المجتمع المدني بالأردن يدعو إلى تضافر الجهود الدولية لتعزيز حماية الطفل
قدم المؤتمر الوطني لحماية الطفل في الأردن "لنا أمل"، والذي دعت إليه منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، رؤية لأوضاع الأطفال خلال جائحة كورونا وما بعدها، ومدى استجابة الجهات المعنية لاحتياجات الحماية لهم، ضمن مشروع "تعزيز بيئة الحماية للأطفال الأردنيين واللاجئين السوريين".
وسلط المؤتمر، وفق بيان اليوم الثلاثاء، لمنظمة "أرض"، الضوء على محورين رئيسين أولهما هيكلية الحوكمة وآخر التطورات التشريعية والقانونية في إطار حماية الطفل، والثاني حول آليات حماية الطفل النفسية والاجتماعية والمساعدات النقدية والخدمات الاجتماعية.
وركز المشاركون على ضرورة مراجعة وتطوير المرجعيات والتشريعات والأنظمة المؤثرة والمرتبطة بمبدأ "المصلحة الفضلى للطفل"، فضلاً عن ضرورة تكاملية الخدمات المقدمة لحماية الطفل والتي تعمل على معالجة الآثار النفسية والاجتماعية التي تركتها جائحة كورونا وأثرها على عمل الطفل وغيرها من تبعات اقتصادية وتبعات أثرت في وصول الطفل إلى العدالة خلال كوفيد-19.
واستعرضت المديرة التنفيذية لمنظمة "أرض"، سمر محارب، الوضع الحالي لحماية الطفل ومخرجات تقرير "وصول الأطفال إلى العدالة خلال جائحة كورونا"، مشيرة إلى أن هذا المؤتمر يأتي بالتزامن مع نهاية مشروع تعزير حماية الأطفال الذي نفذته المنظمة على مدار عدة سنوات بالشراكة مع "أوتشا".
تعزيز بيئة الحماية للأطفال السوريين والأردنيين
وأشار البيان إلى أن مشروع "تعزيز بيئة الحماية للأطفال السوريين والأردنيين" يهدف إلى المساهمة في تعزيز البيئة الوقائية للفتيان والفتيات المعرضين للخطر بمن فيهم الأطفال من ذوي الإعاقة الذين يعيشون في المجتمعات الأكثر ضعفاً وتضرراً من جائحة كورونا، عبر توفير الخدمات القانونية والدعم النقدي لهم.
بدورها، قالت رئيسة وحدة التمويل الإنساني في (أوتشا)، أماني صلاح، إنه لدينا منظومة تشريعية جيدة لحماية الطفل، وإمكانيات متوفرة لتقديم مثل هذه الحماية، ونحن بحاجة لبرامج حقيقة يمكن تطبيقها بشكل مستدام.
من جهته، اعتبر الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة، الدكتور محمد مقدادي، أن أدوات حماية الأحداث تحتاج إلى المزيد من التطوير، لمواكبة تطورات المجتمع والتوسع الجغرافي، لافتا إلى أن 42 بالمئة من الأسر في الأردن تعتقد أن العنف داخل الأسرة هو شأن داخلي ويجب عدم التدخل فيه من أي جهة خارجة عن إطار الأسرة، وفقا لتقرير أحوال الأسر الأردنية.
فيما بين مدير إدارة حماية الأسرة والأحداث، العقيد فراس الرشيد، أن الأردن بدأ مبكرا بإنشاء منظومة لحماية الأسرة، تعمل على تقديم الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية للأسر، وتحسين التشريعات والسياسات المتعلقة بحماية الطفل، وكذلك رفع درجة الوعي والثقافة المجتمعية في هذا المضمار.
عضو اللجنة التوجيهية في التحالف الوطني (جوناف)، المديرة التنفيذية لمركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، ليندا كلش، قالت، إن بعض التشريعات تكون حبراً على ورق، ولا تحمي الأطفال بشكل كاف، مطالبة بتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية، خصوصا من هم أقل من سن 16. وقدمت عضو التحالف الوطني الأردني (جوناف)، ورئيسة الجمعية الأردنية لرعاية الأحداث والأيتام، مفيدة الزواهرة، شهادة من أرض الواقع، أكدت فيها ضرورة دعم المجتمع المدني لتحسين الخدمات الصحية والنفسية والتعليمية والقانونية المقدمة للأطفال.
وخلال الجلسة الثانية من المؤتمر، تحدث رئيس وحدة حماية الأطفال في اليونيسف، ماريامبيلاي ماريا سيلفام، حول حقوق الطفل وآلية حمايته، مبينا أن هناك تحديات عديدة مست الأطفال خلال الجائحة، لاسيما العنف ضدهم وارتفاع معدلات عمل الأطفال.
وأكد أن اليونيسف تؤمن بضرورة وجود منظومة وطنية تكاملية تعمل على وضع منظومة للحماية الشاملة للطفل وتشمل القطاعات كافة، مشيرا إلى أن اليونيسف تعمل أيضا مع الحكومة الأردنية لتحسين حماية الطفل عبر ثلاث ركائز تتمثل بمواءمة التشريعات مع المعايير الدولية، وتحسين جودة الخدمات المقدمة في هذا الصدد، بالإضافة إلى العمل مع المجتمعات لإحداث تغيير على مستوى المجتمع.
مليون طفل يعانون من الصدمات
من جانبها، أشارت ممثل مجموعة عمل المساعدة النقدية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، لبنى الكندا، إلى أنه خلال فترة كورونا واجهت المجموعة صعوبات كبيرة في تقديم المساعدات النقدية بسبب الإغلاقات والحظر الشامل، بالإضافة إلى صعوبة تقديم الدعم للطفل المُعنف.
وأكدت أن المساعدات النقدية لا تقدم بشكل منفصل عن المساعدات النفسية، مبينة أنهم يعملون على إيجاد سيناريوهات جديدة تتصدى للتحديات المستقبلية.
وقالت مديرة تطوير الأعمال والاتصال في مشروع الأمل، فرح سماوي، إن الأطفال كانوا أكثر هشاشة في المنطقة العربية، خلال كورونا، فهناك نحو 40 مليون طفل يعانون من الصدمات والصعوبات في العالم.
ولفتت إلى أن كثيرا من الأطفال يعانون من أزمات نفسية، بالتزامن مع وجود نقص حاد في أعداد الأطباء النفسيين والقدرة للوصول إلى هذه الخدمات.
بدورها، قدمت إيفا العساف، وهي قائدة مجتمعية من اللاجئين السورين، ملاحظاتها بخصوص الخدمات الاجتماعية المقدمة للطفل، معتبرة أن الطفل وجد صعوبات خلال كورونا، خاصة تجربة التعليم عن بُعد، فضلا عن صعوبات مادية وقعت على كاهل الأهالي والأطفال معا، بحيث لم يكن باستطاعة العائلات توفير أجهزة حديثة للتعلم.
وأكدت عضو اللجنة التوجيهية للتحالف الوطني (جوناف)، والرئيسة التنفيذية لدرة المنال للتطوير والتدريب، منال الوزني، أهمية تحقيق النهج التكاملي في العمل، وضرورة تضافر جهود المجتمع المدني بقطاعاته المختلفة والتعاون مع الجهات الرسمية والمانحة، خصوصا بما يتعلق بقضية التمويل، مؤكدة دور المنظمات المحلية وقدراتها للوصول للفئات المتضررة.
وشدد المشاركون على استمرار الحوار بين الأطراف كافة والتنسيق فيما يخص حماية الطفل وضرورة تخصيص موازنة وخطة وطنية في موضع التطبيق، تتوافق مع المواثيق الدولية بدءا بالموافقة على مسودة قانون الطفل، مع أهمية توفير بيانات وأرقام لمعرفة حجم المشاكل التي تواجه حماية الطفل وإحقاق التغيير المجتمعي انطلاقا من الأسرة والوقاية من العنف ضد الطفل وكذلك بناء وتعزيز كفاءات كوادر مقدمي خدمات الحماية والرعاية.