سندات خضراء وسيارات غاز.. لغة البيئة تتحدث في مشاريع التنمية المستدامة
توجهات محددة أعلنتها القيادة السياسية وعلى رأسها وزارة البيئة بأن تسير مصر في خطى ثابتة مع توجهات العالم في الحفاظ على البيئة كهدف أساسي في التنمية المستدامة لرؤية مصر 2030 من خلال المشروعات الصديقة للبيئة التي تحد من معدلات التلوث وهو ما دفع الحكومة إلى طرح السندات الخضراء، أو ما يعرف بالاقتصاد الأخضر كاستراتيجية جديدة لتقليل المخاطر البيئية المرتبطة بالاقتصاد، بحيث تتحقق التنمية المستدامة دون أن تؤدي إلى التدهور البيئي.
وقالت الدكتور ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، إنه تم التنسيق مع وزارة المالية لطرح السندات الخضراء بقيمة 750 مليون دولار، وتصديق مجلس الوزاراء على معايير الاستدامة البيئية في إطار السعي للوصول إلى 50% من مشروعات الحكومة مشروعات خضراء خلال 3 سنوات، وعلى رأس هذه المشاريع مبادرة تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي والتي تتولاها وزارة التجارة والصناعة.
ماذا يعني الاقتصاد الأخضر؟
في البداية، يمكن تعريف الاقتصاد الأخضر بأنه اقتصاد يُوجه فيه النمو في الدخل والعمالة بواسطة استثمارات في القطاعين العام والخاص من شأنها أن تؤدي إلى تعزيز كفاءة استخدام الموارد، وتخفيض انبعاثات الكربون والنفايات والتلوّث ومنع خسارة التنوّع الأحيائي وتدهور النظام الإيكولوجي.
وتكون هذه الاستثمارات موجهة بدوافع ازدياد الطلب في الأسواق على السلع والخدمات الخضراء، والابتكارات التكنولوجية، بواسطة تصحيح السياسات العامة الضريبية فيما يضمن أن تكون الأسعار انعكاسًا ملائمًا للتكاليف البيئية.
وعرف الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، السندات الخضراء التي تهدف إلى تمويل مشروعات صديقة للمناخ والبيئة، بحيث تخدم المشاريع ذات النوع الخدمي، طارحًا مثال وهو مشروعات الكهرباء فبدلًا من أن تعمل بالغاز أو الجاز يتم تحويلها إلى التوليد بالرياح، لذلك تصبح نوع من الخدمة تقدمها الدولة لحماية البيئة من تلوث الجاز.
وأوضح النحاس أن مصر تسعى لطرح هذه السندات الخضراء وبكثرة كنوع من أنواع التمويل، بحيث تستخدمها في المشروعات الجديدة والتي تشمل في مكوناتها البيئة، وتساعد الدولة كذلك في التغيير في أساليب التمويل لمواكبة الدول الأخرى في توجهاتها وهو ما يتفق مع التنمية المستدامة لرؤية مصر 2030.
أضاف أن السندات الخضراء تساعد في تغيير سياسية العمل بالمصانع وعلى سبيل المثال مصانع الأسمنت التي تنتج ملوثات للبيئة بحيث تستخدم الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بدلا من استخدام البنزين أو الغاز، وتكون نتيجته التخفيض من تكلفة الإنتاج وإنتاج منتج جيد دون إحداث ملوثات للبيئة.
وقال الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، إن طرح مصر لهذه السندات الخضراء بقيمة 750مليون لأجل 5 سنوات من الدولة يؤكد مكانة وقدرات الاقتصاد الوطني للحكومة، ويأتي مواكبًا لمحاولة القيادة السياسية للتنوع في مصادر التمويل في هذا النوع من المشروعات المرتبطة بالبيئة.
وأوضح الشافعي أن الحكومة تسعى للتوسع في استثمارات مشروعات الاقتصاد الأخضر الصديقة للبيئة، وهو ما ظهر جليًا من خلال مشروع منوريل العاصمة الإدارية والمشروعات التي تقلل انبعاثات الكربون، حيث تعمل الدولة على ما يقرب من 700 مشروع من هذا النوع حاليًا.
وأشار إلى أن هذا التمويل الجديد سواء سندات خضراء أو التمويلات الجديدة التي حصلت عليها مصر لمواجهة فيروس كورونا، في احتواء الأثر الاقتصادي والمالي لجائحة كورونا، والتي تضررت منها كبرى الاقتصاديات العالمية.
وتابع "حزم التمويل المالية تدعم جهود الدولة في مواجهة تداعيات فيروس كورونا المستجد ولمساعدة الاقتصاد المصري في الحفاظ على مكتسبات نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي رفع معدلات النمو إلى 5.5%، وخفض معدل البطالة إلى 7.5%.
ثم نأتي لمشروع استبدال السيارات الملاكي القديمة المتهالكة التي تعمل بالبنزين إلى أخرى تعمل بالغاز الطبيعي والذي أعلنته وزارة المالية في العام الماضي، وآثاره الإيجابية سواء من الجانب البيئي حيث يقلل من تلوث الهواء والحفاظ على البيئة من الانبعاثات الكربونية الضارة الناتجة من استهلاك البنزين، أو من الجانب الاقتصادي من خلال تخفيض الدعم المقدم للوقود من خلال التحديث والدفع بسيارات حديثة تستهلك وقودًا أقل.
وعلق الدكتور مجدي علام، الخبير البيئي، أن هذا المشروع سيعود بالفائدة على المناخ البيئي في مصر، فالملوثات الأساسية التي يتعرض لها المناخ الحالي هو الأتربة وأكاسيد الكربون والنتيروجين والكبريت الناتجين من عوادم السيارات التي تعمل بالبنزين، خاصة مع الازدحام الشديد تزداد نسب الملوثات في الجو وتظل عالقة وتنتشر بكثرة مؤثرة بالسلب على الهواء والماء والخضرة.
أوضح علام أن استخدام الغاز الطبيعي في السيارات والذي لا يخرج منه أكاسيد الكربون أو الكبريت سيحد من تلوث البيئة ويحافظ عليها، من خلال تقليل نسب حرق الوقود من أي نوع من مشتقات البترول سواء في محطات الكهرباء أو شكمانات السيارات أو القطارات والأتوبيسات، والتي تزيد من نسب التلوث بأحمال كثيرة.