لا تتحرش بفلسطين
ذُب عشقًا فى الصهاينة ما شئت، ولكن دون تذرع كاذب وغير مجد بالإسلام السياسى أو اتفاقيات السلام.. اتفاقيات السلام الرسمية جعلت للدول فقط ولم تجعل للأفراد.. الهدنة وخوض الحروب وإقرار السلام أو وقف إطلاق النار، أمور تخص من يملك السلاح المقنن ومن يملك قرار الحرب والسلام، وفى المقابل لا يعنى السلام استسلامك أو تسليمك أنت للعدو الصهيونى أو التطبيع معه.. إسرائيل هى العدو التاريخى كانت وما زالت وستظل.
لقد وقعت مصر على اتفاقية للسلام مع إسرائيل، لتوقف عدوان الصهاينة الأعداء على مصر، ولم توقع اتفاقية مماثلة مع السلطة الوطنية الفلسطينية أو مع بقية دول المنطقة، لأنها دول غير معتدية لم تعتدِ علينا يومًا، ولا خوف منها مهما حدث بيننا وبين البعض من اختلاف أو شقاق هو ابن لحظته ووليد ظروف تأتى وتروح.
أما تطبيعك أنت، فسيعنى حتمًا الاستسلام والخيانة واستمراء عدم المقاومة، وللمقاومة وجوه وأشكال عديدة.. قرار الحرب والسلام قرار دول لا شعوب، والفلسطينيون يدافعون عن أراضيهم التى اغتصبت واعتدى عليها بكل ما تيسر لهم، ولم يطلب أحد منك مشاركتهم فى نضالهم على أراضيهم.. فقط كُف لسانك عن قذف وقدح ومن ثم التحرش بشعب يناضل، ولا تتذرع بما لا يمكنك تبريره.
اتفاقية السلام مع دولة الكيان الصهيونى لا تعنى التطبيع الشعبى مع إسرائيل. أمور وشئون الدولة الرسمية لا علاقة لها باختيارات المواطن وانحيازاته، انحيازك وعدم انحيازك شأن يعنيك ولا يعنى غيرك، ولست معنيًا بما يفعله الغير، أنت معْنِى بشأنك وحدك ولا شركاء لك فى اختياراتك أو انحيازاتك، لا يوجد بند فى اتفاقية السلام يقول لك: «أيها المواطن الكريم.. طبِّع مع إسرائيل».
التطبيع ليس أمرًا أُمرت أنت به وليس فرض عين فرضه أحد عليك، وبالتالى فلست مجبورًا عليه إن كنت تريده.. فلك ما تشاء.. ولتتحمل تبعات اختياراتك وانحيازاتك فى كل الأحوال.. ولكن لا تتذرع بمواقف الدول واتفاقياتها وعملها الدبلوماسى.
أتعجب كثيرًا ممن يناهض قضية وحقوق الشعب الفلسطينى متذرعًا باتفاقيات السلام، أو يكون موقفه العدائى من القضية مبنيًا على كراهيته لفصيل بعينه.
لقد روجت إسرائيل وسعت لأسلمة القضية الفلسطينية كنوع من التمويه والخداع الاستراتيجى والتنويع فى أساليب الحرب، كى تضيع القضية الفلسطينية- الإنسانية فى المقام الأول- ولكى يتفرق دم شهدائها بين الفرقاء والفصائل.. فلا تساعدها اليوم إن كنت حقًا تؤمن بالإنسانية وأنسنة القضية لا يمكنك اختزال شعب فى حركة، ولا يمكنك تصدير أكذوبة تقول بأن فلسطين هى حركة حماس أو حركة الجهاد الإسلامى.
شعب فلسطين هو حائط الصد الأخير.. شعب فلسطين هو قارب النجاة، فلا تحرق ما تبقى لك من قوارب قد تنجو بها، لا تسقط آخر ورقة توت تبقت لنا بعد أن حرق الاستعمار أوراق الزيتون.
شعب فلسطين يصد ويتحمل عنك كل هذا العناء، وكل تلك الطعنات الغادرة ويصنع بنفسه لنفسه فسيفساء نضال يغزلها بدمه الطاهر، شعب فلسطين يفديك ولا يطالبك بالتدخل، ولا يطلب منك شيئًا فى المقابل أو حتى يطالبك بشىء، فلتقل وتعمل إذن خيرًا بمقاطعة الكيان الغاشم ما استطعت للمقاطعة سبيلًا أو لتصمت للأبد.
لا تُقزم الشعب المناضل ولا تستهن بحقوقه ودمائه، ولا تصمه بما يوصم به ألد الأعداء. العدو قابع بين ضلوعك وينتظرك، ويتحين الفرص لينقض عليك. لقد فشل الاحتلال طوال سبعين عامًا وأكثر فى أن يوقف مقاومة شعب لم يفرط ولم يستسلم.
لقد دست إسرائيل سمومها بين ضلوعنا، فخرج من بيننا يهوذا، ليفسد لنا قضيتنا الكبرى.. وكم يهوذا خان. نعم فلسطين هى قضيتنا الإنسانية الكبرى ليست قضية العرب وحدهم وليست قضية المسلمين وحدهم.. فى فلسطين مسيحيون ناضلوا وما زالوا يناضلون.. ولنا فى نضال «جورج حبش» ورفاقه وجبهته أسوة حسنة.. وماتت اليهودية الأمريكية «راشيل كورى» من أجل قضية فلسطين ومن أجل شعب فلسطين وأرضه.. فهل يا ترى تلك المرأة اليهودية حمساوية أو جهادية؟ هل تنتمى تلك المرأة لتنظيم داعش أو حركة الجهاد الإسلامى؟! لماذا قررت «كورى» الموت فى سبيل فلسطين؟ لماذا قررت كورى الموت فى سبيل ومن أجل الإنسانية؟ أفيقوا يا سادة.. لا تتشتتوا ولا تشتتوا من هم فى أرض المعركة.