بين الواقع والخيال.. «كوفيد 25» يثير جدلا كبيرا بين الأطباء: هل يتطور الفيروس؟
"ترقب.. خوف.. أعقبه ذهول ثم هجوم".. هذا ما حدث تفصيلا عندما عُرض برومو مسلسل "كوفيد ٢٥"، الذي ينتمي إلى فئة مسلسلات ال١٥ حلقة، ورغم أن الترقب كان لتشابه اسم المسلسل مع فيروس كورونا المستجد -كوفيد ١٩- إلا أن هذا الترقب سرعان ما أثار جدلا كبيرا بين مختلف فئات المصريين، ثم أغضب الأطباء من مختلف التخصصات، فبينما وصفه الغالبية بأنه "غير علمي وغير دقيق" وصفه آخرون بأنه تطور خيالي لفيروس كورونا المستجد "كوفيد ١٩".
وما بين الواقع الذي نعيشه مع فيروس كورونا وتطورات أوضاعه يوما بعد الآخر وبين خيال صانعي المسلسل، يظل السؤال مطروحًا: هل يناقش مسلسل "كوفيد ٢٥" قضية واقعية أم أنها تنتمي لفكرة الخيال العلمي، خاصة في ظل غضب الأطباء وتكذيبهم لما يدور من أحداث داخل المسلسل، وهو انتقال الفيروس بالنظر عن طريق العين.
"الدستور" تواصلت مع أطباء مناعة وفيروسات، وآخرين أشرفوا على علاج مرضى فيروس كورونا المستجد، لمعرفة آرائهم حول ما يعرضه مسلسل "كوفيد ٢٥".
قال الدكتور أمجد الحديدي، استشاري أمراض المناعة والفيروسات، إن انتقال كوفيد ١٩ بالعين هو أمر وارد حدوثه وبدأت ظهور حالات انتقل لها فيروس كورونا المستجد بواسطة العين، لكنها حالات قليلة، مؤكدا أن ما نشهده الآن من انتقال الفيروس هو انتقاله وحدوث العدوى من الأنف إلى الصدر وهو ما يُسمى علميا بعدوى الجهاز التنفسي.
وأضاف "الحديدي" خلال حديثه لجريدة "الدستور" ، أن انتقال الفيروس يتم من خلال الرذاذ، حين يدخل الرذاذ إلى الأنف أو الفم أو العين، لذلك يمكن لشخص يرتدي الكمامة بشكل دائم أن يصاب بفيروس كورونا عندما يتحدث مع شخص مصاب بكورونا لا يرتدي الكمامة، وذلك عن طريق دخول رذاذ الأخير إلى عين الأول محدثا إصابته، لذلك ينصح الأطباء دائما بارتداء الجميع للكمامات لأن العين هي وسيلة لنقل العدوى.
وأشار "الحديدي" إلى أنه حتى الآن لا توجد عدوى بالنظر، لكن توجد عدوى بالعين عندما يدخل الرذاذ إليها، لكن ما يتم مناقشته في مسلسل كوفيد ٢٥ حتى الآن غير وارد علميا، مضيفا أن تطورات الفيروس أصبحت غريبة.
وعن تنبؤ مسلسل كوفيد ٢٥ بانتقال الفيروس بالنظر، قال "الحديدي" إنه في الأيام الماضية أصبحت الحالات تأتي بشكاوى من إحمرار في العين وعدم الرؤية بشكل جيد، لكنها لم تصل إلى العمى، مؤكدا أن من أعراض متلازمة ما بعد التعافي شكاوى المتعافين من التهابات شديدة بالعين، وتفسير ذلك هو أن الأجسام المضادة بنسبة ٣٠ بالمئة تهاجم الجهاز العصبي والخلايا العصبية والتي ينتج عنها الشعور بالتعب في العين.
أما الدكتور محمد علام، نائب مدير مستشفى النجيلة للعزل سابقا، قال إن ما يناقشه المسلسل من انتقال الفيروس عن طريق العين فقط هو أمر مستحيل، فلكي ينتقل الفيروس لابد من وجود مدخل ومخرج، والمخرج في حالة كوفيد ١٩ هو الجهاز التنفسي "الفم والأنف" لكن المدخل "الأنف والفم وأيضا العين"، لأنها مرتبطة بالقناة الدمعية وهنا تنقل للمصاب.
وأضاف "علام" خلال حديثه لـ "الدستور"، أن من المستحيل أن تكون العين هي المخرج كما يناقشه مسلسل "كوفيد ٢٥"، مؤكدا أنه لا يوجد فيروس ينتقل عن طريق الإشعاع، فلابد من وجود سوائل من الجسم "الدم أو الرذاذ"، وأي سائل يخرج ويكون محمل بالفيرس في حالة العين السائل الوحيد هو الدموع، والتي من الممكن أن تنقل ولكن يبقى السؤال: كيف يمكن أن تتسبب في انتقال الفيروس والوصول إلى عين شخص آخر؟.
وأكد "علام" أن المسلسل كان لابد أن يُراجع علميا، خاصة أننا في وقت تفشي الوباء وهذا سيتسبب في رعب أكثر للجميع، في ظل تشابه اسم المسلسل مع وباء كوفيد ١٩، وعن تأثيره على الأعصاب قال "علام" إنه حتى الآن لم يثبت تأثير الفيروس على الأعصاب رغم وجود تأثير في الحالة النفسية بشكل كبير، فهناك عدد من المتعافين يصل بعد الإصابة لحالة اكتئاب تظل معه لشهور وضعف في التركيز والنسيان.
واشتعلت أزمة "كوفيد ٢٥"، حيث ناقشها الدكتور خالد منتصر، خلال حديثه لـ"الدستور"، قائلا إنه من المسموح لكل فنان أن يحلق بخياله لكن الفرق بين خيال الفنان المبدع والهلاوس والضلالات في الأمراض النفسية الخطيرة وما يسمى الـ flight of ideas هو المنطق والتماسك والإحكام في بناء هذا الخيال، مضيفا أن مسلسل "كوفيد 25" افتقد المنطق العلمي، فالحديث عن فيروس ينتقل بالطاقة الكهرومغناطيسية بالنظر ويجعل الناس تنتحر ليس له أي أساس أو حتى لمحة نستطيع الاقتباس منها أو البناء عليها.
وضرب "منتصر" مثالا على ذلك بعباس بن فرناس الذي حلق بخياله وحاول الطيران وفشل لكن الأساس والمنطق موجود في الطيور التي كان يراها كل يوم ويحاول تقليدها، مشيرا إلى أن نقل الفيروس بالنظر الذي ليس فيه أي وسيط ما هو إلا هراء.
"ثرثرة وحشو"... هكذا وصف "منتصر" انتقال الفيروس بالنظر بأنه مجرد لغط وثرثرة لحشو الوقت الذي لابد أن نستفيد منه في فهم العلم وإرساء قواعد التفكير المنطقي بدلاً مما نراه من تسويد صفحات سيناريو وتحويلها إلى مشاهد مفككة تفتقر إلى أي منطق.
وفي حوار مع مؤلفة مسلسل "كوفيد ٢٥" إنجي علاء، قالت إنها استعانت بعدد كبير من العلماء المتخصصين فى الهندسة الوراثية وعلم الجينات، وأطباء التخدير والجراحة العامة والمخ والأعصاب، إلى جانب حرصها على متابعة كل جديد يخص هذا الفيروس، الأمر الذي أثار جدلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي من قِبل الأطباء، حتى تحول هذا النقد لسخرية.