أفلام العيد عنف بدون فكر
كل عام وأنتم بخير، نحن فى أيام مباركة يحتفل فيها المصريون بعيد الأضحى المبارك، وتعيش مصر مرحلة دقيقة من تاريخها انطلاقاً من رغبة شعبية جارفة لإرساء دوله جديدة حديثة ديمقراطية تحترم حقوق مواطنيها بلا فاشية باسم الدين،
بعد معاناة عام من حكم الإخوان عشناه كأنه دهر كامل، وعانينا منها جميعاً كأغلبية من المصريين ممن ليسوا من الإخوان أو الموالين لهم والمنتفعين منهم،و وعانى الفن المصرى والفنانون والمثقفون والمبدعون من التكفير والهجوم عليهم والسب لهم ممن يدعون الدين، ولهذا كان من المنتظر أن نرى من أهل الفن خلال العيد فناً له مذاق خاص هو مذاق ثوره ٣٠ يونيو أو مذاق الحرية ونسائمها التى هلت مع الثورة، ولكن أفلام العيد جاءت مخيبة للآمال ولا تبشر بالخير وتنذر بأننا مقدمون على فترة «اللافن» وفترة أفلام مقاولات سريعة الإعداد وهابطة المستوى، ومسيئة للفن المصرى وللسينما المصرية التى سبقت العالم بأفلام بدأت فى بداية القرن، وأخذت تتطور حتى حققت لمصر ريادة حقيقية فى العالم، ولأننى من محبى السينما المصرية فإننى أريدها أن تتقدم لنرى أفلاماً تتناسب مع إمكانيات مصر الفنية الهائلة والتى هى جزء من قوتها الناعمة ومن قدرتها على التأثير فى المنطقة.. إن أفلام العيد صادمة وبلا مضمون أو قيمه تذكر، سيل من المشاهد التى هى توليفة غريبة من العنف والبلطجة والفوضى واستخدام الأسلحة البيضاء وهز الوسط والفجاجة، وعدم تقدير أن الشباب والمراهقين يرون هذه الأفلام، وأن السينما مثل المسرح مدرسة لتعليم السلوكيات وتشكيل الوجدان، وتحفيز المشاهد على التفكير فى الواقع بغية الارتقاء به وليس الهبوط بالمشاهد إلى أسوأ درجات الإسفاف.
أدرك عزيزى القارئ أن البعض قد يعترض باعتبار السينما وسيلة للترفية أيضاً، وأنا لا أمانع فى ذلك ولكننى أطالب بأن يتنبه صناع السينما وأهلها والمهتمون بشأن الفن المصرى بأننا نعيش فى مرحلة بناء دولة جديدة، نريد أن تصاحبها حركه فنية راقية تبنى العقول وترتقى بالوجدان، وتطرح أفكاراً ومفاهيم جديده بناءة وليست هدامة، وتبث قيماً نبيلة مع الترفيه والمتعة وتنتبه إلى أننا لا نريد أن ننشر العنف والإرهاب، ونقدم وجبات فنية تشجع عليه،و وتقدم للمراهقين أنماطاً من الأبطال الذين يحملون السلاح فى الشارع وكأنه شىء عادى ويمضون بدون عقاب، ويا أهل الفن، السينما المصرية لها دور مهم الآن نريده أن يكون دوراً بناء وليس مدمراً للشباب، سينما تبنى العقول ولا تهدمها وتنشر قيماً نبيلة بعد ثورة عظيمة لشعب عظيم.