نحترم الشعراوي ولا نقدسه
على مواقع التواصل الاجتماعى لاحظت ضجة أمس.. هى فى الحقيقة ضجة موسمية تُثار من وقت لآخر كلما ظهر انتقاد هنا أو هناك للشيخ الشعراوى.. أتابعها كلها عن قرب واهتمام.. المصادفة السعيدة أن الضجة هذه المرة كانت بسبب تصريحات أطلقتها فى برنامج «رأى عام» على قناة «تن» مع الزميل الإعلامى عمرو عبدالحميد.. كان الكلام عن كتاب «دعاة عصر السادات» و«دعاة» جمع داعية.. والمعنى أن الكتاب يتحدث عن «الدعاة» الذين ظهروا فى عصر الرئيس السادات جميعًا وليس عن داعية واحد هو الشيخ الشعراوى.. الأستاذ عمرو عبدالحميد مذيع مثقف.. لغته مهنية.. لا يبحث عن الإثارة.. وبالتالى كنا نتحدث عن الدعاة بشكل علمى.. كنا نناقش نقاشًا موضوعيًا.. علميًا.. نحاول أن نفهم ما الذى جرى لمصر خلال الخمسين عامًا الماضية.. أو ماذا جرى فى سنوات صعود الإخوان.. ولماذا صعد الإخوان؟ ولماذا.. ولماذا.. ولماذا؟؟ ألف سؤال حائر يبحث عن إجابة.. واحدة من الإجابات هى ما اجتهدت وقدمتها فى الكتاب.. كان اللافت أن الزميل عمرو عبدالحميد سألنى عن خمسة دعاة.. منهم الشيخ كشك ومنهم الشيخ الغزالى.. ومنهم د. عبدالحليم محمود.. ومنهم الشيخ المحلاوى.. وسألنى عن جماعة الإخوان وعن أشياء أخرى كثيرة، لكن زميلًا ما فى موقع صحفى قرر أن يترك ساعة كاملة من الحوار.. وأن يركز فقط على ما قلته عن الشيخ الشعراوى.. أو على نقدى أفكار فضيلة الشيخ الشعراوى، رغم أننى قلت فى نفس الحلقة إننى احترمته ووصفته بأنه «موهوب» وبأنه «شخصية كبيرة».. لكنها لعنة التريند.. تصيب الصحفى قبل أن تصيب القارئ.. هناك لعنة أخرى اسمها عدم التبين.. عدم التحقق.. عدم مشاهدة الحلقة والاكتفاء بثلاث ثوانٍ منها. ثم المسارعة بالتعليق فى الثلاث ثوانٍ التالية.. يحدث ذلك لأننا غاضبون ونريد أن نفرغ غضبنا فى أى شىء.. ولأننا متعجلون.. نحن نقرأ الخبر على الموبايل ونحن نقود السيارة.. أو ونحن نتحدث مع الزوجة.. أو نحن فى اجتماع مهم.. لذلك لا وقت لدينا لنقرأ ولا لنفهم.. ولا لنفكر.. وإن كان لدينا وقت لإعلان الغضب.. بالنسبة للموضوع نفسه.. أنا متمسك بحقى وحق كل كاتب مصرى فى انتقاد الشعراوى إذا أراد.. أو فى الدفاع عنه إذا أراد.. متمسك بحقى وحق كل زميل فى دراسة الأثر الثقافى والاجتماعى للإخوان على المجتمع المصرى.. وتأثير أفكارهم على المصريين بما فى ذلك الدعاة المشاهير.. الذين أقول بكل وضوح إن بعضهم تأثر بأفكار الإخوان، وكان صديقًا لحسن البنا، ووصف سيد قطب بأنه «صاحب الظلال الوارفة».. ما يمكن أن تحاسبنى عليه يا صديقى القارئ ليس الرأى.. ولكن كيفية التعبير عن الرأى.. لك يا عزيزى القارئ أن تطمئن.. إننى أحترم الشيخ الشعراوى وغيره.. وانتقادى له لا يعنى أن أسىء له أو أن أستخدم لغة غير علمية فى الحديث عنه.. بل إن صديقة اتصلت بى منذ شهور لتسألنى.. كيف تنتقد الشيخ وتصفه بـ«فضيلة» الشيخ الشعراوى.. فقلت لها إن هذا ما تعودته.. وإنه لا يغير فى رأيى عنه شيئًا.. إن هذا اجتهادى وهذه أفكارى.. قلتها وأنا صحفى فى روزاليوسف وقلتها وأنا رئيس تحرير الصباح، وأقولها وأنا ضمن كتيبة الدستور.. وأتحمل نتيجتها بكل الاطمئنان وراحة الضمير.. أحترم الشيخ الشعراوى جدًا.. ولكنى نقدته وأنقده وسأنقده بكل تقدير.. ألا هل بلغت اللهم فاشهد.