جامع تشارك «أونلاين» بالملتقى السنوي للاستثمار بالإمارات
أكدت نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، أهمية التوصل لنظام اقتصادي عالمي مرن يسمح للدول بتحقيق التوازن بين الاستفادة من العولمة الاقتصادية والاكتفاء الذاتي من الإنتاج المحلي عقب انتهاء تفشي فيروس كورونا المستجد، مشيرةً إلى أن الأزمة أسهمت في استحداث توجهات جديدة للتضامن والتعاون العالمي بين الدول والأفراد لمواجهة الخطر المشترك، كما فتح نافذة أمل لتأسيس بنية تحتية جديدة قادرة على التعامل الفعال مع كوارث مماثلة واتخاذ تدابير جديدة فيما يتعلق بتحقيق العدالة الاجتماعية.
جاء ذلك في إطار مشاركة الوزيرة-عبر خاصية الفيديو كونفرانس- في فعاليات الملتقى السنوي للاستثمار والمنعقد بدولة الامارات العربية المتحدة بمشاركة سورايا هاكوزياريمي، وزيرة التجارة والصناعة الرواندية، وألان وولف، نائب مدير عام منظمة التجارة العالمية.
وقالت جامع، إن أزمة فيروس كورونا المستجد غير مسبوقة يشترك العالم أجمع في الخطوط العريضة للتداعيات الاقتصادية والاجتماعية لها، مشيرة إلى أنها أدت إلى حدوث اضطرابات في التجارة الدولية وسلاسل التوريد العالمية، الأمر الذي أدى إلى تأثر الصناعات التحويلية في مصر.
وأضافت أن هذه الأزمة تمثل فرصة كبيرة للمصنعين المصريين للاعتماد على الصناعات الوطنية وإحلالها محل الواردات، مشيرة إلى أن الوزارة تقوم حاليًا بالتنسيق مع مجتمع الصناعة لتشجيعهم على تصنيع المدخلات ومستلزمات الإنتاج محليًا لتلبية احتياجات الصناعة الوطنية من خلال تشبيك سلاسل التصنيع الوطنية وتعميق التصنيع المحلي وتحقيق التكامل بين الحكومة والقطاع الخاص.
وأوضحت جامع، أن هذا الأمر انعكس في تحقيق انخفاض كبير بنسبة 24% في حجم الواردات السلعية غير البترولية لمصر خلال الـ4 أشهر الأولى من العام الجاري، حيث بلغت 18 مليارًا و797 مليون دولار مقابل 24 مليارًا و580 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي، فضلًا عن تراجع العجز في الميزان التجاري لمصر بقيمة 5 مليارات و570 مليون دولار وبنسبة تراجع 35% عن نفس الفترة من العام الماضي، الأمر الذي يؤكد نجاح خطة الوزارة في زيادة الاعتماد على المنتج الوطني وإحلال الواردات بمنتجات محلية الصنع.
وأشارت الوزيرة إلى حرص الحكومة على استمرار عجلة الإنتاج والحد من تأثر مستويات العرض والطلب الداخلي والحفاظ على وتيرة عمل الصناعة المصرية وفي الوقت ذاته حماية العمالة من الإصابة بالفيروس، حيث لم تتخذ إجراءات عنيفة لمواجهة الأزمة بالمقارنة بالعديد من الدول حيث تم فرض حظر تجوال جزئي وتم استثناء الأنشطة الصناعية، لافتة إلى أن الحكومة اتخذت عددًا من القرارات التي خدمت بشكل كبير قطاع الصناعة والتصدير والتي تضمنت توحيد وخفض سعر الغاز الطبيعي للصناعة إلى 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية، وإصدار قرار بتخفيض أسعار بيع الطاقة الكهربائية الموردة للأنشطة الصناعية على الجهود الفائقة والعالية والمتوسطة، بالإضافة إلى تأجيل سداد الضريبة العقارية المستحقة على المصانع، وإطلاق مبادرة المصانع المتعثرة والتي تسري على المصانع المتعثرة حتى 30 يونيو 2020 وتستهدف إسقاط فوائد متراكمة بنحو 31 مليار جنيه عن 5148 مصنعًا متعثرًا، وأصدار قرارًا بمد العمل بالرخص والسجلات الصناعية المنتهية، فضلًا عن تشكيل لجنة من الأجهزة المعنية بالوزارة لإجراء حملات تفتيشية لمتابعة التزام المصانع لتطبيق الاجراءات الاحترازية حفاظًا على سلامة العمال وضمان عدم توقف عجلة الإنتاج، ومتابعة التزام القطاع الخاص بالحفاظ على العمالة وعدم تسريحها وعدم المساس بأجور العمال.
وأضافت جامع، أنه من الصعب التكهن باتخاذ دول العالم إجراءات حمائية محتملة تشكل تهديدًا لمستقبل العولمة، خاصةً وأن التجارة الدولية متشابكة إلى حد كبير نظرًا لتعدد مصادر مستلزمات الصناعة من مواد خام وسلع وسيطة وماكينات ومعدات، وتشابك سلسلة التوريد العالمية، مشيرة إلى إمكانية أن تؤدي تلك الأزمة إلى توجه بعض الدول لانتهاز الفرصة لتوطين بعض الصناعات لديها محليًا وإحلال الواردات محلها، وهو ما يخدم معدلات النمو والتشغيل المحلي والعالمي، ولكنها لن تستطيع إحلال كافة الصناعات.
ونوهت الوزيرة إلى أن النظام التجاري العالمي محكوم بقواعد، حيث تتم النسبة الأكبر من التجارة العالمية وفق اتفاقيات تجارية سواء كانت ثنائية أو متعددة الأطراف، مما يستبعد احتمالية لجوء دول العالم لاتخاذ اجراءات تخالف قواعد المنظمة أو اتفاقياتها الدولية.
وقالت الوزيرة إنه منذ بداية الأزمة زاد الطلب على المستلزمات الطبية التي أصبح المجتمع بالكامل يستهلكها طوال الوقت وأصبح من أهم أولويات الحكومة توفير المخزون اللازم من المواد الاستهلاكية الأساسية والمستلزمات الطبية ولذلك اتخذت الوزارة منذ بداية الأزمة عددًا من القرارات التي خدمت هذه الأهداف والتي تضمنت إصدار قرارين بوقف تصدير الكحول بكافة انواعه ومشتقاته والماسكات الجراحية، وإصدار قرار بوقف تصدير بعض أصناف البقوليات، إلى جانب إلزام الشركات المصرية المنتجة والمستوردة للمستلزمات الطبية بتوريد منتجاتها ومخزونها إلى الهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي، وذلك بهدف توفير احتياجات القطاع الطبي المصري من هذه المستلزمات، لافتةً إلى أنه تم إتاحة تصدير كميات كبيرة من المستلزمات الطبية والسلع الغذائية للدول المتضررة من فيروس كورونا، وذلك في ضوء الدور الفاعل لمصر على المستوى الدولي، وكذا وفاءً للتعاقدات التجارية بين الشركات المصرية ونظيرتها في العديد من الدول.
ولفتت إلى أن الوزارة اتخذت أيضًا عدد من الإجراءات المتعلقة بتهيئة بيئة الأعمال الصناعية وتذليل العقبات والقضاء على البيروقراطية وميكنة الخدمات الصناعية، بالإضافة إلى زيادة الاعتماد على مدخلات الإنتاج المصرية ودعم الصناعات المغذية والتكميلية ونقل التكنولوجيات المتطورة للصناعة المصرية إلى جانب تنفيذ برنامج تعميق التصنيع المحلي للمساهمة في إحلال الواردات بمنتجات محلية الصنع، مشيرة إلى أن أغلب احتياجات الدولة من السلع والمنتجات الغذائية والحاصلات الزراعية والمستلزمات الطبية متوفرة وآمنة.
ونوهت جامع إلى الدور الكبير للقطاع الخاص لمواجهة أزمة كورونا من خلال قدرته الفائقة على مواجهتها والتعامل معها، وهو ما ساهم في استقرار السوق المحلية من خلال توافر جميع السلع والمنتجات وعدم وجود أي عجز، مشيرة إلى أن الدولة ساندت القطاع الصناعي باعتباره العمود الفقري للاقتصاد الوطني وعجلت من قراراتها فيما يخص خفض أسعار الغاز والكهرباء وتأجيل الاقساط التمويلية.
وشددت الوزيرة على أهمية التجارة الإلكترونية لزيادة العلاقات التجارية بين بلدان العالم وخاصةً في ظل الأجواء الحالية التي تقلص فيها التعامل المباشر بين البائع والمشتري نظرًا لأزمة فيروس كورونا، كما أنها تعد مجالًا خصبًا لنشاط رواد الأعمال والمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، مشيرةً إلى أن مصر حريصة على وجود منصات تجارة إلكترونية محلية فضلًا عن استعداد مصر حاليًا لإنشاء عدد من منصات التجارة الإلكترونية مع الأسواق التي ترتبط معها مصر باتفاقيات تجارية وبصفة خاصة إنشاء منصة تجارة إلكترونية إفريقية لا سيما وأن السوق الأفريقي يعد من أهم الأسواق الواعدة لمصر في المرحلة الحالية.
وأضافت أن مصر تنتهج مسار اقتصادي متميز بالإضافة إلى قيام الحكومة بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية ودراسة منهجية التنمية المستدامة لتخطي أثار أزمة فيروس كورونا حيث تضع الحكومة نصب عينيها الحفاظ على أهداف التنمية المستدامة، مشيرةً إلى أنه لولا هذه الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لما استطاعت الدولة المصرية مواجهة أزمة كورونا والتي تضمنت توفير فرص عمل جديدة والحفاظ على العمالة التي تأثرت بفعل الأزمة، فضلًا عن توفير الاحتياجات الأساسية للشعب المصري.
ومن جانبها قالت سورايا هاكوزياريمي، وزيرة التجارة والصناعة الرواندية، إن الحكومة الرواندية وضعت برنامجًا تمويليًا لمساندة القطاعات الاقتصادية لدعم التصنيع المحلي وحوافز لمساندة الصناعة لتستطيع المنافسة وخاصةً لعدد من الصناعات التي كان لها الأولوية في فترة الأزمة، مشيرةً إلى ضرورة تعزيز الترابط على المستوى الإقليمي والقاري لدعم القطاعات الاقتصادية المحورية خاصةً في ظل استمرار المفاوضات الحالية بشأن اتفاقية التجارة الحرة القارية حيث تسعى الدول الأفريقية جاهدة للتوصل إلى اتفاق يحقق مصالح الدول الأعضاء.
وأوضح ألان وولف، نائب مدير عام منظمة التجارة العالمية، أن المنظمة تتابع عن كثب أثر الأزمة العالمية الحالية على الدول أعضاء المنظمة التي يبلغ عددها 164 دولة، وبصفة خاصة القرارات الاحترازية المؤقتة التي اتخذتها بعض الدول فيما يتعلق بانسياب حركة التجارة، حيث جاء أغلبها كنتيجة لتداعيات الأزمة، مؤكدًا حرص المنظمة على دعم توجهات الدول الأعضاء لمساندة القطاعات الإنتاجية خلال هذه المرحلة الدقيقة.