رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زين عبد الهادي: عبدالناصر صانع أحلام كل من يعيش في هذه البقعة من العالم

د. زين عبد الهادي
د. زين عبد الهادي


يا جمال ياحبيب الملايين.. ناصر ياحرية.. ناصر يا اشتراكية ناصر ياكل الشعب العربي. تابع الدكتور زين عبد الهادي في تصريحات خاصة لــ"الدستور" موضحا: الفقرات الثلاث السابقة تلخص علاقة الشعب المصري بعبد الناصر في الستينيات، ربما هي أغاني، نرددها خلف المطربين، لا يمكن أن أنسى أن تلك الأغانى كانت تشكل حياتنا، أتطلع خلفي يبدو الأمر كأنني أتحدث عن بلد آخر وأناس آخرون، لقد دخل الجني المصباح ولم يخرج مرة أخرى، ولم يتبق في فمي إلا طعم الدموع التي ذرفناها يوم رحيله، يوم أن خرجنا للشوارع كل منا يبكى عبد الناصر بطريقته، أنا فقدت أبي وبجواري من فقدت أمها وبجوارها من فقد جده وبجواره من فقدت أباها أو زوجها أو أخاها، هكذا كان يمثل لكل واحد منا، كان الراديو قد خلق هذا الإحساس المزدوج، لدى كل منا، كنا خارج الكرة الأرضية كل منا يحب الريس على طريقته، كان صانع الأحلام الوحيد لكل إنسان يعيش في هذه البقعة من العالم.

في عام 1965 زار ناصر بورسعيد وكنت حينها تلميذا في مدرسة نبيل منصور الابتدائية، ارتدى المريلة المائلة للصفرة، في هذا الصباح كان أبي يعرف أن عبد الناصر سيأتى وأننا سنخرج من المدارس لاستقباله، أصر أن يكوى مريلتي وقام بتلميع حذائي، ووضع على وجهي من الكولونيا التى يحلق بها، بل قام لأول مرة في حياته بتسريح شعري، وكانت أمى تحاول أن تجعلنى أكل قبل أن أخرج وكأنني ذاهب إلى عرس، فكانت تقطع قطع صغيرة من الساندوتش الفينو المحشو بالجبن الرومي والزيتون الأسود وتدسها في فمي، بينما أبي منهمك في تجهيزي للخروج.

في المدرسة ومن الطابور خرجنا لملاقاة عبد الناصر على أرصفة بورسعيد، كنت قصيرا، لا أكاد أرى مايحدث حين سمعت صرخات من حولى وكان الجو جميلا، لكنى كنت أشعر بالبرد كعادتى، وأظن أنه كان بداية الشتاء، مع صرخات أقرانى أدركت أنه سيظهر، نسيت كل التعليمات التى قيلت في الطابور، ونزلت من على الرصيف ومشيت 3 خطوات، لأفاجأ به، كانت عيناي الواسعتان معلقتان بعينيه، ورغم شتائم المدرس (الأستاذ عادل) مدرس الألعاب الذي هاجر معنا عام 1967 إلى (طلخا) أولا ثم القاهرة، ومات على كرسي على المقهى في بورسعيد ولم يكن قد بلغ الخامسة والثلاثين بعد حرب 73.

أما أبي فقد دخل المعتقل عام 1966 وكان عاملا في شركة الغزل والنسيج، وخرج أثناء الحرب، وحين خرج في الليلة الأولى بعد أن تعشينا، غنينا معا ومع عبد الحليم: ناصر ياحرية..ناصر..ناصر ناصر ناصر ناصر ناصر يا وطنية.. ياحرية يا وطنية ياروح الأمة العربية.. الشعب يريدك لحياته ياموصل موكبه لغاياته.. وحياة المصحف وآياته اسمك في قلوبنا أغنية.