«على باب اليتيم».. دور رعاية أطفال تتحول إلى أوكار لتجار المخدرات
عندما تتحول بعض دور الأيتام إلى سلخانات تعذيب وسجونًا لأبرياء، ليس من المستغرب أن يتجمع حولها بقية عصابات التعذيب وأفراد السلخانة سجّاني الحياة من تجار المخدرات والكيف الذين يجدون محيط هذه الدور هو موقعهم المناسب لترويج بضاعتهم المسمومة، حيث أطفالًا أبرياءًا يهربون من سجنٍ لا ذنب لهم في دخوله إلى سجنٍ آخر يهيأ لهم أنهم داخلينه بإرادتهم، فربما هو الشئ الوحيد الذي يفعلونه كذلك، وربما كذلك هو الشئ الوحيد الذي يمنحهم متعتهم الزائفة، ليكتمل على اليتيم المشهد الدرامي فيخرج من سجن الدور إلى هاوية الوقوع في الإدمان والانحراف.
ذلك الأمر الذي أكدته الضبطية الأخيرة التي قامت بها الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة وأسفرت عن ضبط 22 عنصر إجرامي، اتخذوا محيط دور رعاية الأيتام بدائرتي قسمي شرطة «أول وثان أكتوبر» مسرحًا لإتجار المواد المخدرة.
والمُلاحظ للتصريحات الرسمية لوزارة التضامن الاجتماعى، يجد أن هناك تزايد في الانتهاكات بدور الرعاية الاجتماعية، الأمر الذى أدى إلى إغلاق 40 داراً، من أصل 448 داراً منتشرة على مستوى الجمهورية، أى يوجد حالياً 448 دار رعاية تخضع لرقابة الدولة، وتستحوذ منها محافظة القاهرة على نحو 226 داراً، تليها محافظة الجيزة التى تبلغ 60 داراً، ثم محافظة القليوبية التى بلغت 12 داراً، فيما بلغت محافظة الإسكندرية 35 داراً.
ففي عام 2015 أغلقت إحدى دور الرعاية بسبب التعذيب الذي يتعرض له الأطفال داخلها، كما أغلقت دار أيتام أخرى بالتجمع الخامس، بسبب استغلال أطفال الدار للعمل بالسخرة فى المزرعة، وكذلك الحال فى دار لرعاية الأيتام بمدينة نصر، بسبب سوء حالة الدار وعدم الاهتمام بالفتيات فى شتى النواحى الحياتية، وأيضاً غياب الترخيص.
وأكد الدكتور فتحي محمد الخبير التربوي لـ«الدستور» أنه يجب على الدولة الاهتمام بتنمية وتطوير دور الأيتام، والاهتمام بأطفال الملاجئ، وذلك من خلال التقييم الدائم لأداء مؤسسات الرعاية الاجتماعية المنتشرة فى كل أرجاء مصر، بالإضافة إلى توفير رقابة فعالة على المشرفين لمراقبة تصرفاتهم بشكل دائم، وتدريب العاملين في هذه المؤسسات للتعامل مع هؤلاء الأطفال.
وأضاف أنه يجب اتباع منظومة متكاملة لتأمين احتياجات أطفال الملاجئ وتوفير جميع صور الرعاية والتربية أخلاقياً ودينياً وعلمياً، بالإضافة إلى برامج إعادة التأهيل لهم لاكتشاف مواهبهم وقدراتهم وهواياتهم وتوجيهها بشكل سليم، فى الإنتاج والإبداع والابتكار، وتوكيد الثقة بالنفس لديهم وذلك لتحقيق الاستقرار النفسى لديهم لتعويضهم عن الرعاية الأبوية التي افتقدوها، موضحًا أنه من الممكن استغلال طاقة هؤلاء الأطفال وقدراتهم حتى يصبحوا نماذج مضيئة في المجتمع مشيرًا إلى أن الظروف الصعبة التي عاشوها قد تمنحهم خبرات وجدانية تميزهم عن غيرهم من الأطفال، وتجعلهم بدافعهم الذاتي يتجنبون كافة السلوكيات السيئة التي تهدد دائمًا بتحولهم إلى قنابل موقوتة في المجتمع من خلال جعلهم مجرمين وتجار مخدرات وغير ذلك.
أما الدكتور ياسمين محمود استشارى الأمراض النفسية والعصبية بوزارة الصحة، فأشارت إلى ضرورة توفير رعاية تلقائية دينية فطرية وإنسانية لأطفال دور الأيتام ، بهدف تأهيلهم للتعامل مع فئات المجتمع التي تستغل الظروف التي نشأوا بها لتخلق منهم نماذج سيئة، معتمدة على ضعف قدراتهم على التصدي لمواجهة الانحراف المجتمعي.
وبيّن القانون حقوق الطفل حسب ما ذكر محمود عطوة المحامي بالاستئناف العالي وذلك من خلال المادة رقم 80 من دستور 2014، إذ أنها تمثل حماية دستورية مبتكرة للطفل وتنص على أنه «يعد طفلاً كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، ولكل طفل الحق فى اسم وأوراق ثبوته، وتطعيم إجبارى مجانى، ورعاية صحية وأسرية بديلة، والتغذية الأساسية السليمة، ومأوى آمن، وتربية دينية، وتنمية وجدانية ومعرفية، وتكفل الدولة حقوق الأطفال ذوى الإعاقة وتأهيلهم واندماجهم فى المجتمع».
كما تنص أيضاً على التزام الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسى والتجارى، ولكل طفل الحق فى التعليم المبكر بمركز للطفولة حتى السادسة من عمره، ويحظر تشغيله قبل تجاوزه سن إتمام التعليم الأساسى، كما يحظر تشغيله فى الأعمال التى تعرضه للخطر، كما تلتزم الدولة بإنشاء نظام قضائى خاص بالأطفال المجنى عليهم، والشهود، ولا تجوز مساءلة الطفل جنائياً أو احتجازه.