معهد كندي: تحويل «آيا صوفيا» إلى مسجد جريمة ضد الإنسانية
رفض المعهد الكندي للإسلام الإنساني قرار رئيس تركيا رجب طيب أردوغان تحويل متحف "آيا صوفيا"، الذي كان في الأصل كنيسة، إلى مسجد واعتبره مخالفا للقيم الكلية الإسلامية التي تحترم بشكل مطلق حرية الاعتقاد.
كما رفض رفضًا قاطعًا أي اعتداء على الآخر المختلف في الدين أو اللون أو الجنس، بما يتناقض مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ويسىء إلى صورة المسلمين أمام العالم ويحولهم إلى مجرمين يعتدون على حقوق غيرهم.
وأشار المعهد في بيانه إلى أن الجريمة الأولى كانت غزو السلطان محمد، الذي يلقبونه بـ"الفاتح" سلطان الإمبراطورية الاستعمارية العثمانية، للقسطنطينية، واستباحة أموال وأعراض أهلها، ثم تحويل الكنيسة الكبرى آيا صوفيا التي كانت رمزًا للمسيحية في ذلك الوقت إلى مسجد بالقوة.
وأكد المعهد أن محمد الغازي وغيره من الغزاة أساءوا الى الإسلام بتحويله إلى دين هدفه استعمار الشعوب ونهبها وتدميرها.
وطالب المعهد المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي السني والشيعي إلى التبرؤ من هذه الجرائم الاستعمارية التي ارتكبها بعض المسلمين، مهما علت قامتهم، منذ بدايات هذا الدين، واخترعوا "إسلام" جديدا يبرر لهم دينيًا الكراهية والعنف والتمييز والإرهاب.
كما طالب المعهد أيضًا بوقف استخدام "النصوص المقدسة" في تبرير الجرائم الاستعمارية، مثل الحديث الذي نسبوه زورًا إلى سيدنا النبي: (لتُفتحنّ القسطنطينية، ولنِعم الأمير أميرها، ولنِعم الجيش ذلك الجيش).
وتابع: "ما زال أتباع هؤلاء الغزاة في زمننا وأولهم أردوغان الإخواني يصرون على محاولة السيطرة على العالم مجددًا.. ولا يجب أن نتحمل نحن كمسلمين وزر جرائم بعض المسلمين الاستعماريين في الماضي والحاضر، ومن العار أن ندافع عنهم وعن هذا النوع من "الإسلام".. فهل يقبل المسلم الطبيعي أن يتم الاستيلاء على مسجد من قبل أي محتل ويحوله إلى كنيسة أو معبد يهودي أو.. إلخ؟.. هل نقبل أن تحول إسرائيل المسجد الأقصى إلى كنيس يهودي؟! فكيف يمكن أن نرفض يحدث ذلك لأنفسنا، في حين نبرر عندما يرتكب هذه الجريمة مسلم؟! بالتأكيد أن كل الأديان تم ارتكاب جرائم باسمها، وتم استخدامها لبناء إمبراطوريات استعمارية، وتم استخدامها لانتهاك حقوق الإنسان، ولكن هذه الشعوب تخلت، بل واعتذرت مرارًا عن هذه الجرائم، كما فعل الفاتيكان على سبيل المثال.
وأكد المعهد في بيانه أن ما يردده الإخوان والإسلاميون من أن محمد الغازي اشترى الكنيسة من الرهبان مجرد كذبة مضحكة لا يوجد دليل تاريخي عليها.. ثم إنه ليس منطقيًا أن السلطان العثماني الغازي المحتل، الذي استولى على المدينة بالكامل، وأمر جنوده باستباحة أموال وأعراض وأرواح أهلها، أن يجلس ويتفاوض لشراء الكنيسة!! فكان من باب أولى ألا ينهب ثروات البلد التي يحتلها.
واستكمل: "أما الجريمة الثانية بعد ما فعله محمد الغازي، هي تحويل كمال أتاتورك الكنيسة إلى متحف، وهذا يشكل اعتداء على حرية العبادة وتغيير وظيفة الدولة المحترمة من حماية دور العبادة إلى الاستيلاء عليها، وتحويلها إلى غرض آخر.. أي أن أتاتورك الديكتاتور القومي انتهك بفجاجة حقوق المسيحيين الأتراك والمسيحيين في العالم.. ربما من المهم التذكير بأن أتاتورك الذي يصفه الإخوان والإسلاميون زورًا بأنه "علماني"، كانت دولته منحازة للتركي المسلم السني، وارتكب مجازر ضد الأقليات، وحرمتها من حقوقها، فهو الذي بدأ ترحيل وإبادة الأقليات من تركيا، وأكمل أردوغان الجريمة من بعده وببجاحة أكبر".
وتابع المعهد: "عندما استولى أردوغان والإخوان الأتراك على الحكم بعد الإطاحة بالجيش ظهرت أيديولوجيتهم الحقيقية، الرئيس التركي قال مرارًا وتكرارا إنه يريد بناء "دولة الإسلام الإخوانية"، والتي لا تعترف بحقوق الأقليات، وتعتبرهم مواطنين من الدرجة الثانية وربما العاشرة.. ومن بعدها يبني مجددًا الإمبراطورية العثمانية الاستعمارية.. هذه الدولة الإسلامية الإخوانية لا تقبل وجود دور عبادة لغير المسلمين في دار الإسلام".
وشدد المعهد الكندي للإسلام الإنساني على أن القضية ليست مجرد خلاف على ملكية مبنى أثري، ولكنه في الحقيقة صراع بين نوعين من الإسلام، إسلام أردوغان الإخواني الاستعماري الذي يؤمن بأن الإسلام دولة وخلافة، والذي ينتهك الحريات والحقوق ويطمح إلى إقامة دولة دينية ديكتاتورية، وإلى إمبراطورية استعمارية تشكل خطرًا ليس فقط على الشرق الأوسط، ولكن على العالم كله بمن فيه المسلمون.
وأضاف المعهد في بيانه: "الإسلام الآخر، هو الإنساني الذي يقدس الحريات الفردية والعامة، ويقدس حرية الاعتقاد، ويتعامل مع المواطنين على قدم المساواة، وهو ما يرفضه الإخوان في تركيا وكل مكان، ويضخون أموالًا طائلة عبر قطر، لسيادة "اسلام الإخوان" على الشرق الأوسط والعالم كله.. هذا الإسلام خطر على المسلمين وعلى العالم".
وطالب سعيد شعيب، مدير المعهد، كل دول العالم خاصة في الغرب بالتكاتف للوقوف ضد مشروع أردوغان وعموم الإخوان والإسلاميين في كل مكان في العالم.. فوجود ميليشيات الرئيس التركي على الحدود المصرية في ليبيا بتمويل قطري، ليس منفصلا عن سرقة كنيسة آيا صوفيا وتحويلها إلى مسجد، ولا هي "صراع داخل الشرق الأوسط"، ولكنه لا قدر الله لو سيطر ستكون كارثة، وستكون الخطوة التالية هي تدمير الغرب بحضارته، للسيطرة على العالم.