دولة الاحتلال لنفسها وبقوة السلاح وصلف المستعمر، أن تنشئ مكبات للنفايات تخدم مستوطناتها على أراضي دولة فلسطين في الضفة الغربية، وتجلب إليها نفايات أيضًا من داخل الخط الأخطر.
وتابع أن "الحروب الإسرائيلية المتعاقبة على قطاع غزة، راكمت من نفايات البناء والهدم التي قُدِّرت بملايين الأطنان بشكل يمزج بين كل أشكال وأنواع النفايات، والتي من بينها النفايات الإلكترونية والكهربائية، ما وضعنا أمام أزمة كبيرة ومعضلة كأداء في الادارة والتخلص من هذا الكم الهائل من النفايات في القطاع المحاصر أصلاً".
وأشار إلى اهتمام فلسطين بهذا النوع من النفايات وإيلائه الأهمية القصوى، حيث عملت من خلال سلطة جودة البيئة على الاهتمام بموضوع إدارة المخلفات بشكل عام والمخلفات الخطرة بشكل خاص، ومنها النفايات الإلكترونية والكهربائية، مشيرًا إلى أن فلسطين أصبحت ومنذ عام 2016، عضوًا في اتفاقية "بازل" التي تعني بنقل النفايات الخطرة عبر الحدود، وذلك في سياق تعزيز مكانة ودور فلسطين في المحافل الدولية ومحاولة محاصرة دولة الاحتلال في محاولاته العديدة التي تنجح أحيانًا وتفشل أحيانًا أخرى في تهريب نفاياته الخطرة ومنها الإلكترونية والكهربائية إلى أراضي دولة فلسطين، في محاولة منه للتخلص من تلك النفايات بالمجان، وعلى حساب جودة المصادر الطبيعية وصحة المواطن الفلسطيني.
وصرح: "إننا استطعنا وفي حالات عديدة ومن خلال سكرتارية اتفاقية "بازل"، ضبط محاولات تهريب تلك النفايات وإعادتها إلى مصدرها في دولة الكيان، حيث يعتبر ذلك خرقًا للاتفاقيات الدولية البيئية وانتهاكًا صارخًا لها".
وأضاف: "إننا عملنا في فلسطين على تطوير المنظومة التشريعية التي تتعلق بالنفايات الخطرة ومنها النفايات الإلكترونية والكهربائية، حيث تم مؤخرًا اعتماد نظام إدارة النفايات الخطرة والقوائم المرفقة له، كما تم إعداد واعتماد نظام إدارة النفايات الصلبة أيضًا، واعتماد نظام إدارة النفايات الطبية، بالإضافة لذلك، تم أيضًا إعداد واعتماد السياسة العامة لتصريف النفايات الإلكترونية من المؤسسات الحكومية، والتي ستكون استكمالاً لما جاء بهذا الخصوص في الاستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة في فلسطين وفي أجندة السياسات الوطنية واستراتيجية البيئة عبر القطاعية وغيرها من الخطط والاستراتيجيات القطاعية".
ونوه إلى المبادرات العديدة التي تمت في فلسطين في سبيل تطوير نظام إدارة هذا النوع من النفايات والتخلص منها، كإنشاء المركز الفلسطيني الأوروبي لإدارة النفايات الإلكترونية في جنوب الضفة الغربية، وإنشاء العديد من الورش والمصانع التي تستهدف إدارة النفايات الإلكترونية والكهربائية، وإطلاق العديد من المبادرات الفردية والجماعية في هذا المجال.