تباديل وتوافيق المرحلة الانتقالية
بينما يمر الوطن بمرحلة انتقالية دقيقة وخطيرة من تاريخه بعد ثورة حاشدة فى ٣٠ يونيو، تحدث الآن حركة تباديل وتوافيق جديدة تقوم على المصلحة بين أطرافها، ولكنها تتركز فى النهاية لتصب فى بند إشاعة الفوضى وإفشال المرحلة الانتقالية. إن المصلحة التى أقصدها تهدف لتحقيق انقسامات بين فئات الشعب وبين الشرطة والقوات المساحة.
فبينما أسفرت ثورة ٣٠ يونيو عن توحد فريد بين الشعب الثائر على حكم الإخوان الفاشى، وبين القوات المسلحة ورجال للشرطة، أدى إلى رحيل أبدى لهم من السلطة، ثم مرة أخرى خرج الملايين يوم ٢٧ يوليو ٢٠١٣، لتفويض السيسى فى محاربة الإرهاب، وتوحد الشعب مع القوات المسلحة والشرطة فى هذا الهدف.. فإننا الآن نجد أن جماعات الإرهاب تبحث عن شباب الحركات المعارضة لتستقطبهم إلى صفوفها، للتظاهر ضد النظام الحالى الذى اختاره الشعب المصرى بملايينه، بعدما أجمع الشعب الثائر على رحيل الإخوان إلى غير رجعة.
إن المنطق يقول أن غالبية الشعب المصرى الذى رفض الحكم الفاشى ينبغى أن يظل متيقظا إلى التباديل الحالية، والى التوافيق الجديدة، والى المخططات الراهنة والتى تهدد ثورته، إلى أن يتم الانتهاء من المرحلة الإنتقالية، وانتخاب رئيس جديد وبرلمان جديد والاستفتاء على الدستور الجديد، وإرساء نظام مدنى ديمقراطى حديث على أسس سليمة، وبدون استغلال للدين الإسلامى الذى كان دائماً دين الرحمة والسلام والشورى... إننى على يقين بأن الشعب المصرى قد كشف الكثير من الحقائق، وأسقط الكثير من الأقنعة وفضح الكثير من المخططات والجرائم، إلا أن الطريق مازال وعرا وشاقا وطويلا حتى الانتهاء من المرحلة الانتقالية.
إن الشعب الذى أنهكته ٣ سنوات صعبة منذ قيام ثورة ٢٥ يناير، وحتى قيام ثورة ٣٠ يونيو حدثت خلالها تحولات كثيرة وأزمة اقتصادية طاحنة...لا ينبغى أن يفقد روحه الوثابة الثورية، وأن يكون مستعدا دائماً فى حال تعرض البلاد للخطر، لمواجهة الخطر كيد واحدة مع الشرطة والجيش برجالهما الذين يحمونه داخل البلاد ويحمون الحدود..
أقول هذا لأننا نرى تحديا سافرا لقانون التظاهر من قبل الجماعات الإخوانية، والموالين لها من الحركات التى لا يتعدى أفرادها المئات على أكثر تقدير، ولكن من ناحية أخرى فإن يقظة رجال الشرطة ينبغى أن تظل فى أقوى حالاتها لدرء الخطر عن الأهالى كما حدث الجمعة الماضية، حين رأينا محاولات لإشاعة الفوضى فى شوارع القاهرة وعدد من المحافظات، ومن الضرورى أن يقف رجال الأمن لحماية الأهالى، كما رأينا الأهالى يتضامنون مع رجال الشرطة ويخرجون لمواجهة الإخوان وتابعيهم فى الشوارع، ولكن ينبغى فى المرحلة الراهنة تكثيف الحماية للأهالى فى جميع الأحياء وفى المحافظات التى تشهد كثافة سكانية إخوانية حتى لا تسفر المواجهات عن إسالة الدم المصرى، ومن المؤكد أن هذه التوافيق والتباديل الجديدة فى مواجهة توحد الشعب مع الشرطة والجيش، لن تزيد الأهالى إلا كراهية لكل العناصر المتجمعة ضد استقرار وأمن البلاد، وضد إنجاح المرحلة الانتقالية.
إن من يتابع صفحات التواصل الاجتماعى والتويتر مثلا سيجد حالة من الرفض لإلغاء قانون التظاهر، وحالة من الرفض للتظاهرات الإخوانية والمتضامنين معها، بل هى تزيد حجم الكراهية التى تنتشر فى البلاد ضد ممارسات الإخوان ومحاولات إيقاف سير الحياة اليومية للمواطنين المصريين.
و فى المقابل فلقد أصبح هناك تعاطف واضح مع رجال الشرطة ورجال الجيش، ويتعاظم هذا التقدير للشرطة كلما ظهرت فى الشوارع حيث يستقبلها الأهالى بالترحاب، ويتعاونون معها لكشف العناصر المخربة.
إن الشعب المصرى يرفض العنف والقوة، والمخططات الدولية التى أصبحت سافرة وظاهرة للعيان، والمطلوب فضح المؤامرات أولا بأول حتى يعرف الشعب الحقائق، وليصبح حائط صد مع شرطته وجيشه فى الأيام القادمة، والتى يريد فيها المخربون تصعيد حربهم الشرسة ضد أبناء الشعب المصري.
و رغم أن خطط ترويع الشعب المصرى تتصاعد من جانب الإخوان، فإنه فى المقابل غضب الشارع المصرى يتضاعف ويتصاعد ولن يوقفه أحد.
هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.