«الإدارية العليا» تعاقب أستاذا بجامعة بنها لرفضه عرض مؤلفه على رئيسه
قضت المحكمة الإدارية العليا، اليوم الثلاثاء، بمجازاة الدكتور «ن. ع»، أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة بنها، بعقوبة اللوم؛ لرفضه عرض المؤلف الدراسى الخاص به على رئيس قسم اللغة العربية بالمخالفة لقرار مجلس الكلية معطلًا عمل مجلس القسم الذي ينتمي إليه ومخالفًا لقواعد نظام الكتب الجامعية لموافقة مجلس القسم قبل عرضها وبيعها للطلاب.
صدر الحكم برئاسة المستشار عادل بريك نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين سيد سلطان والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى ونبيل عطا الله وأسامة حسنين نواب رئيس مجلس الدولة.
-المحكمة تقر مبدأ قانوني جديد
وأقرت المحكمة مبدأ قانونيا جديدا داخل الأقسام العلمية بالجامعات وتبعية الفروع لما يقرره مجلس القسم، أكدت فيه أن المناهج الدراسية تخضع للإشراف الكامل لمجلس القسم فلا ينفرد بها شارد أو يستأثر بها وارد، وجميع الفروع العلمية للقسم الواحد تصدع لما يقرره مجلس القسم ولا يجوز لكل فرع أن يستقل بذاته فتسود الفوضى داخل النظام الجامعى دون تنظيم أو رقيب، والطاعن تنكر لأستاذه الذي أشرف على رسالته للدكتوراه نكرانا لجميل المعلم الذي كاد أن يكون رسولا.
وأن الاعتراف بالفضل أوجب في المجتمع الجامعى دون جحود يغمط الحق أو نسيان يستر الإحسان وأن قرارات مجالس التأديب بالجامعات تخضع لرقابة المحكمة التى لها اليد العليا ترسى المبادئ القانونية لتسير على هديها الجامعات وتضفى عليها شرعية العقوبة ووزن الأدلة من الأمور الموضوعية التي تستقل بها المحكمة وحدها دون تعقيب.
وقالت المحكمة أن المشرع أناط بمجلس القسم بالنظر في جميع الأعمال العلمية والدراسية والإدارية والمالية المتعلقة بالقسم، وبالأخص رسم السياسة العامة للتعليم والبحث العلمى في القسم ووضع نظام العمل بالقسم والتنسيق بين مختلف التخصصات في القسم وتحديد المقررات الدراسية التي يتولى تدريسها وتحديد محتواها العلمى.
كذلك تحديد الكتب والمراجع في مواد القسم وتيسير حصول الطلاب عليها وتدعيم المكتبة بها، ومجلس القسم هو المنوط به فى تسيير جميع الأعمال العلمية والدراسية والإدارية والمالية المتعلقة به لجميع من يتألف بهم ولصالح جميع المنتسبين إليه أيا كانت تخصصاتهم العلمية الدقيقة داخل القسم ذاته والتى تتفرع موضوعات أبحاثهم.
وتدور في فلك القسم الأم بحسبانه منوط به وضع الأسس والمعايير التي تكفل تحديد المحتوى العلمى لكل منهج دراسى والإشراف على هذا المنهج حتى تكون المناهج الدراسية تحت الإشراف الكامل لمجلس القسم بما يحقق التنسيق والتعاون بين الأساتذة لتدريس مناهج علمية تتفق والأغراض العلمية لكل كلية فلا ينفرد بها شارد أو يستأثر بها وارد.
- تفاصيل القضية
وأضافت المحكمة أن الثابت فى الأوراق أن مجلس كلية الآداب جامعة بنها قرر أن أستاذ التخصص ورئيس القسم مسئولان عن المقرر، وأرسل عميد الكلية كتابًا لرؤساء الأقسام يحيطهم علمًا بضرورة مراعاة أن يكون أقدم الأساتذة له سلطة الإشراف على ما يدرس من كتب، واستنادًا لذلك قام رئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب بإرسال كتاب لأعضاء هيئة التدريس بقسم اللغة العربية من ضرورة عرض الكتاب الجامعي المقرر على أستاذ المادة قبل طباعته وتوزيعه علي الطلاب.
ويتعين أن تعرض كتب شعبة الأدب علي الدكتور «م. ز» وكتب شعبة الدراسات اللغوية علي الدكتور «م.إ» وكتب النقد والبلاغة على الدكتور «م. م.غ»، وقد وقع بالعلم علي هذا الكتاب العديد من أعضاء هيئة التدريس بالقسم.ومن ثم فإن الدكتور «م. إ» أصبح هو الذي يجب أن تعرض عليه كتب الدراسات اللغوية الخاصة بقسم اللغة العربية أيا كانت الفروع التى تتفرع منه.
والثابت أن الطاعن رفض عرض المؤلف الدراسى الخاص به علي رئيس قسم اللغة العربية المذكور وذلك يعد مخالفة لقرار مجلس الكلية، وتعطيلا لعمل مجلس القسم الذي ينتمي إليه ومخالفة القواعد التي استنها لنظام الكتب الجامعية قبل عرضها على الطلاب، ويعد مرتكبًا لذنب إداري يستوجب مجازاته تأديبيًا عنه بتوقيع عقوبة اللوم عليه.
وأشارت المحكمة أنه لا يغير من ذلك، ما تذرع به الطاعن من القول بأنه قد حصل على درجة الماجستير والدكتوراه على يد المشرف رئيس مجلس القسم المذكور ليس معناه وحدة التخصص بينهما بل دليل إدانة ضد هذا المشرف.
فهذا القول يحمل فى طياته نكرانا لجميل المعلم الذى كاد أن يكون رسولا، على أنه إذا كان الاعتراف بالفضل واجب في المجتمع، فهو في المجتمع الجامعى أوجب للإقرار بفضل من يصدر منه الفضل دون جحود أو نسيان، جحود يغمط الحق، أو نسيان يستر الإحسان، وبهذه السجية الكريمة بين أعضاء هيئة التدريس أساتذتهم في البنيان الجامعى عُرف الفضل بالمكانة الشامخة ونفاسة القيمة، وفًهمت العلائق التي تجمع المفضل والمفضل عليه بالنوايا السليمة، فيترابط المجتمع العلمي بين أعضائه بالتعارف والتآخي والتعاون والتناصر في غير تباهي ولا تهاون، يعترف كل فرد فيه بقيمة الأخر، وينزله منزلته.
وأوضحت المحكمة إلى أنه لا يغير من ذلك ما تذرع به الطاعن من عدم انصياعه لرئيس مجلس القسم الذي يتبعه بالقول أن تخصصه فى مجال علم اللغة وهو يختلف عن تخصص رئيس مجلس القسم فى الدراسات اللغوية والنحوية فذلك مردود بأن جميع الفروع العلمية للقسم الواحد يجب أن يصدع كل أعضاء هيئة التدريس بالقسم لما يقرره مجلس القسم وإلا لأصبح كل فرع مستقل بذاته داخل القسم الواحد فتسود الفوضى داخل النظام الجامعى دون تنظيم أو رقيب.
- رسائل المحكمة
وانتهت المحكمة أن قرارات مجالس التأديب بالجامعات تخضع لرقابة المحكمة الإدارية العُليا التى تحتوى على قمة محاكم مجلس الدولة والتى تنشأ المبادئ القانونية الحاكمة للنزاع لتسير على هديها الجامعات وأن وزن الأدلة وما يستخلص منها هو من الأمور الموضوعية التي تستقل بها المحكمة وحدها دون تعقيب من الخصوم وهما أعضاء هيئة التدريس من ناحية والجامعة من ناحية أخرى.
فهى مجرد قرارات تخضع لرقابة المحكمة التى تضفي عليها مبدأ شرعية العقوبة وأن المحكمة لها اليد العليا فهى التى تزن العقوبة مشروعة أم غير مشروعة ومناسبة أو يشوبها غلو ويكون حكمها عنوان الحقيقة يجب أن يصدع له كل مسؤول مهما علا، فهى كلمة العدالة التى لا تميل مع الهوى، وأن الحكم القضائي البات هو مفتاح سيادة القانون وأمن الناس على حياتهم وحرياتهم وحقوقهم وهو جوهر هيبة الدولة.