دراسة حقوقية.. كيف وظفت إثيوبيا الإنترنت في مواجهة أزمة تيجراي؟
نشر المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، دراسة بعنوان "تعتيم ممنهج: كيف وظّفت إثيوبيا الإنترنت في مواجهة أزمة تيجراي؟"، موضحا أن الأدوات التي استخدمتها إثيوبيا في إدارة صراعها مع الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي منذ نوفمبر 2020، متعددة ومن بينها لا يمكن تجاهل سياسة التعتيم الإعلامي والإلكتروني التي انتهجتها إثيوبيا عشرات المرات ليتمخض عنها: القطع الجزئي والكلي للإنترنت، وإغلاق بعض المواقع الإلكترونية المعارضة، وتطويق وحصار وسائل التواصل الاجتماعي الرئيسية على شاكلة “فيسبوك” و”تويتر” و”يوتيوب”.
وأوضحت الدراسة أن ذلك ساهم في رواج الرواية الإثيوبية الرسمية لوقائع الصراع، لانتشار الشائعات والأكاذيب والأخبار المضللة، مشيرة إلى أن انقطاع الاتصالات في إقليم تيجراي منذ انسحاب القوات الإثيوبية، وإعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد في أواخر يونيو 2021، أدى إلى صعوبة الحكم على الوضع الداخلي في تيجراي بعد أن قطعت حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد علي” الاتصالات عن الإقليم، ومنعت الإعلام من تغطية ما يجري من مجازر وانتهاكات لحقوق الإنسان باستثناءات قليلة (منها الهجوم الذي خلف ما يزيد على 200 قتيل في هجوم شنه مسلحون في بني شنقول في أواخر ديسمبر 2020 على سبيل المثال)، وهو ما يأتي على خلفية عدد من القوانين التي تجرم الاتصال الصوتي عبر الإنترنت، وتحظر عددًا من القنوات التليفزيونية، وتقيد حرية الوصول للإنترنت.
وأضافت الدراسة أنه قد سبق أن هدد رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” في أغسطس 2019 بقطع الإنترنت إلى الأبد، فقد قال في أحد مؤتمراته الصحفية إنه “إذا استمرت الاضطرابات المميتة في البلاد بالتحريض على الإنترنت، فقد يتم قطع الشبكة العنكبوتية في البلاد إلى الأبد”. كما أعلن أن إثيوبيا تريد أن تساعد الإنترنت في دفع عجلة التنمية، لكنه حذر من أنها ليست مياهًا ولا هواء. وقد جاءت تصريحاته تلك بعد اغتيال قائد جيش الدولة الواقعة في شرق إفريقيا.
وفندت الدراسة أبرز الدلالات للتعتيم الإثيوبي في عدد من النقاط منها:
قوة الصورة فهى تدرك إثيوبيا خطورة البث الحي لوقائع الصراع في إقليم تيجراي، والعزلة الدولية وهو أن في عصر السماوات المفتوحة من ناحية، وتواصل التغطية الإخبارية على مدار اليوم من ناحية ثانية، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي في كل مكان من ناحية ثالثة؛ فلا يزال من الممكن فرض العزلة على إحدى مناطق الصراع عن العالم الخارجي لعدة أشهر.
وكذلك انتشار الشائعات التى أعاقت السلطات الإثيوبية البحث عن الأخبار الدقيقة، ومنعت عددًا من المنظمات الإعلامية الدولية من الوصول إلى منطقة الصراع، وعطلت اتصالات الهاتف والإنترنت لأشهر ممتدة، مما يعني في مجمله خلق الفرصة وتهيئة المناخ لإطلاق الشائعات ورواج الأخبار الكاذبة، وهو ما دفع الإثيوبيين إلى التطلع إلى مصادر معلومات أخرى غير موثوقة؛ ففي حالات “الفراغ المعلوماتي” -إن جاز القول- غالبًا ما تتجه أطراف ثالثة وأصحاب المصلحة إلى ملء هذا الفراغ بروايتهم هم للأحداث، وهي الرواية التي قد لا تتطابق مع الواقع بالضرورة، بالإضافة إلى عدد من الدلالات الأخرى.
وأكدت أنه فرضت إثيوبيا في خضم صراعها ضد جبهة تحرير تيجراي رقابة صارمة على وسائل الإعلام، وقامت باعتقالات تعسفية، وأغلقت الصحف، وطال تأثيرها مواقع الصحف العالمية، وطردت المراسلين أو المبعوثين الأجانب، بالإضافة إلى قائمة الصحفيين والإعلاميين ضحايا الاضطهاد والاعتداءات الوحشية والاعتقالات التعسفية بزعم ارتباطهم بجماعات إرهابية، وهو ما يمكن معه الدفع بتطبيق وانتهاج سياسة قمعية ومتعمدة تهدف إلى نشر صورة مضللة عن وقائع الصراع في إقليم تيجراي، الأمر الذي أضحى واحدًا من الوسائل المستخدمة من قبل النظام الإثيوبي في محاولة لكسب الصراع واختبار أدوات جديدة وصولًا إلى “تصفية الإنترنت” إن جاز التعبير.