«واحد اتخطف والتانى اتقتل».. حكايات المقاهى فى حياة عبدالوهاب البياتى
أجرى الكاتب خيري شلبي حوارًا مع عبدالوهاب البياتي نشر في مجلة الهلال 1977، وفيه سأل شلبي البياتي عن المقاهي وذكرياتها فقال الأخير: "المقهى التي أجلس عليها في باريس هي نفس المقهى التي اختطف منها المناضل العربي المهدي بن بركة، وهو صديقي وأتذكره دائمًا في هذه المقهى، وهي من المقاهي الخطيرة والأخ الفلسطيني الذي قتل من جبهة التحرير الفلسطينية كان صديقي ايضًا، وكنا نجلس فيها، وقد قلت له إن حياتك في خطر، ولكني قرأت في الصحف نبأ اغتياله.
وأصر على الجلوس على المقهى مع أنه حتى الجرسونات يحملون عداء للعرب، لكن ولأسباب غامضة أحب الجلوس فيها، وجميع أصدقائي ممن أعرفهم دائما يجلسون فيها.
لعبت المقاهي في حياتي دورا كبيرا إذ تعرفت فيها على ناس كثيرين من أهم اصدقائي، كما أنني كتبت فيها معظم قصائدي، حيث أشعر حين أقيم في بيتي كأن النار تشتعل في ملابسي أو في قلبي، أشعر، دائمًا، أن هناك شيئا يناديني، وكلما سافرت أشعر أن الصوت أبعد وأبعد، وكلما شعرت أنني لن استطيع الوصول إلى هذا الصوت الأبعد والابعد أرجع إلى وطني لاستريح قليلا، الذين انتظرتهم أيضًا جاءوا أو لم يجيئوا، انتظرتهم وما زلت انتظرهم على المقاهي.
ويكمل البياتي: "في بغداد ليس لي مقاهي، كل وقتي في البيت أو وزارة الإعلام حيث إنني موظف بها، أتردد على نفس المكتبات لأتصفح نفس العناوين، وأرجع فأجلس مع الأولاد نتحدث في شئونهم أو اقرأ، وقراءاتي تبدأ بعد الساعة الحادية عشرة، وعلاقتي بالناس محدودة، واختلاطي بهم قليل، إذ لا بدّ للعائد من السفر أن يستريح ليستأنف السفر من جديد.
يكمل: "أما عن علاقتي بالأسرة فهي كعلاقتي بأصدقائي أحبهم جدا، وأؤمن أن الفراق يشبه الموت، ولذلك فالشوق الحقيقي هو عندما يكون الإنسان موجودا وربما أن نوعا من السفر هو بحد ذاته يعني الموت أيضًا لأنه يحمل الفراق كما أنني تعدوت أن أحمل ما أحبه في قلبي وفي كلماتي وفي عيني.