بعد وصولها إلى محطتها الأخيرة.. الموازنة بين مؤشرات مبشرة وتحديات
يبدأ مجلس النواب برئاسة الدكتور علي عبد العال رئيس المجلس، يوم الأحد المقبل، في مناقشة التقرير العام للجنة الخطة والموازنة عن مشروع خطة التنمية المستدامة متوسطة الأجل للعام (20182019 – 20212022)، وخطة العام الأول منها (20182019)، ومشروع الموازنة العامة للدولة، ومشروعات موازنات الهيئات العامة الاقتصادية عن ذات العام.
وفيما يلي، يرصد "الدستور" كافة المعلومات الخاصة بالموازنة الجديدة، فيما يتعلق بشروط مناقشتها في الجلس العامة، وآخر ما توصلت إليه اللجنة المختصة مع الحكومة في إقرار الزيادات التي طالبت بها اللجان، والتحديات التي قد توجهها وتوصيات البرلمان لمواجهتها.
إجراءات مناقشة الموازنة في الجلسة العامة
حددت اللائحة الداخلية للبرلمان عدد من الإجراءات لمناقشة موازنة الدولة داخل المجلس، حيث شدد على تقديم مقترحات الأعضاء لتعديلها إلى رئيس المجلس، قبل 48 ساعة من موعد الجلسة المحددة للمناقشها، جواز التغاضي عن هذا الشرط، إذا كانت التعديلات المقترحة ذات طبيعة مهمة.
فيما حظرت اللائحة الداخلية على الأعضاء الحديث في أي موضوع آخر غير الموضوعات التى يثيرها من قُيدت طلباتُهم بالكلام فى سجل الجلسة العامة الخاصة بمناقشة الموازنة، فيما يلتزم الأعضاء بالتصويت على مشروع الموازنة العامة بابًا بابًا والتأشيرات الملحقة بها مادةً مادةً، ثم يتم التصويت على مشروع قانون ربط الموازنة العامة والتأشيرات الملحقة به فى مجموعه.
أهم أمؤشرات ومستهدافات الحكومة خلال العام المقبل
تسعى الموازنة الجديدة الي تحقيق فائض أولى سنوى مستدام فى حدود 2% من الناتج المحلي، وتحقيق معدل نمو يصل إلى 5.8%، كما تستهدف خفض معدل البطالة إلى نحو 10.4% وخفض معدل التضخم إلى 13%، كما تستهدف زيادة الإيرادات ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالى، وضبط معدلات النمو السكانى.
كما تسعى الموازنة العامة للعام المالي الجديد إلى تحسين الإدارة الضريبية دون فرض ضرائب جديدة علي المواطنين، وتوجيه الدعم لمستحقيه، بالتركيز على الفئات الأكثر احتياجًا، مع إعادة ترتيب أولويات الانفاق العام لصالح الفئات والمناطق المهمشة والأقل دخلًا.
كما تستهدف زيادة الإنفاق الاستثماري المخصص لتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين، مع زيادة الإنفاق في بنود الصحة والتعليم والبحث العلمي، وزيادة قيمة ومعدلات الإنفاق الاستثماري الموجه لتحسين البنية الأساسية، لرفع مستوى الخدمات العامة.
موقف البرلمان من تقديرات الحكومة وأهم التعديلات التي طرحها
رغم كل المؤشرات الإيجابية التي أشارت إليها الحكومة في بيانها المالي للموازنة الجديدة، إلا أن الكثير من النواب أبدوا اعتراضهم عليها، حيث اعترضت الكثير من اللجان علي التقديرات التي وضعتها الحكومة للقطاعات الحيوية التابعة لها، وأهمها التعليم والصحة والإسكان والزراعة والرى.
بينما قدرت الحكومة موازنة الصحة وفقا للمعيار المحاسبي المتفق عليه مع البرلمان، والذي يقدر بنسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما تصل قيمته إلى 145 مليار جنيه، لم يتعد حجم المخصصات المقدرة من الحكومة لهذا القطاع في الموازنة الجديد أكثر من 63 مليار جنيه، الأمر الذي أثار اعتراض النواب، خاصة أعضاء لجنة الصحة، مطالبين باستكمال الاستحقاق الدستوري المقرر لها.
وفي السياق ذاته، انتقدت لجنة التعليم بالبرلمان، المخصصات الموجهة لقطاعاتها في الموازنة العامة للدولة، مطالبين بزيادته بنحو 40 مليار جنيه، لاستيفاء الاستحقاق الدستورى المقرر لها، والذي تصل نسبته إلى 4% من إجمالى الناتج المحلي.
ومن جانبها، رفضت لجنة النقل، الموازنة الموجهة للسكة الحديد، والتي لم تجاوز مخصصاتها نحو 3 مليارات، مطالبة برفعها إلي 10 مليارات جنيه، مع زيادة مخصصات هيئة الطرق إلي 12 مليار جنيه بدلًا من 8 مليارات جنيه.
رد الحكومة علي تعديلات النواب
وبعد مفاوضات مستفيضة بين البرلمان ممثلًا في لجنة الخطة والموازنة والحكومة ممثلة في وزارة المالية، كشف المهندس ياسر عمر شيبة، وكيل لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب، عن أن الوزارة أكدت عدم قدرتها علي تلبية كافة التعديلات المطروحة من النواب والوزارات الأخرى، بسبب الأعباء الجديدة التي وقعت علي الموازنة نتيجة زيادة أسعار النفط العالمية، حيث قارب سعر برميل برينت نحو 80 دولارا، فيما قدر متوسط سعره في موازنة العام المالي المقبل بـ67 دولار للبرميل، وهو ما يعني ارتفاع عجز الموازنة بقيمة 13 دولارا للبرميل الواحد، لافتًا إلي أن كل دولار زيادة عن المتوسط المحتسب في الموازنة يعني زيادة عجز الموازنة بنحو 40 مليار جنيه، زيادة علي العجز الحالي الذي يصل إلي عجز 480 مليار جنيه.
كما أكدت المالية أن الاستجابة لكافة المطالب سيؤدي إلي زيادة عجز الموازنة بنسبة 21 % من الناتج المحلى الإجمالى.
ومن جانبه أعلن الدكتور حسين عيسى، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن التعديلات التي طرأت علي الموازنة شملت زيادة مخصصات 5 قطاعات، هى التعليم، التعليم العالى، الصحة، النقل، والثقافة والإعلام.
مصادر تمويل الاعتمادات الإضافية
فيما أجازت اللائحة الداخلية لمجلس النواب لجنة الخطة والموازنة حال قبول أي مقترحات بزيادة أي بند من بنود الموازنة، إلا أنها ألزمتها بتدبير مصادر الإيرادات اللازمة لمواجهة هذه الزيادة.
وفي هذا السياق تقدمت اللجنة إلي البرلمان بعدد من المقترحات الخاصة بتمويل الزيادة المتطلبة للقطاعات التي طالبت بزيادة مخصصاتها، وأهم هذه المصادر توجيه نسبة من متحصلات تقنين أراضى وضع اليد لتلك القطاعات ومن خلال المنح الخارجية.
الحماية الاجتماعية في الموازنة الجديدة
حظيت برامج الحماية الاجتماعية باهتمام ملحوظ من جانب الحكومة في موازنتها الجديدة، وبلغ إجمالي مخصصات الدعم نحو 332 مليار جنيه، بنسبة زيادة قدرها 15%، نتيجة تنقية كشوف الدعم الموجه لمحدودى الدخل والفئات الأكثر احتياجًا، فيما بلغت قيمة زيادة الدعم الموجه للمعاشات نحو 70 مليار جنيه، دون تطبيق الحكم القضائى الأخير الصادر، بإلزام وزارة التضامن الاجتماعى والمعاشات، بصرف نسبة الـ80% من 5 علاوات، لأصحاب المعاشات.
أزمة الدين بين تفاؤل الفائض الأولي وغول الأسعار العالمية للبترول
أشادت لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب بجهود الحكومة في التعامل مع أزمة الدين، مؤكدين أن الموازنة الجديدة تمثل أول خطوة في حل تلك الأزمة، من خلال رفع الناتج المحلي الإجمالي، الذي تصل نسبته إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك للمرة الأولي منذ عشرات السنوات، الأمر الذي يشير إلى حدوث طفرة في إيرادات الدولة، يشير إلي تقليل الاعتماد على الاقتراض بشكل عام، وصولًا إلى خفضه بشكل متدرج، يصل بنهاية العام المقبل إلى نحو 92%.
إلا أن الارتفاع المضطرد في أسعار المواد البترولية، يشير إلي تفاقم عجز الموازنة عن التقديرات التي وضعتها الحكومة في الموازنة الحالية الذي يقدر بنحو 480 مليار جنيه، وهو ما يهدد تنفيذ خطة الدولة في تحقيق الفائض المستهدف، خاصة مع الزيادة الكبيرة التي شهدتها أسعار البترول مؤخرًا، بوصول سعر البرميل إلي 80 دولار، مع وجود توقعات تشير إلي وصوله إلي 100 دولار للبرميل في نهاية العام المقبل، فيما يقدر سعر البرميل في موازنة العام المقبل بنحو 67 دولار للبرميل، وهو ما يعني ارتفاع عجز الموازنة، بمعدل 40 مليار جنيه عن كل دولار زيادة عن السعر المحتسب في موازنة الدولة.
توصيات البرلمان لمواجهة آثار رفع دعم الوقود في الموازنة الجديدة
فيما كشف البيان المالي للموازنة العامة الجديدة عن اتجاه الحكومة إلى خفض الدعم الموجه للوقود والطاقة مع بداية السنة المالية مطلع يوليو المقبل، بنحو 26% للمواد البترولية و47% للكهرباء، وأشارت التقديرات إلى توقع ارتفاع أسعار البنزين والسولار والبوتاجاز والغاز الطبيعي والكهرباء.
وأكد نواب البرلمان ضرورة اتخاذ عدد من الإجراءات لتجنب الآثار السلبية التي قد تنجم عن هذا الخفض، وأهمها ارتفاع معدلات التضخم نتيجة ارتفاع تكاليف النقل والإنتاج الصناعي.
من جانبها، شددت لجنة الصحة بمجلس النواب، على ضرورة توفير الحماية اللازمة للأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة، وضمان توفيرها للمرضى بالسعر المعتاد، مع الإسراع إلي تشكيل لجنة تسعير الأدوية؛ لتحديد هامش الربح المناسب للشركات المنتجة، بناء على التكلفة الحقيقية لمدخلات الإنتاج.
وطالبت الهيئة البرلمانية لحزب المحافظين، بتوفير الحماية اللازمة للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، من خلال دعم الطاقة الموجهة إليها، لتعزيز منافستها في الأسواق المحلية والخارجية.
وفي السياق ذاته شددت لجنة الصناعة بمجلس النواب، على ضرورة إعادة النظر في سعر الغاز الموجه إلى المصانع، لرفع قدرتها على المنافسة في الأسواق الخارجية، مشيرة إلي أن الأسعار الحالية أدت إلى رفع تكلفة الإنتاج بنسبة كبيرة وأثرت على سعر المنتج النهائي وهو ما أصبح يمثل عبئا علي المصانع.