بسنت حسن تكتب: ما تعلاش عن الحاجب
«العين ما تعلاش عن الحاجب».. هو مثل مصري شهير من بين ترسانة من الأمثال المصرية التي يُعد البعض منها عبقري المعنى والدلالة، في حين يدعو البعض منها ويرسِّخ لثقافة وفكر مغلوط، بل وأحيانًا منحط شديد الوضاعة والبؤس، تلك الأمثال جميعها نتاج لعقل جمعي شكلته عوامل كثيرة.
والمثل الذي نحن بصدده اليوم يدعو ودون شك لحالة من الانبطاح والانسحاق والشعور بالتدني والنقص والإحساس بالدونية، وجميعها مشاعر سلبية عبّر عنها وكتبها ببراعة الكاتب والسيناريست المصري الشاب هيثم دبور، ونسجها المخرج الشاب تامر عشري في إطار فيلم سينمائي قصير قوي الدلالة يحمل ذات الاسم «ماتعلاش عن الحاجب».
ويعبِّر عن حالة الدونية والانبطاح التي تعانيها المرأة في المجتمع الذكوري الذي فرض عليها ثقافة الريف، ونزوح ذلك الريف وزحفه على المدينة، وترييفها وتجريفها من كافة مكتسبات الحضارة والمدنية تمامًا، كما جُرّف الريف من أراضيه الزراعية، فصارت المدن مريفة التوجه والثقافة، وفقد الريف زرعه ونباته وخيره، ونتج عن ذلك ثقافة أخرى فرضت على المرأة وهي ثقافة التخفي أو الاحتجاب، تارة بفرض الحجاب على النساء تذرعًا بالدين، ثم فرض النقاب وجعله مكرمة وفرضًا إلهيًا، في حين أنه يعبِّر عن رغبة الرجل عمومًا والزوج خصوصًا بفرضه على زوجته وزوجات غيره تذرعًا بالإله، وطلبًا للجنة، في حين أن الواقع يثبت لنا كل يوم أن هؤلاء النساء اللاتي يختفين وراء النقاب يعشن في واقع الأمر في ظلام دامس في الدنيا، انتظارًا لظلام القبور والانتقال للآخرة!
وبالتالي ينتقل هؤلاء السيدات من الظلام للظلام، ولن يرين النور أبدًا.
فيلم «ماتعلاش عن الحاجب» تظهر عبقرية فكرته رغم بساطتها وبساطة الفيلم من اختيار الاسم والعنوان، فالمثل الشهير يقول - بانبطاح عجيب - (إنَّ العين ماتعلاش على الحاجب) في حين أن العين هي كل شيء.. العين هي التي ترى الوجود، وترى النور، ولكن ثقافة الانبطاح والثقافة المعنية بالهامش والمظهر والمكملات وكل ما هو ثانوي تعلي من شأن الحاجب لمجرد وجوده أعلى العين، ووقوعها هي في الأسفل!! وإن كانت هي الأهم.. فالعين هي كل الحكاية.. هي الرؤية، والحاجب ما هو إلا مكمل شكلاني لها.
اختيار عنوان الفيلم يعكس كم الذكورية المقيتة التي تحيط بنا، وتترسخ في الذهنية الجمعية والتي عبر عنها العمل ببراعة.. فالرجل هو الحاجب الذي يعلو على العين، والتي هي بالطبع في الفيلم معادل موضوعي للمرأة المنتقبة التي لا يرى منها سوى تلك العين التي يعلوها الحاجب!
فالحاجب صار هو الأعلى والعين في منزلة متدنية شأنها شأن المرأة المهمشة، التي خلقت فقط ليعتليها الرجل ويصبح هو الأعلى وتصبح هي مجرد أداة إنجاب ومتعة لذلك الرجل فحسب، وبما أن الرجل في الفيلم هو أيضًا المعادل الموضوعي للحاجب فهو المتحكم الأوحد دومًا في حاجب زوجته أو حاجب المرأة في العموم.. فلا يجوز للمرأة «نمص» ذلك الحاحب قبل الزواج حتى تعرض للرؤية الشرعية التي تعرض من خلالها النساء على الرجال كالسلع والبضائع فتنتقل ملكيتها بالكامل لذلك الرجل الذي يرى عينيها فقط.
ساق الفيلم حوارا مكثفا غير مطول بين سيدتين منتقبتين تزاملتا منذ الدراسة في الجامعة في كلية الطب، وتلك إشارة أخرى ذكية ساقها صناع العمل، فغالبية أصحاب الفكر الأصولي سواء من الرجال أو السيدات يتخرجن عادة في الكليات النظرية كالطب والعلوم والهندسة، فدراسة الآداب والتاريخ والدراما أمور شديدة البعد والبغض بالنسبة لهؤلاء، في حين دراسة العلوم النظرية الجافة التي لا تقبل التأويل والتفكير ولا رحابة فيها ولا روح هي الأقرب دومًا لهم.
زمالة الفتاتين في الكلية جعلت إحداهما - وهي الملتزمة منذ دخولها للجامعة بالزي الأصولي لانحدارها من أسرة أصولية فقيرة - تسعى لجذب الأخرى لذات الطريق - طريق الهداية والنقاب - بعد أن كانت تدخن السجائر والشيشة وتحتسي الخمور، وصارت كلتاهما اليوم من المنتقبات، وتزوجت من سارت في طريق الأصولية من أصولي بنظام الرؤية الشرعية بعد ارتدائها للنقاب، وبقيت الفقيرة الملتزمة بالنقاب وظلمته طوال ٢٩ عامًا بدون زواج.
مظاهر الثراء بدت بالطبع على المتزوجة، فالأصوليون يعمل غالبيتهم في التجارة ذات الربح السريع ولنا في السويركي وغيره من أصحاب الأيديولوجيات ورؤوس الأموال الكثير من الأمثلة والنماذج المشتهرة في مجتمعنا.
تقود المنتقبة المتزوجة الحامل سيارتها وتلتقي بصديقتها الفقيرة عائشة في مول تجاري، ويسرن بسوادهن بجانب خلفية لصقت على حائط المول تقول «للبيع بنصف الثمن»، وتلك أيضًا لمحة أخرى ذكية سيقت ضمن تفاصيل الفيلم القصير المكتظ بالدلالات والتفاصيل الذكية شديدة البراعة.
فتلك النساء هن بالفعل للبيع وبنصف الثمن، ويعشن نصف حياة.. يعشن دومًا في أوكازيون من الظلام، يعرضن في سوقه للزواج من الثري في جلسات الأخوات حيث الرؤية الشرعية.
المرأة الحامل واسمها في الفيلم «أم فاطمة» باعتبار ما سيكون بعد أن تلد «فاطمة» تعيش حالة من الهوس والهيستريا الدينية التي ستظهر في مواقف الفيلم اللاحقة، وتصل بها للرعب من انعدام حركة الجنين في بطنها لعدة ساعات بسبب حرارة الجو، وتلتقي صديقتها عائشة في المول وهو المهرب الوحيد لهن من حرارة الجو والمكان الوحيد الذي يذهبن إليه تلك السيدات.
وبالتالي ينتقل هؤلاء السيدات من الظلام للظلام، ولن يرين النور أبدًا.
فيلم «ماتعلاش عن الحاجب» تظهر عبقرية فكرته رغم بساطتها وبساطة الفيلم من اختيار الاسم والعنوان، فالمثل الشهير يقول - بانبطاح عجيب - (إنَّ العين ماتعلاش على الحاجب) في حين أن العين هي كل شيء.. العين هي التي ترى الوجود، وترى النور، ولكن ثقافة الانبطاح والثقافة المعنية بالهامش والمظهر والمكملات وكل ما هو ثانوي تعلي من شأن الحاجب لمجرد وجوده أعلى العين، ووقوعها هي في الأسفل!! وإن كانت هي الأهم.. فالعين هي كل الحكاية.. هي الرؤية، والحاجب ما هو إلا مكمل شكلاني لها.
اختيار عنوان الفيلم يعكس كم الذكورية المقيتة التي تحيط بنا، وتترسخ في الذهنية الجمعية والتي عبر عنها العمل ببراعة.. فالرجل هو الحاجب الذي يعلو على العين، والتي هي بالطبع في الفيلم معادل موضوعي للمرأة المنتقبة التي لا يرى منها سوى تلك العين التي يعلوها الحاجب!
فالحاجب صار هو الأعلى والعين في منزلة متدنية شأنها شأن المرأة المهمشة، التي خلقت فقط ليعتليها الرجل ويصبح هو الأعلى وتصبح هي مجرد أداة إنجاب ومتعة لذلك الرجل فحسب، وبما أن الرجل في الفيلم هو أيضًا المعادل الموضوعي للحاجب فهو المتحكم الأوحد دومًا في حاجب زوجته أو حاجب المرأة في العموم.. فلا يجوز للمرأة «نمص» ذلك الحاحب قبل الزواج حتى تعرض للرؤية الشرعية التي تعرض من خلالها النساء على الرجال كالسلع والبضائع فتنتقل ملكيتها بالكامل لذلك الرجل الذي يرى عينيها فقط.
ساق الفيلم حوارا مكثفا غير مطول بين سيدتين منتقبتين تزاملتا منذ الدراسة في الجامعة في كلية الطب، وتلك إشارة أخرى ذكية ساقها صناع العمل، فغالبية أصحاب الفكر الأصولي سواء من الرجال أو السيدات يتخرجن عادة في الكليات النظرية كالطب والعلوم والهندسة، فدراسة الآداب والتاريخ والدراما أمور شديدة البعد والبغض بالنسبة لهؤلاء، في حين دراسة العلوم النظرية الجافة التي لا تقبل التأويل والتفكير ولا رحابة فيها ولا روح هي الأقرب دومًا لهم.
زمالة الفتاتين في الكلية جعلت إحداهما - وهي الملتزمة منذ دخولها للجامعة بالزي الأصولي لانحدارها من أسرة أصولية فقيرة - تسعى لجذب الأخرى لذات الطريق - طريق الهداية والنقاب - بعد أن كانت تدخن السجائر والشيشة وتحتسي الخمور، وصارت كلتاهما اليوم من المنتقبات، وتزوجت من سارت في طريق الأصولية من أصولي بنظام الرؤية الشرعية بعد ارتدائها للنقاب، وبقيت الفقيرة الملتزمة بالنقاب وظلمته طوال ٢٩ عامًا بدون زواج.
مظاهر الثراء بدت بالطبع على المتزوجة، فالأصوليون يعمل غالبيتهم في التجارة ذات الربح السريع ولنا في السويركي وغيره من أصحاب الأيديولوجيات ورؤوس الأموال الكثير من الأمثلة والنماذج المشتهرة في مجتمعنا.
تقود المنتقبة المتزوجة الحامل سيارتها وتلتقي بصديقتها الفقيرة عائشة في مول تجاري، ويسرن بسوادهن بجانب خلفية لصقت على حائط المول تقول «للبيع بنصف الثمن»، وتلك أيضًا لمحة أخرى ذكية سيقت ضمن تفاصيل الفيلم القصير المكتظ بالدلالات والتفاصيل الذكية شديدة البراعة.
فتلك النساء هن بالفعل للبيع وبنصف الثمن، ويعشن نصف حياة.. يعشن دومًا في أوكازيون من الظلام، يعرضن في سوقه للزواج من الثري في جلسات الأخوات حيث الرؤية الشرعية.
المرأة الحامل واسمها في الفيلم «أم فاطمة» باعتبار ما سيكون بعد أن تلد «فاطمة» تعيش حالة من الهوس والهيستريا الدينية التي ستظهر في مواقف الفيلم اللاحقة، وتصل بها للرعب من انعدام حركة الجنين في بطنها لعدة ساعات بسبب حرارة الجو، وتلتقي صديقتها عائشة في المول وهو المهرب الوحيد لهن من حرارة الجو والمكان الوحيد الذي يذهبن إليه تلك السيدات.
فثقافة الاستهلاك هي الشيء الوحيد المتاح لهن.. هن يعشن في سوق كبيرة يبعن فيها أحيانًا ويشترين أيضًا فيه ويتسوقن في أحيان أخرى، فتلك هي المتعة الوحيدة والمكان الأوحد، الذي يذهبن إليه قبل أو بعد لقاء الأخوات في مجالس الرؤية الشرعية أو في جروبات تلك الأخوات المليئة بالغرائب والعجائب.
يبدأ الفيلم بحديث بين المنتقبتين عن البوست الذي صار تريندًا على موقع الأخوات، وأفصحت فيه عائشة عن رغبتها في الموت، فانقسم الجروب لمن ترى في ذلك حبًا واستعجالًا للقاء الإله ودخول الجنة، وترى الأخريات فيه انتحارًا، في حين كانت ترى عائشة أن فكرة الموت تعني بالنسبة لها كراهية الحياة.
انزعجت «أم فاطمة» من تهافت ردود الأخوات على الجروب، فنصحتها عائشة بوضع جهازها المحمول على نظام الـvibrating لتفجر «أم فاطمة» قنبلة على هيئة فتوى، أفتى بها زوجها الذي نهاها عن تلك الخاصية التكنولوجية.. فالاهتزاز حرام، لأنه يثير غريزة المرأة ولا يحق لها استخدامها!!
تمامًا كما خرج علينا ويخرج علينا مشايخ الضلال يوميًا بفتاوى عجيبة، بدأت بإرضاع الكبير ومفاخدة الصغيرة وكان آخرها أن للمرأة الحق في ارتداء الصندل دون جوارب سوداء في انتصار واستحقاق يثير هيستيريا الضحك والبكاء في ذات الوقت، وكأننا كنا في حاجة لتلك الفتوى التي غيرت لنا حياتنا بعد أن أباح الشيخ للمرأة ارتداء الصندل بدون جوارب!!
وكما نها وحرم «أبو فاطمة» على «أم فاطمة» استخدام خاصية الـvibe-rating في الموبايل، نهاها أيضا وحرم عليها أكل الآيس كريم إلا بالملعقة، فالآيس كريم الموضوع في البسكويت ستقوم بلحسه المرأة أمام العيان وذلك حرام وأمر يثير الغرائز والشهوات! فـ«أبو فاطمة» يحتكر اللحس لنفسه فقط وفي الخفاء، فالرجل والزوج هو دائمًا الآمر الناهي، هو الحاكم بأمر الله بل والآمر بأحكامه، في حين أنها أوامره وأحكامه هو متذرع بالإله وبعد فتوى تحريم خاصية اهتزاز المحمول ولحس الآيس كريم، انتقلنا لتحريم نمص الحاجب إلا بأمر من الزوج.. فإن أمر هو صار حلالًا وإن رفض الأمر صار الأمر حرامًا!!
فالرجال هم الحاجب الذي يعلو المرأة دائمًا ويعتليها، وبالتالي هم من يحللون ويحرمون بأهواء ومآرب تمامًا، كما حرَّم شقيق عائشة عملها بعد التخرج في مهنة الطب، وينتهي الفيلم وقد قررت عائشة التي تعيش في الظلام الممل وتتنقل بين المولات ومجالس الأخوات وتعيش في جروباتهم وتستسلم للرؤى الشرعية علها تجد من يأويها ويعطيها المال نظير التمتع بها لتنجب له -فتلك هي فقط وظيفتها في الحياة- وتظل هكذا حتى يحين الأجل فتنتقل لظلمة القبر طمعًا في الجنة التي ستنافسها فيها حتما ٧٠ امرأة غيرها من حور العين، ويظل الزوج في حالة انتصاب واهتزاز دائمة، كما يروّج شيوخ الضلال من حولنا ممن حولوا حيواتنا لظلام وكرهونا في الحياة، وتسببوا في موجة الإلحاد التي يصرخون هم اليوم لمحاربتها وهم وقودها، وبسببهم تفشت وانتشرت بل ومسخوا وامتد ضلالهم ليطال جنة الخلد وجعلها مكانًا للخمر والملذات فقط!!
تقرر عائشة البائسة في نهاية الفيلم نمص حاجبها علها تعجب الأخوات، فيتزوجها شقيق هذه او ابن تلك، وهنا تحذر «أم فاطمة» صديقتها من تلك المعصية وتصف لها بهيستيريا ما يمكن أن يحدث لها إن انزلقت لبراثن تلك الخطية، قائلة لها إن كل شعرة ستسقط من حاجبها ستتعذب بها في نار جهنم، بل وتحذرها من رفض الأخوات لفعلتها، وربما رفض أي زوج مرتقب الزواج من نامصة الحاجب!!
هيستيريا خلقها وسطاء الله ونوابه من البشر متذرعين بالدين، ونسجها ببراعة في شريط سينمائي سيناريست ومخرج ينتميان لتيار تنويري شبابي، يعري سوءات مجتمع أضله شيوخ الضلال، وشيوخ تحريم «النمص» و«الاهتزازات» ولحس «الآيس كريم»، بل وتحريم الحياة حبًا في الموت والعدم وظلمات القبور.
انزعجت «أم فاطمة» من تهافت ردود الأخوات على الجروب، فنصحتها عائشة بوضع جهازها المحمول على نظام الـvibrating لتفجر «أم فاطمة» قنبلة على هيئة فتوى، أفتى بها زوجها الذي نهاها عن تلك الخاصية التكنولوجية.. فالاهتزاز حرام، لأنه يثير غريزة المرأة ولا يحق لها استخدامها!!
تمامًا كما خرج علينا ويخرج علينا مشايخ الضلال يوميًا بفتاوى عجيبة، بدأت بإرضاع الكبير ومفاخدة الصغيرة وكان آخرها أن للمرأة الحق في ارتداء الصندل دون جوارب سوداء في انتصار واستحقاق يثير هيستيريا الضحك والبكاء في ذات الوقت، وكأننا كنا في حاجة لتلك الفتوى التي غيرت لنا حياتنا بعد أن أباح الشيخ للمرأة ارتداء الصندل بدون جوارب!!
وكما نها وحرم «أبو فاطمة» على «أم فاطمة» استخدام خاصية الـvibe-rating في الموبايل، نهاها أيضا وحرم عليها أكل الآيس كريم إلا بالملعقة، فالآيس كريم الموضوع في البسكويت ستقوم بلحسه المرأة أمام العيان وذلك حرام وأمر يثير الغرائز والشهوات! فـ«أبو فاطمة» يحتكر اللحس لنفسه فقط وفي الخفاء، فالرجل والزوج هو دائمًا الآمر الناهي، هو الحاكم بأمر الله بل والآمر بأحكامه، في حين أنها أوامره وأحكامه هو متذرع بالإله وبعد فتوى تحريم خاصية اهتزاز المحمول ولحس الآيس كريم، انتقلنا لتحريم نمص الحاجب إلا بأمر من الزوج.. فإن أمر هو صار حلالًا وإن رفض الأمر صار الأمر حرامًا!!
فالرجال هم الحاجب الذي يعلو المرأة دائمًا ويعتليها، وبالتالي هم من يحللون ويحرمون بأهواء ومآرب تمامًا، كما حرَّم شقيق عائشة عملها بعد التخرج في مهنة الطب، وينتهي الفيلم وقد قررت عائشة التي تعيش في الظلام الممل وتتنقل بين المولات ومجالس الأخوات وتعيش في جروباتهم وتستسلم للرؤى الشرعية علها تجد من يأويها ويعطيها المال نظير التمتع بها لتنجب له -فتلك هي فقط وظيفتها في الحياة- وتظل هكذا حتى يحين الأجل فتنتقل لظلمة القبر طمعًا في الجنة التي ستنافسها فيها حتما ٧٠ امرأة غيرها من حور العين، ويظل الزوج في حالة انتصاب واهتزاز دائمة، كما يروّج شيوخ الضلال من حولنا ممن حولوا حيواتنا لظلام وكرهونا في الحياة، وتسببوا في موجة الإلحاد التي يصرخون هم اليوم لمحاربتها وهم وقودها، وبسببهم تفشت وانتشرت بل ومسخوا وامتد ضلالهم ليطال جنة الخلد وجعلها مكانًا للخمر والملذات فقط!!
تقرر عائشة البائسة في نهاية الفيلم نمص حاجبها علها تعجب الأخوات، فيتزوجها شقيق هذه او ابن تلك، وهنا تحذر «أم فاطمة» صديقتها من تلك المعصية وتصف لها بهيستيريا ما يمكن أن يحدث لها إن انزلقت لبراثن تلك الخطية، قائلة لها إن كل شعرة ستسقط من حاجبها ستتعذب بها في نار جهنم، بل وتحذرها من رفض الأخوات لفعلتها، وربما رفض أي زوج مرتقب الزواج من نامصة الحاجب!!
هيستيريا خلقها وسطاء الله ونوابه من البشر متذرعين بالدين، ونسجها ببراعة في شريط سينمائي سيناريست ومخرج ينتميان لتيار تنويري شبابي، يعري سوءات مجتمع أضله شيوخ الضلال، وشيوخ تحريم «النمص» و«الاهتزازات» ولحس «الآيس كريم»، بل وتحريم الحياة حبًا في الموت والعدم وظلمات القبور.