لماذا لن تنجح مظاهرات إيران؟
كتب سيد شمس الدين صادقى، الباحث فى قسم السياسة بكلية العلوم الاجتماعية فى جامعة الرازى الإيرانية، دراسة عن الأوضاع السياسية فى إيران، خاصة بعد الاحتجاجات الأخيرة. هذا المقال يعد تلخيصًا لها:
شهدت السلطة طريقًا متذبذبًا خلال تاريخ إيران، ومنعت المجتمع الإيرانى من التطور السياسى الطبيعى والتنمية، والتطور الاجتماعى والتاريخى، وقد كان لهذا الصعود والهبوط آثار مدمرة على إيران، وثقافتها الاجتماعية، وانفصلت العلاقة بين المجتمع وبعده التاريخى.
وكان هجوم السلطة على علاقة المجتمع بتاريخه، مدمرًا، وفصل إيران عن جذورها وماضيها، لكى تبدأ الأمة من جديد، ولا توجد تنمية سياسية فى مختلف المنظمات فى البلاد، كما لا يوجد توافق وطنى حول أهداف واضحة.
وللوهلة الأولى تبدو لك إيران كقوة إقليمية ولها سياسة خارجية فى منتهى القوة، ولكن المجتمع الداخلى منهار نفسيًا، فنسب الانتحار وتعاطى المخدرات والطلاق والزنا والعنف الأسرى والعنف ضد المرأة فى إيران تسجل معدلات عالية جدًا فى السنوات الأربعين الأخيرة.
يجب أن نعترف بأن لدينا أزمة حرجة فى التفكير فى أنفسنا وفى العالم، وفى القيم الرئيسية لثقافتنا، هذا الاعتقاد لا يمكن أن يكون مبالغة عن التاريخ الماضى، لأن ننتقد تراثنا الثقافى.
وقارنت دراسات حديثة بين السلوك السياسى لدى بعض الإيرانيين المقيمين فى إنجلترا وآخرين يعيشون فى إيران، ووجدت الدراسة أن من يعيشون فى إيران أصبحوا أقل مرونة وأقل تقبلًا للديمقراطية وأكثر ميلًا للسلطة وأقل تفاعلًا مع المعارضة أو مع أى مظاهرات.
فالمحرك الأساسى للمظاهرات فى إيران هم المعارضون المقيمون فى الخارج وليس سكان إيران أنفسهم، لأن القمع والسلطة الدينية أثرا على شخصية الإيرانيين.
وليست المظاهرات مع العنف السياسى الذى يحدث فى إيران مؤشرًا قويًا على احتمال حدوث ثورة، لأن الشعب الإيرانى أصبح «متبلدًا» مفتقدًا حضارته، والثورات لكى تنجح تحتاج إلى موروث ثقافى واسترجاع حضارة، وهذا ما ينقص المجتمع الإيرانى الداخلى الآن.
ولكى تنجح هذه المظاهرات فى إحداث التغيير لا بد من دعم إيرانيى المهجر بقوة على المستوى الإعلامى والفكرى واللوجيستى، دون ذلك سوف تجهض هذه المظاهرات ويتم تصدير المشهد على أنه عناصر تخريبية تم قمعها.