موقف تاريخى لمفتى الجمهورية
إنه لموقف تاريخى لمفتى الجمهورية سيتوقف عنده التاريخ طويلاً، لأنه سيفتح الباب لتطوير وضع نساء مصر فى المرحلة المقبلة مما يبشر بالخير، وانحسار زمن قهر المرأة والحط من شأنها طوال عام أسود من حكم الإخوان، وترديد فتاوى خاطئة لإقصائها من الحياة العامة ومن كل المجالات تحت ستار الدين، والدين من كل ذلك براء....
ففى يوم الجمعة الماضى ١٨ أكتوبر سيسجل التاريخ فتوى مستنيرة للمفتى د. شوقى عبدالكريم علام، أجاز فيها تولى المرأة للقضاء والمناصب العليا المهمة، فيا سيادة المفتى الجليل تحية تقدير واحترام لك منى شخصياً ومن نساء مصر عامة، لأننى لطالما كتبت، ومنذ الثمانينيات، أطالب فى مقالاتى بتولى المرأة للمناصب القيادية والفعالة بناء على الكفاءة، ولم يستجب أحد، ثم جاءت آخر مطالبة لى ولغيرى من النساء لتكون مادة بهذا الشأن فى دستور ٢٠١٣، وذلك فى جلسة استماع المرأة بالجمعية التأسيسية والتى يرأسها عمرو موسى، وحضر معنا الجلسة وتجاوب مع كثير من مطالبنا، ولذلك فإننى أنتظر أن يتم ترجمة هذه الفتوى إلى فعل وقرارات يتم اتخاذها قريباً.
إنك يا سيادة المفتى الجليل قد أنصفت المرأة ونصرتها على من يحاولون قهرها.. أو التغاضى عن قدراتها وتجاهل حقوقها، وننتظر منك المزيد من الفتاوى التى تفتح لنا الباب للمزيد من العدل للمرأة المصرية .
والحقيقة إننا لانزال ننتظر من المفتى أن ينحاز لوسطية الإسلام التى وعدنا بها ليعلو صوت الاعتدال على صوت التطرف والتشدد، وأن يتم وقف مهزلة الفتاوى التى تصدر بدون سند من الإسلام الصحيح وبخاصة ضد النساء.
إن د. شوقى عبدالكريم أيضاً قد صدق فى وعده لخطة تسلمه خلفاً لـ د. على جمعة، حيث قال فى المؤتمر الصحفى حينذاك «إنه سيتم التصدى لجميع الفتاوى التى تصدر من أشخاص غير مسئولين خارج دار الإفتاء، والتى تخلقها بعض العقول الشاذة ويتبعها بعض الأفراد، ووجه شوقى كلمة لهيئة علماء الأزهر ولهيئة كبار العلماء التى انتخبته، وعلى رأسهم د. أحمد الطيب شكرهم فيها على ما يقومون به للاسلام والمسلمين، قائلا بالحرف الواحد:
«إنه من الوفاء أن نعترف بما وصلت إليه دار الإفتاء بالفريق السابق بقيادة د. على جمعة، مضيفاً أن استكمال هذه المسيرة يتطلب عملاً دءوباً مبنياً على العمل المؤسسى والاستفادة من الخبرات التى اكتسبت داخل الدار، وشدد شوقى على أنه لن يسمح لأحد لجره للمعترك السياسى أو الحزبى أبداً، وأنه سيحافظ على وسطية الدار والإفتاء».
إن المرأة المصرية لها أن تستبشر خيراً وأن تواصل مسيرتها لإثبات كفاءتها وأحقيتها فى كل المواقع، ولا شك أننا بهذا الموقف التاريخى قد صار لنا نصير جديد للمرأة المصرية هو د. شوقى عبدالكريم علام، فلقد أنصف بفتواه المرأة المصرية فى مرحلة دقيقة وخطيرة من تاريخ الوطن. إن د. شوقى عبدالكريم علام هو واحد من علماء الأزهر الشريف، ولا شك أن دار الإفتاء فى مصر قد بدأت منذ قرون طويلة، وكان لها اتصال وثيق بالأزهر الشريف، وتشير سيرته الذاتية إلى ملامح مشرفة تبشر بفكر مستنير سيكون نقطة تحول فى دور دار الإفتاء المصرية، خاصة فيما يتعلق بوضع المرأة المصرية ومستقبلها، فهو من مواليد عام 1961، وحاز على الدكتوراه فى إيقاف سير الدعوى الجنائية فى الفقه المقارن، ولديه 25 مؤلفاً فى حقوق المرأة السياسية، ومن أهم مؤلفاته: «الحقوق السياسية للمرأة، دراسة مقارنة بين الفقه والقانون»، و«القواعد الفقهية ودورها فى التفسير القضائى للعقد عند التنازع فى ألفاظها»، و«المرأة والعولمة فى شبه الجزيرة العربية»، و«المرأة المسلمة فى العصر الحديث»، وهو حاصل على ليسانس الشريعة بكلية الشريعة والقانون بتقدير جيد جيداً مع مرتبة الشرف، وشارك فى عدة مؤتمرات دولية فى فقه المعاملات، هذه بضعة سطور من السيرة الذاتية لرجل دين نتوقع منه الكثير لدعم المرأة من خلال الدين الإسلامى الذى نعرفه ونحبه دين السماحة والسلام.