مصر القوية
تستعيد مصر دورها عندما تعى قيمتها وتدرك رسالتها ويحكمها مَن هو مؤمن بعظمتها.. ولعل هذه المواصفات لم تتوافر فى حاكم مصرى منذ عقود كما توافرت فى الرئيس السيسى، الذى يمكن وصفه دون مبالغة بالقوى الأمين.. لقد خاطب السيسى المصريين بلغة يفهمها المواطن البسيط، وقدم لهم تعهدًا يعبر عن أمنيته (مصر أم الدنيا وهتبقى قد الدنيا).. ومرت سنوات صعاب.. تكاثر فيها الأعداء وتكاثرت التحديات، والمؤامرات.. لكن هذا الرجل الذى يؤمن بقيمة العمل واصل هو ورجاله العمل على تعظيم الدور الإقليمى لمصر فى محيطها.
هذا الدور الذى كان قد غاب أو غيب بفعل الترهل والشيخوخة التى أصابت مفاصل الدولة المصرية قبل يناير ٢٠١١ ثم أوشك على التلاشى والضياع فى السنتين التاليتين أو فى السنوات الثلاث التالية.. مع غياب الدور المصرى، الذى هو ركيزة القوة العربية، بدا أن الإقليم تتنازعه ثلاث قوى إقليمية كبرى.. فمن الشرق بدت إيران قوة كبيرة تبسط نفوذها على أربع عواصم عربية، وتستعد لالتهام ما تيسر من عواصم أخرى، وفى الشمال الشرقى بدت تركيا الراغبة فى استعادة الإمبراطورية العثمانية مستندة إلى ميليشيات الإسلام السياسى وإلى مخطط تم إفشاله يهدف إلى تحكم أنقرة فى العالم العربى من خلال وكلاء محليين من جماعة الإخوان المسلمين.. وفى قلب العالم العربى قوة ثالثة وهى إسرائيل التى بقت تنتظر فرصة سانحة للانقضاض على العالم العربى، وفق تصورات اقتصادية عن شرق أوسط جديد بتجليات مختلفة وتصورات مختلفة.. كان العالم العربى يعيش تجليات مختلفة لنفوذ هذه القوى وصراعاتها غير المباشرة مع بعضها البعض.. وكانت مصر حاضرة بالمظهر.. غائبة فى الجوهر.. أداءها أقل من تاريخها.. وتأثيرها أقل من حجمها.. ولا يعنى هذا أنها كانت غائبة بالكامل لكن يمكن القول إنها لم تكن حاضرة بالكامل.. بعد سبع سنوات من العمل والتخطيط تبدو الصورة مختلفة بالكلية.. ففى الجوار الليبى وقفت مصر سدًا منيعًا أمام التغول التركى ورسمت خطًا أحمر التزم به الجميع.. وقادها حسن سياستها وتجميعها لأوراق اللعب إلى كسر الغرور التركى وقبول تركيا لأن تجلس على مائدة المفاوضات لتلبى المطالب المصرية وتسمع وتطيع.. وفى الشرق مدت مصر جسور التفاهم مع بغداد إحدى حواضر العروبة التى تحولت بعد الغزو الأمريكى إلى مسرح للنفوذ الإيرانى لكنها تعود بمساعدة مصر إلى المحور العربى ضمن باقة تعاون اقتصادى وسياسى يدخل فيه الأردن الذى بدا فى حاجة للاحتماء بشقيقة كبرى مثل مصر بعد أن تبدلت تحالفاته الإقليمية وجرت فى مياهه أنهار كثيرة.. وبدا أن مشروع (المشرق الجديد) نواة لمحور عربى يطرح العرب وفى قلبهم مصر كقوة إقليمية رابعة فى الإقليم.. ولم يكن الوجود المصرى فى غزة بموافقة جميع الأطراف ومباركتها سوى تجل آخر للقوة المصرية على الأرض ولدور مصر الذى لا يمكن الاستغناء عنه.. وبينما يجرى هذا كله كان حفاظ مصر على علاقاتها بالأشقاء فى الخليج وترشيدها وحل المشكلة مع قطر فى إطار الحوار العربى العربى.. وهى كلها نتائج لعمل مهنى واحترافى تقوم به الإدارة المصرية وفى قلبها الرئيس السيسى الذى أبر بوعده وعظم من الدور الإقليمى المصرى ومن مقومات القوة المصرية.. فتحية لمصر الكبيرة.. التى تكبر كلما عرف حاكمها قيمتها وأحسن إدارتها.. وعلى الله قصد السبيل.