توطين اللاجئين.. الخطر القادم
كشف «إسرائيل كاتس»، وزير المخابرات والاتصالات الإسرائيلى، جانبًا من الخطط الأمريكية التى تستهدف تصفية ما تبقّى من القضية الفلسطينية، والخاصة بملف «حق العودة»، المقرر بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم «١٩٤»، الصادر فى ١١ ديسمبر عام ١٩٤٨، الذى يتضمن، فى الفقرة «١١» منه، أن الجمعية العامة «تقرر وجوب السماح بالعودة، فى أقرب وقت ممكن، للاجئين الراغبين فى العودة إلى ديارهم».
وتأتى الخطوة المُشار إليها، ضمن التحركات الالتفافية لمشروع «صفقة القرن»، وللتحايل على الرفض الشعبى، الفلسطينى والعربى، لها، شكلًا ومضمونًا، ومحتوى هذا المشروع تصفية «المشكل الفلسطينى»، بتوطين اللاجئين الفلسطينيين فى «دول النزوح»: الأردن، وسوريا، ولبنان، والعراق، حيث تتواجد أعداد كبيرة منهم، بعضهم غادر أرضه السليبة مع إعلان الدولة الصهيونية عام ١٩٤٨، إثر موجات الترويع والطرد، «الترانسفير»، والآخر خرج بعد كارثة ١٩٦٧ وما تلاها من تداعيات، وعددهم يقترب من الستة ملايين لاجئ!.
وهذه الخطوة ليست معزولة عن سياق التطورات المتواترة الأخيرة، التى أدت إلى تراجع أوضاع الشعب الفلسطينى، وهددت استقرار أوضاع من تبقى منهم فى الوطن السليب، ومنها:
- إعلان نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، رغم أنف العالم، وقرارات الأمم المتحدة، والقانون الدولى.
- الموافقة على مضمون إعلان «إسرائيل» للقانون الصهيونى العنصرى المُسمَّى قانون «يهودية الدولة»، بما يعنيه من قيام دولة عنصرية عدوانية، تهدد ما بقى من أبناء شعب فلسطين، وما حولها، بالمعازل وممارسات «الأبارتهيد».
- حجب التمويل الأمريكى لوكالة غوث اللاجئين، «أونروا».
- وأخيرًا: إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن، والتهديد بمعاقبة كل من يدعم الفلسطينيين فى شكواهم عن ممارسات الدولة الصهيونية، أمام «المحكمة الجنائية الدولية».
وقد أعلن «جاريد كوشنر»، العنصرى، والصهيونى المتطرف، وصهر «ترامب»، والمسئول عن هذا الملف فى الإدارة الأمريكية، أنه سيتوجه إلى المنطقة خلال أسابيع، للتباحث مع «الدول المعنية» لمناقشة تنفيذ هذه الخطوة بحصر أعداد اللاجئين، ومواقع لجوئهم، وتدبير الاعتمادات المالية «وأغلبها خليجى»، لتسكينهم فيها.
ومن المؤكد أن فرض هذه الخطوة الخطيرة لن يستفيد منها سوى الطرف الصهيونى، ونتائجها ستضر الأطراف العربية كافة، خاصةً أبناء الشعب الفلسطينى، حيث يعنى قبولها تخليهم النهائى عن حق وحلم الأجيال فى استرجاع الأرض، واستعادة الوطن، واستئناف الحياة الطبيعية الكريمة، على تراب الأجداد ومثوى الأحفاد.
من ناحية أخرى، فستفجر هذه الخطوة الانشقاقات والصراعات الداخلية والخارجية، ولن تكون محل إجماع بأى حال، لتأثيرها السلبى على التوازنات الديموغرافية الحرجة فى كل بلاد التوطين، وهو ما عكسه موقف الرئيس اللبنانى «العماد ميشال عون»، بتصريحه: إن الأمر «يرقى إلى غرس حقيقة بداية توطين الفلسطينيين فى البلد المضيف، وهو ما نرفضه».
وهكذا تأتى خطوة الضغط لـ«توطين» اللاجئين، كبديل عن الإقرار بحقهم فى العودة لوطنهم، وكأداة ضغط إضافية لدفع الفلسطينيين إلى الرضوخ أمام عناصر الإكراه الأمريكى، ولإجبارهم على قبول «صفقة» القرن»: المشروع «الترامب صهيونى»، لتوديع القضية، وتكفينها، ودفنها نهائيًا، حسب تصوراتهم العقيمة.
ولا يجب تجاهل الطرح الأمريكى الذى رفضته مصر شعبًا وحكومة، والقاضى بتنازل مصر عن جزء من أراضى سيناء، مقابل قطعة من صحراء النقب لتوسيع حدود «معزل، أو سجن» غزة، حتى يستوعب ضحايا موجات «الطرد»، أو «الترانسفير» القادمة، لمن تبقى من فلسطينيى الوطن السليب.
من الواجب أن ننتبه لمخاطر ما يتم رسمه من مخططات للإجهاز على الحقوق الفلسطينية، وعلى كل الأطراف المعنية، فى مقدمتهم أبناء شعب فلسطين، التماسك فى مواجهة الزلازل المقبلة، بتمتين أواصر الوحدة الوطنية، والصمود أمام الهجمة العنيفة المقبلة، التى تهدد بتصفية القضية إلى الأبد.