مع استحواذ الدول الغنية على لقاح كورونا.. هل يصبح التصنيع المحلي الحل؟
شهد العالم صراعًا جديدًا من أجل البقاء مع ظهور لقاحات فيروس كورونا عندما استحوذت الدول الغنية على النسبة الأكبر من هذه اللقاحات، في حين لم تتوافر إلا نسب قليلة للدول الفقيرة.
وهو ما أكده الدكتور أيمن الشبيني، مدير المعاهد البحثية بمدينة زويل، حيث قال إن تعداد مواطني الدول الغنية بلغ 1.1 مليار مواطن، فيما قامت تلك الدول بحجز ما يقارب الـ4.4 مليار جرعة من لقاحات فيروس كورونا، ليتركوا القليل من تلك اللقاحات إلى باقي الدول الفقيرة والنامية، ما دفع مؤسسة «جافي» للتدخل من أجل ضمان توزيع عادل للقاحات على مستوى دول العالم.
في هذا الصدد خبراء يوضحون لـ«الدستور» كيف يمكن الصمود أمام فيروس كورونا وتوفير اللقاحات اللازمة للتطعيم.
في البداية، أكد الدكتور محمد عز العرب، استاذ الباطنة بالمعهد القومي للكبد والأمراض المعدية، أن الدول الغنية استحوذت بالفعل على النسبة الأكبر من اللقاحات، طارحًا مثال عن بريطانيا التي حصلت على 300 مليون جرعة في حين أن عدد سكانها 66 مليون فقط، حيث وفروا هذه النسبة الكبيرة من اللقاحات لتحور سلالات الفيروس،
وأوضح عز العرب أن الدول الغنية اعتمدت على توفير مخزون من اللقاحات أعلى من عدد السكان، حيث استحوذت على 95% من إنتاج الشركات للقاحات، لأن هناك أبحاث تشير إلى أنه يمكن إعطاء جرعة ثالثة من اللقاحات في حالة تحور الفيروس وزيادة السلالات.
وأضاف أنه بعد هذا الاستحواذ من الدول الغنية للقاح يجيب عز العرب عن الحل أنه على المدى المتوسط يصبح التصنيع المحلي هو الحل والأساس لتلبية الاحتياجات من اللقاحات، خاصة أنه على المدى البعيد سيكون هناك سلالات جديدة، واحتمالية وجود أنواع أخرى من الأوبئة.
وتابع: «تحذيرات منظمات الصحة العالمية أننا بدأنا عصر ما بعد كورونا، حيث دخلنا في فترات يمكن أن نجد بعض الطفرات التي تحدث، ومن الممكن أن يوجد أنواع أخرى من الكورونا في المستقبل.. لذا يجب نقل التكنولوجيا المعرفية يصبح هدف أساسي، وهنا لدينا إمكانيات للفاكسيرا لذا يجب وضع خطة لإنتاج اللقاحات بشكل كبير فالمستقبل أصبح يتغير وكذلك الاستراتيجيات الصحية أصبحت تتغير».
وعن فاكسيرا ودورها في تصنيع اللقاح، قال «عز العرب» إنه لا يجب إغفال الدور الرئيسي لها وتطوير العمل بها وتمتلك الإمكانات البشرية والبنية التحتية لإنتاج الأمصال واللقاحات، ويجب التفريق بين اللقاح والمصل، حيث يجب العمل على تطويرها كمؤسسة قومية لها الكثير من الجهود السابقة والحالية وتطويرها للقيمة المضافة في هذا المجال، ومع ذلك نُحيي أي جهود لأن مصر تحتاج أن يكون لها التصنيع الخاص بها في الأمصال والتطعيمات، تجنبًا لحدوث أي ازمات، لأن وقتها كل دولة تنغلق على نفسها خاصة وقت الأوبئة كما حدث مع أزمة فيروس كورونا المستجد في البداية.
أستاذ الصحة العامة: التوزيع غير العادل له عواقب وخيمة
في حين انتقد الدكتور عبد اللطيف المر، أستاذ الصحة العامة بكلية الطب جامعة الزقازيق، بشدة ما يحدث حاليا من توزيع اللقاحات طبقا القدرة الاقتصادية لبلد ما، محذرًا من العواقب الوخيمة لهذا التوجه، حيث أنه يجب توزيع اللقاحات طبقًا للاحتياجات الفعلية للدول من أعداد فئات كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.
وأكد أنه يجب أن يكون التوزيع طبقا لاحتياجات الدول وهو ما تنادي به منظمة الصحة العالمية، إلا أن ما يحدث فعليا على أرض الواقع وفقا لقدرة الاقتصاد في الدولة، وكذلك أصحاب أو ملاك الشركات، فعلى سبيل المثال وجود شركة فايزر في أمريكا لذا صدر قرار أن لا يتم توزيع هذا اللقاح للدول الأخرى إلا بعد تلبية احتياجات الدولة الأم الموجود بها الشركة وتحقيق اكتفاءها، لذا تعتمد الدول على استخدام قوتها أو قوانين الطوارئ الخاصة بها في عدم تصدير اللقاحات إلى الدول الأخرى.
مبادرة «كوفاكس» غير المسبوقة لتوفير اللقاحات لـ20% من سكان العالم
وأشار إلى أن لهذا مبادرة «كوفاكس» وهي الأفضل فهي غير مسبوقة بتاريخ البشرية تتكون من منظمة الصحة العالمية واليونسيف والاتحاد الدولي للتطعيمات، تسعى لتوفير 20% من احتياج جميع الدول من اللقاحات بغض النظر عن قدرتها الاقتصادية، من خلال جمع الأموال اللازمة من الدول (كل دولة وفقا بقدرتها الاقتصادية أي لا تتساوى في نفس المبالغ المحددة).
وتابع: «يتم توزيع الحد الأدنى من السكان وهم كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، وهذا المبادرة لاقت نجاحًا مذهلًا وتؤكد المؤشرات أنها ستتمكن من تغطية هذه النسبة التي حددتها 20% من السكان العالم بنهاية عام 2021، إلا أن هذه الوتيرة غير كافية للقضاء على فيروس كورونا، لأن هذه النسبة تعتبر توزيع بطيء غير كافي للقضاء عليه بنهاية هذا العام ويجب على جميع الدول أن تتعاون مع هذه المبادرة للقضاء على المرض لأنه لا يمكن لأي دولة بمفردها أن تنجو، فلا يمكن لأحد أن ينجو وحده».
وناشد الدكتور عبد اللطيف الجامعات والمعاهد البحثية في مصر أن تحاول بقدر الإمكان تطوير هيئة اللقاحات وهي هيئة مشهود لها بالكفاءة وتنتج بالفعل فاكسيرا، ولديها خطوات أولى بكوفيد ما يؤهلها لإنتاج لقاحات بالفعل لذا نناشد الإسراع في التصنيع المحلي للقاحات.
وأوضح «المُر» أن كورونا أعطى العالم درسًا أنه لابد من زيادة الإنفاق من الميزانية على البحوث العلمية والصحة، فحتى لو كانت الدول غنية ماديًا ولكن عدم توافر القدرات البحثية والصحية الواجبة لا يمكنها من الحصول على اللقاحات لعدم توافر المؤهلات الكافية لتخزينه وفقًا للإجراءات المتبعة الصحيحة للتخزين، وبالتالي يجب زيادة الإنفاق على البحوث العلمية والصحة.