جريمة بربرية
بين الحين والآخر تحمل لنا وسائل الإعلام أخبارًا مفجعة عن وفاة فتيات صغيرات بسبب عملية الجزارة المسماة خطأ «الطهارة»، ففى الأسبوع الماضى توفيت «ندى»، ابنة الـ١٢ عامًا، فى محافظة أسيوط أثناء خضوعها لعملية ختان على يد أحد الأطباء، ومن المؤسف أن مصر بذلت جهودًا جبارة فى التوعية ضد هذه الجريمة ولكن ما زالت هناك العقليات المتحجرة الأصولية التى تسير عكس تيار العلم واحترام حقوق الإنسان.
إن الختان عملية بربرية همجية استحقت أن تحمل اسم «البتر التناسلى للإناث»، وهو الاسم العلمى الجديد كما تسميها بعض الموسوعات، وهذه العملية تُعد من أعمال العنف ضد المرأة، وهى من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان شيوعًا وانتشارًا، فهذا العنف الذى تتجرعه المرأة هو سبة شنعاء فى جبين الإنسانية وأقبح بلاء منيت به حقوق الإنسان فى عصرنا الحالى.
ويُمثل البتر التناسلى للإناث انتهاكًا لحقوق الإنسان وشكلًا من أشكال العنف ضد النساء والفتيات، وهو متجذر فى عدم المساواة بين الجنسين، بجانب التفسيرات الدينية والمعتقدات الثقافية المغلوطة. ويُمكن لهذا الإجراء أن يؤدى إلى مضاعفات جسدية ونفسية ممتدة لوقت طويل، وقد يؤدى إلى الإصابة وكما رأينا إلى الوفاة. وتبقى الرغبة فى القبول الاجتماعى وتجنب الوصم الاجتماعى بمثابة أكبر يدفع لإجراء البتر التناسلى للإناث.
ومن المدهش أن عملية البتر التناسلى للأنثى أصبحت بالنسبة لبعض الأصوليين فى مصر قضية دونها الموت، يرفعها ويقاتل فى سبيلها متطرفون يعتقدون أنهم قد حلوا كل القضايا المصيرية، ولم يعد أمامهم إلا متعة الأنثى يحاولون وأدها، إن عملية البتر والتشويه التناسلى للإناث هى بكل المقاييس جريمة نكراء، وهى انتهاك واضح وفاضح لحق المرأة فى حياة آمنة مستقرة، ومن حق المرأة ألا تتعرض لأى نوع من العنف، وأن تُعامل على قدم المواساة مثلها مثل الرجل باعتبار أن ذلك من حقوق الإنسان الأساسية، وفى حقيقة الأمر أن ما نحتاجه اليوم ليس البتر التناسلى للإناث، ولكن البتر الكلى للأفكار البالية التى تعشش فى عقول الكثيرين من الأصوليين الدينيين والماضويين سواء كانوا رجالًا أو نساءً، إن العقل العربى يحتاج لعملية ختان لتطهيره من أفكاره السلبية تجاه المرأة والتعامل معها باعتبارها شيئًا لا كائنًا بشريًا، العقل العربى يحتاج لختان لتنقيته من استغراقه فى الموروثات البالية التى تجاوزها العصر وسبقتها الحضارة، وعندما يختتن العقل لن يطالب أحد بختان الإناث.