النقض تلغي حكم سجن متهم رغم اعترافه بحيازته حقيبة مخدرات
أصدرت محكمة النقض حكما بقبول طعن متهم وإلغاء حكم سجنه وبراءته مما نسب إليه من حيازة المخدرات داخل سيارته، استنادا إلى بطلان إجراءات التفتيش والقبض من قِبل ضابط الواقعة، رغم اعتراف المتهم بحيازته حقيبة المخدرات.
بداية القضية
تعود تفاصيل الواقعة -وفقا لما أوردته محكمة الجنايات- أنه أثناء مرور ضابط الواقعة لتفقد الحالة الأمنية أبصر بالقوة المتهم وآخر يجلسان داخل سيارة فتوجه نحوهما قاطعًا طريقهما ومحيطهما بالقوة المرافقة، وقام بفتح باب السيارة المجاورة للمتهم فاشتم رائحة المخدرات تنبعث منها، وشاهد لفافة تبغ فى دواسة السيارة أمام مقعد القيادة، وبسؤال المتهم تبين عدم حمله تحقيق شخصية أو تراخيص، وبتفتيشه له عثر بين طيات ملابسه على قطعة لمخدر الحشيش، وبتفتيش السيارة عثر على حقيبة فى المقعد الخلفي تبين احتوائها على عدد 12 قطعة حشيش، وهو الذي أقر المتهم بحيازتها، قائلا إنه كان على وشك تسليم الحقيبة لمرافقه.
واعتبرت محكمة النقض أن ما وقع من الضابط على المتهم يعد تقيدا لحريته؛ لعدم تبينه وجود المخدر المضبوط أو مشاهدة الجريمة بنفسه في إحدى حالات التلبس التي تجيز له ذلك القبض والتفتيش اللذين وقعا على المتهم.
حيثيات الحكم
وذكرت النقض في حيثيات حكمها أن المادة 54 من الدستور قد نصت على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي"، وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد وتفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقا لأحكام القانون".
وأوضحت النقض أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحاسة من حواسه، ولا يغنيه عن ذلك تلقي نبأها عن طريق النقل من الغير شاهدًا كان أم متهمًا يقر على نفسه، مادام هو لم يشهدها أو يشهد أثرا من أثارها ينبئ بذاته عن وقوعها.
وأشارت النقض إلى أن البين قيام ضابط الواقعة بإحاطة المتهم وقطع الطريق عليه داخل سيارته ونشر القوة المرافقة له حولها، مما نتج عنه تقييد حريته -وهو القبض بعينه- المنهى عنه في غير حالاته المبينة فى القانون، لافتة إلى أن ذلك كله كان قبل أن يتبين وجود المخدر المضبوط أو مشاهدة الجريمة في إحدى حالات التلبس التي تجيز له ذلك القبض والتفتيش اللذين وقعا على المتهم.
وشددت النقض على أن ما قام به ضابط الواقعة من تفتيش جاء باطلا، وكذلك بطلان الشهادة التي ترتبت على ذلك، ولا يصلح التعويل على الدليل المستمد منها فى الإدانة.
وأوضحت النقض أن الدليل الوحيد في الدعوى هو ما أسفر عنه التفتيش الباطل وشهادة من أجراه، مشيرة إلى أن انتهاء محكمة الجنايات إلى "رفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وبطلان الدليل المستمد منها وتسانده إليهما فى إدانة المتهم" يكون باطلا ومخالفا للقانون لاستناده فى الإدانة إلى دليل غير مشروع.
وأكدت النقض أنه يتعين عليها فى ظل عدم وجود دليل آخر على المتهم، نقض الحكم وبراءته دون المحكوم عليه غيابيا الذي لم يكن له الحق فى الطعن بطريق النقض من تهمتي حيازة وإحراز المخدرات.