رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"ذاكرة الكرة".. قصة أزمة مختار التتش وكيف تدخل سعد زغلول لحلها

 قصة أزمة مختار التتش
قصة أزمة مختار التتش وكيف تدخل سعد زغلول لحلها

قبل أن يعرف العالم مسابقة كأس "المونديال"٬ كانت كرة القدم تمثل ضمن الألعاب الأولمبية العالمية٬ وفي الدورة الأولمبية التي أقيمت في باريس 1920٬ والتي شاركت فيها مصر بمنتخب كروي كان علي رأسه" جعفر باشا والي" وزير الأوقاف السابق ورئيس اتحاد كرة القدم والملاكمة أيضا٬ ورئيس النادي الأهلي.

وعن هذه البعثة والعقبات التي كادت تمنع اللاعب المصري الأبرز" مختار التتش" من المشاركة في هذه الدورة٬ بسبب إمتحانات "البكالوريا" ( الثانوية العامة )٬ يرصد الكاتب ياسر أيوب في كتابه الصادر عن الدار المصرية اللبنانية قبل أيام بعنوان " مصر وكرة القدم.. التاريخ الحقيقي أين وكيف بدأت الحكاية".

يشير أيوب إلي أن تعارض موعد دورة باريس مع امتحانات البكالوريا٬ كان يعني عدم سفر محمود مختار رفاعي"التتش" وكاد يعتذر عن المشاركة والسفر إلي باريس٬ حتي لا يتخلف عن الامتحان وهو ما لن تقبله أسرته.

وكانت أزمة اهتمت بها وتابعتها الصحافة وجمهور كرة القدم أيضا، كلهم أرادوا وألحوا علي ضرورة سفر هذا التلميذ٬ الذي لا يزال في التاسعة عشر من عمره مع المنتخب المصري إلي باريس٬ فقد كان لاعبا موهوبا ألتحق قبل عامين فقط بفريق النادي الأهلي قادما من المدرسة السعيدية.

ويصبح في المستقبل من أعمدة النادي الأهلي والكرة المصرية كلها، ورفض "محمد سعيد باشا" وزير المعارف وقتها تأجيل امتحانات محمود٬ أو أن يؤديها هناك في باريس؛ واضطر "سعد زغلول باشا" في النهاية للتدخل كرئيس للحكومة٬ ويقرر السماح بأن يؤدي محمود مختار امتحانات البكالوريا في باريس أثناء مشاركته مع منتخب مصر في دورتها الأولمبية.

بل وأصدر سعد زغلول باشا كرئيس للحكومة بيانا قال فيه: " لقد كنت رئيسا للجمعية العمومية للنادي الأهلي للرياضة البدنية٬ وأنا لا أريد لأبنائنا أن يمارسوا الرياضة فهي غذاء للعقل والروح والجسد؛ لهذا فإنني لا أقبل أن يضحي الطالب بشهادته٬ ولا أقبل أن يحرم من رياضته، ولهذا فإنني أوافق علي سفر محمود مختار مع فريقه إلي باريس٬ وأن ترسل أوراق أمتحانه إلي المفوضية المصرية لكي يمتحن هناك".

علي أن أبرز ما يرصده المؤلف٬ هو قِدم هوس المصريين بكرة القدم٬ وأستحوذها علي الأهتمام الأكبر دونا عن بقية الألعاب الرياضية الأخري؛ فرغم مشاركة مصر ببعثة تضم لاعبين في ثماني لعبات: ألعاب القوي٬ الملاكمة٬ الدراجات٬ السلاح٬ المصارعة٬ رفع الأثقال٬ والرماية، إلا أن كرة القدم هي من تصدرت ما كتبته الصحف والمجلات في تغطيتها لهذا الحدث الرياضي٬ وكانت المفارقة واضحة جدا والمقارنة ظالمة للغاية بين كرة القدم وبقية الألعاب المشاركة في الدورة٬ فيما يخص اختيار اللاعبين الذين وقع عليهم الاختيار للسفر لباريس٬ فقد كان هناك أبطال لم يحظوا بفرصة السفر وتقدموا بشكاواهم ومظالهم دون أن يلتفت لهم أحد.

وذهب هؤلاء إلي الصحف علي أمل أن تصل أصواتهم للمسئولين داخل اللجنة الأولمبية المصرية٬ مثل السباح أبو دومة والملاكم جورج حداد، بل أن الملاكم محمد علي صادق قام بنشر إعلان في جريدة الأهرام علي نفقته الشخصية٬ يعلن فيه أنه لاعب النادي الأهلي والملاكم الأقوي في مصر والأحق بتمثيلها في باريس٬ وعلي استعداد لتحدي أي ملاكم آخر في مصر قبل السفر.

ولم يسفر كل ذلك عن أي شيئ٬ إلا أن بيان أصدرته اللجنة الأولمبية المصرية في 15 مايو 1924 قالت فيه إنها تتمني سفر كل لاعب متفوق٬ غير أن ماليتها لا تتحمل إضافة أي لاعب٬ وأنه إذا أرادت الهيئات والأندية سفر لاعبيها٬ فاللجنة الأولمبية المصرية لن تعارض٬ بشرط أن تقوم الهيئة أو النادي بدفع نفقات السفر التي تتراوح بين مائة ومائة وعشرين جنيها.