الطفل الإرهابي
طفل صغير لم يتخط عمره الخامسة عشرة، انضم لجماعات تكفيرية فى منطقة الشيخ زويد بشمال سيناء، أقنعته الجماعة المسلحة بحمل مجموعة من القنابل وتفجير نفسه قرب قوة أمنية ترأسها الرائد ماجد صبرى، رئيس مباحث قسم الشيخ زويد، ومعاونه، كانت تقوم بتمشيط منطقة السوق، حسب بيان وزارة الداخلية، الصادر الثلاثاء الماضى، وأسفر الحادث عن استشهاد رئيس المباحث ومعاونه وفردى شرطة و٣ مواطنين، أحدهم يبلغ من العمر ٦ سنوات، فضلا عن إصابة ٢٥ آخرين بإصابات متفرقة، نقلوا إلى أقرب مستشفى لتلقى العلاج والإسعافات اللازمة، وسقط الطفل الإرهابى هو الآخر قتيلًا.
هنا لا بد من دراسة حالة هذا الطفل ونشأته وأسرته، وإلى أى مدى نشأ فى أسرة سوية مترابطة، وما درجة تعليمه، وما الذى تعلمه حتى كان فريسة سهلة بهذا الشكل ليصبح إرهابيًا؟ وما الذى أدى به إلى الوقوع فى براثن الجماعات الإرهابية وكيف تم تجنيده؟.
لقد حان الوقت لأن نسمى الأمور بمسمياتها الحقيقية، بعيدًا عن تزييف الواقع لأنّ الشعوب التى تفشل فى تشخيص أمراضها بشجاعة، تموت عادةً نتيجة تناول الدواء الخطأ، فالطبيب الأمين فى عمله لا يقبل على نفسه أن يخدع مريضه المصاب بالسرطان ويقول له إنك مصاب بالإنفلونزا، وتكمن المشكلة الرئيسية التى تدفع هؤلاء السفاحين لارتكاب جرائمهم فى الأصولية الدينية، التى تتبنى تفسير النصوص الدينية بحرفيتها منزوعة من سياقها التاريخى والحضارى، والأصوليون الدينيون يقومون بالتفسير دون اعتبار لأى علوم ومعارف إنسانية، وبتجاهل واضح لكل تقدم حضارى، وبتجاوز سافر لجميع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومن ثم يترتب على ذلك الترويج لبعض الأفكار التراثية البالية التى عفا عليها الزمن، والتى تتطلب عقولًا ناقدة لدحضها ورفضها والتعامل معها فى ظل سياقها التاريخى والحضارى، أما وأن يتم استدعاء مثل هذه الأفكار والأفعّال الهدامة اليوم وبتجاهل واضح ومتعمد لكل تقدم أحرزته الإنسانية على مدار القرون الماضية، فهذا تدمير للحضارة الإنسانية، ومن ثم فإن مكافحة الإرهاب تستلزم مواجهة أمنية ومواجهة فكرية، كما أن محاربة الإرهاب تتطلب قصفًا فكريًا يتزامن مع القصف الجوى، ومن هنا لا بد من مراجعة المناهج التعليمية وتنقيتها من الشوائب التى تدعو للعنف وإراقة الدماء، وكذلك مراجعة المواد التى تدرس فى مناهج التربية الدينية بالمدارس وحذف كل تشويه للآخر الدينى المغاير والحث على حب الأوطان وبناء الإنسان. واحتياجنا فى المرحلة الحالية لمثقفين أكفاء لا يقل أهمية عن احتياجنا لجنود بواسل.
ودون هذا العلاج فسيطال الإرهاب الجميع، لذا لا بد من محاسبة ومعاقبة كل دعاة الكراهية الذين يمارسون اللعب فى أدمغة الجهلاء، وكذلك اللعب فى أدمغة الأطفال الصغار غير الواعين!!.