إيران.. العدو الدائم والحاضن الشرعي للإخوان
تردد اسم إيران خلال الحلقات الماضية لمسلسل الاختيار، الذي نجح بشكل واسع إلى إظهار أعداء مصر بكل أطيافهم وأشكالهم ومرجعياتهم، حيث تتماهي العلاقة بين إيران وجماعات الإخوان المسلمين، على أساس واحد وهو ضرورة إقامة دولةٍ إسلامية تحكم بما أنزل الله سبحانه، واستمد الخميني على كتب حسن البنا وسيد قطب، وقبلهما أبو الأعلى المودودي، بتنظيرات لشكل المجتمع والدولة في ظل الحاكمية، المبتغى والجائزة التي تبحث عنه كل الجامعات الإسلامية المتطرفة.
ومنذ أعوام طويلة قبل صعود الخميني إلى سدة الحكم، مدعومًا بآمال الشعب الإيراني بالحرية -الآمال التي خيبها فيما بعد- كان حسن البنا في منتصف أربعينيات القرن الماضي، يبحث عن دوافع إسلامية من أجل تشكيل مجتمعٍ إسلامي، دون توجهاتٍ طائفية محددة، سنيةً كانت أم شيعية، واستضاف البنا "السيد محمد القمي"، أحد أعلام الشيوخ الشيعة، في المقر العام لجماعة الإخوان بالقاهرة، ثم استقبل آية الله الكاشاني عام 1948، وذلك قبل مقتله في 1949، وهو ما مهد لعلاقات بين الجماعة وإيران قبل الثورة الإسلامية، اقتصرت على إحداث الأثر المتبادل، خصوصًا ترجمة كتاب سيد قطب "المستقبل لهذا الدين" إلى اللغة الفارسية، وإعجاب الملالي الإيرانيين به وبمبدأ الحاكمية. ولعل زيارة مؤسس حركة "فدائيان إسلام" الإيرانية المتطرفة "نواب صفوي"، إلى سيد قطب في القاهرة عام 1945، تدلل على مدى التقارب المبكر بين مشروعي الإخوان وقياديي الثورة الإسلامية.
ظهرت العلاقة واضحة بعد أن تسلم خميني السلطة، وشكل الإخوان وفد في 11 شباطفيراير 1979 من التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، وزيارة الخميني لتهنئته بانتصار الثورة الإسلامية، وقال عمر التلمساني، المرشد العام لجماعة الإخوان آنذاك، أنه "لا يوجد أحد من الجماعة يهاجم إيران بأي حالٍ من الأحوال"، حتى في حربها مع العراق فيما بعد التي استمرت 8 سنوات.
واعتمدت مدارس ما يسمى بالصحوة الإسلامية، في عقيدتها وعلمها ومفاهيمها في ثلاث مدارس: مدرسة حسن البنا، ومدرسة سيد قطب، ومدرسة الخميني، وهذه المدراس الثلاث كانت النواة التي انطلقت منها القاعدة وداعش وباقي الجماعات الإرهابية المسلحة.
عقب اندلاع ثورة 25 يناير هنأ المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي الإخوان بنجاح الثورة، وألقى خطبة باللغة العربية، مشجعا فيها على إكمال مسيرة الثورة، وظهر التدخل الإيراني والنسيق واضح مع حماس وجماعة الإخوان بعد اقتحام السجون، وتهريب عدد من سجناء حزب الله بينما زاد التحرك الإيراني، ونقلت إيران عبر السودان، كميات من الأسلحة والذخائر إلى قطاع غزة ليوجه هذا السلاح إلى صدور أبناء الجيش المصري.
وخلال تلك الفترة من الفوضى وتم دعوة العديد من الصحفين لزيارة إيران، في محاولة للتطبيع الشعبي، وجاء عهد مرسي لتخرج العلاقات بين إيران والإخوان للعلن وبشكل واضح، وتوالت الزيارات بين الجانبين، وكان أبرزها زيارة مرسي في أواخر أغسطس 2012 إلى طهران تلك الزيارة التي شكلت منعطفا خطيرا في العلاقة مع إيران، إذا ما علمت أن تلك الزيارة جرى فيها لقاء بين خيرت الشاطر الذي دخل بصفة فردية والتحلق بمرسي وجرى اللقاء بين الشاطر وقاسم سليماني، وبحضور وزير الشباب أسامة ياسين الذي اسس الفرقة (95 إخوان)، بدعم من الشاطر وعلى غرار الحرس الثوري الإيراني، وقد أكد ذلك عنصر المخابرات الإيراني أمير عبد اللهيان، أن سليماني وضع الهيكل التنظيمي للحرس الثوري الإخواني، ورتب مع الشاطر آلية التدريب والتسليح والإدارة بذات الطريقة التي يسير عليها الحرس الثوري الإيراني.
جاءت زيارة الرئيس أحمدي نجاد لمصر، ودخوله للأزهر وإشارته بعلامة النصر من هناك لتشكل صدمة كبيرة داخل المجتمع المصري، الذي لم ينس إصرار إيران على بقاء اسم السلانبولي قاتل الشهيد الرئيس السادات، على أهم شوارع طهران بالمودي إلى بازار طهران.
وعقب ثورة 30 يونيو من العام 2013 تكشفت علاقات أخرى خفية بين إيران وجماعة الإخوان، وأزيح الستار عن محاولات جرت تحت الطاولة لتمكين الإخوان من السيطرة على مفاصل الدولة المصرية بمساعدة إيرانية، كان أبرزها اللقاء الشهير في عام 2014 بعد أحداث مسجد (رابعة) بين وفدى من الإخوان والحرس الثروي الإيراني في فندق "هارم أوتيل" بضاحية حيدر باشا في الجانب الأسيوي من العاصمة التركية إسطنبول.
وكان الوفد الإيراني مكون من إسماعيل قاني (أبو حسين) والعقيد سجاد تبريزي (هو أحد العناصر في المخابرات الإيرانية وهو من كان مسؤول عن زيارة مرسي العياط إلى طهران في أغسطس 2012، وهو الذراع الأهم لعلي أكبر صالحي، وحسين كرمنجي (سكرتير أول في القنصلية الإيرانية بإسطنبول) ومن الجانب التركي حضر علي يائووز أحد أذرع أردغان في أسطنبول.
أما وفد الإخوان فضم كلا من إبراهيم منير ومحمد الإيباري ويوسف ندا الذي تفى لاحقا وحضره القيادي الإخواني العراقي أحمد الراوي، ودام اللقاء نحو 4 ساعات وقدمت ورقة عمل من ثلاث نقاط شن حرب إعلامية على السعودية وشيطنة مصر لأنها لم تشارك بحرب اليمن.
بالإضافة إلى تخفف الضغط على رئيس مجلس الشورى إياد السامرائي وسليم الجبوري (ذكر اسمه في الوثائق المسربة)، ورشيد العزاوي المرشد الحالي لجماعة الإخوان في العراق، وفتح أبواب إيران لمساندة الإعلام الإخواني في مقابل دعم إخواني لهم في الخليج (الكويت والبحرين) ومساندة الإعلام الإخواني المتمثل بقنوات التضليل في تركيا بقيادة أيمن نور وعدد من مقدمي البرامج، ودعم عناصر الإخوان في اليمن (ومنهم توكل كرمان) والعراق (رشيد العزاوي مرشد الإخوان في العراق)، كما قدمت إيران تمويلا لبعض المواقع والقنوات الإخوانية بمبلغ سنوي يصل عن طريق السفارة في أنقرة بشكل مباشر بعيد عن البنوك، وتم الاتفاق على مليون دولار سنويا تدفع من موازنة الحزب الاإسلامي العراقي المدعوم من إيران.
ما تقدم جزء بسيط من علاقة إيران بالتنظيم الدولي للإخوان، ومحاولة بسيطة لكشف تلاقي مصالح إيران الداعمة للجماعة الإرهابية وتهديد إيران المستمر لأمن الوطن العربي.