شهادات الأبطال فى معركة العبور: الناس «حدفتنا بالبرتقال» أثناء عودتنا
تذكر عدد من الأبطال مشاركتهم فى انتصار السادس من أكتوبر، مشددين على أنهم طوال أيام المعركة المجهدة، لم يعانوا أى تعب أو إجهاد، وكانوا يشعرون بالفخر الشديد لكونهم من المساهمين فى تحرير وطنهم.
وكشف أبطال حرب أكتوبر، خلال حديثهم مع «الدستور»، عن تفاصيل مشاركة كل منهم فى هذا الانتصار المجيد، والسلاح الذى ضمهم خلال الحرب، وكيف استقبلهم أهالى قراهم بعد العودة.
عبدالغفار حسين: تحركنا إلى السويس قبل الحرب بيومين
التحق عبدالغفار حسين عبدالغفار، أحد الأبطال الذين شاركوا فى انتصار أكتوبر، بالقوات المسلحة المصرية لأداء الخدمة العسكرية فى ١٩٧١، قبل الحرب بسنتين، وتحديدًا بسلاح «المهندسين».
داخل الكتيبة كانت التجهيزات للحرب على قدم وساق، وتحديدًا تدريب أفرادها على استخدام المعدات البرمائية المسماة «هايك ستب»، وهى قطع معدنية تدخل فى المياه، ثم يتم فتحها حتى تصبح أشبه بالكوبرى، لاستخدامها فى عبور الدبابات وغيرها من الآليات العسكرية.
ابن محافظة سوهاج المقيم فى أسوان منذ سنوات طويلة تذكر هذه الأيام، قائلًا: «بعد انتهائنا من التدريب توجهنا إلى تسلم المعدات الخاصة بكل منا، ثم انطلقنا إلى السويس، تحديدًا فى ليلة يوم الرابع من أكتوبر ١٩٧٣، حتى صار بيننا وبين قناة السويس نحو ١ كم فقط، بعدها بيوم قالوا لنا كل واحد يقعد فى المعدة البرمائية بتاعته ويجهز كل مستلزماته».
وكشف عن تقسيمهم إلى فرق، كل منها ضم حكمدارًا وسائقًا وبحارًا وفردًا رابعًا، وكانوا يتحركون إلى موقعهم المحدد فى المياه، بواقع فرقتين تضمان ٨ أفراد، لافتًا إلى أن ذلك كان الجمعة، قبل الحرب بيوم واحد.
وأضاف: «يوم السبت الموافق ٦ أكتوبر ١٩٧٣، لاحظنا طيرانًا مصريًا يتحرك فوق القناة، لكن (ساعة الصفر) بالنسبة لنا لم تكن أتت بعد، حتى تلقينا إشارة الدخول بمعداتنا، فى الـ٥ والنصف، حيث وقفنا بهذه المعدات فى الشمال واليمين، لصناعة كوبرى متحرك فى المياه، من أجل عبور الدبابات والمدافع والأفراد».
وأشار «عبدالغفار» إلى استمرار مهمتهم فى قناة السويس لمدة ١٧ يومًا متواصلًا، مشددًا على أنه «خلال هذه المدة، لم تعبر طائرة إسرائيلية واحدة فوق القناة، بفضل جسارة حائط الصواريخ المصرى، وطوال أيام الحرب كنا نشعر بالفرحة والفخر، ولم ينتبنا أى تعب».
وتذكّر «عبدالغفار» اللواء أحمد حمدى، الذى كان يتوجه إلى مواقع تمركزهم لتحفيزهم وبث الحماسة فى نفوسهم: «كان ييجى يتفرج علينا، ويقول لنا شدوا حيلكم يا رجالة، وبعدها راح الكوبرى الثابت اللى اتنصب، واتصاب واتوفى، وفى المكان ده عملوا نفق الشهيد أحمد حمدى».
فتحى محمود:كنا «الخط الثانى للجيش» فى الجنوب
حصل الحاج فتحى محمود أحمد على مؤهل متوسط فى ١٩٧٢، والتحق بالقوات المسلحة لأداء الخدمة العسكرية، حيث حصل على دورات تدريبية، من بينها تدريب «الفرق الخاصة»، وبعدها عاد إلى أسوان، بعد أن جاءت خدمته فى المنطقة العسكرية الجنوبية.
وقال «أحمد»: «تزامنت حرب أكتوبر المجيدة مع وجودى فى الجيش، وكنا فى المنطقة الجنوبية بمثابة الخط الثانى للجيش»، معتبرًا أن «كل المصريين فى ذلك الوقت، سواء على الجبهة أو خارجها، فى سيناء أو أسوان، كانوا مجندين فى المعركة».
واختتم بالقول: «كنا على استعداد تام للمشاركة فى الحرب، لأنه من الممكن فى لحظة أن نتلقى إشارة للتوجه إلى الجبهة».
توفيق حسن:ضللنا طيران العدو وجعلناه فريسة لدفاعنا الجوى
أدت مشاركته فى مشروع بناء السد العالى إلى تأجيل تجنيده بقرار جمهورى، حتى بلوغه سن ٢٨ عامًا أو انتهاء المشروع، أيهما أقرب، لكن بعد بلوغه هذه السن التحق بالقوات المسلحة، وتحديدًا سلاح «الحرب الإلكترونية»، وكان سلاحًا جديدًا تحت الإنشاء وقتها، لدرجة «كل ما يسأل الناس» يردون عليه «ده سلاح جديد منعرفش عنه حاجة».
إنه الحاج توفيق حسن محمد، ابن محافظة أسوان، الذى قال إنه قضى فترة تدريب لمدة ٦ أشهر، لمعرفة المهام التى ينفذها رجال سلاح «الحرب الإلكترونية»، ثم اشترك بعدها فى حرب أكتوبر ١٩٧٣.
وأوضح أن مهمته وزملائه فى هذا السلاح كانت استخدام أجهزة إعاقة رادارية ولاسلكية لطيران العدو الإسرائيلى، وبالفعل أسهم أبطال «الحرب الإلكترونية» فى تضليل الطيران الإسرائيلى، ودفعه لدخول المجال الجوى المصرى بالخطأ، وبالتالى تسهيل مهمة صيده من قبل الدفاع الجوى.
وأضاف: «كان لى شرف المشاركة فى حرب أكتوبر المجيدة حتى انتهائها، ومع بداية عام ١٩٧٦، بدأت عمليات التسريح من القوات المسلحة، وكنت من ضمن المسرحين فى هذا العام بعد أداء الخدمة العسكرية».