رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مسيرة المرأة لابد أن تستمر


لابد ألا يقتصر التصدى للهجمة الشرسة على نساء وفتيات مصر على المسيرة السلمية الحاشدة التى شارك فيها فى «يوم المرأة العالمى» بوسط القاهرة عشرات الآلاف من النساء والرجال والرموز الوطنية.

لابد أن تتحول كل الاعتراضات والتظاهرات إلى حركة واسعة تضم جميع الائتلافات والمنظمات والاتحادات والجمعيات، أى منظمات المجتمع المدنى من خلال استراتيجية ذات أهداف محددة تعبر عن صوت المرأة المصرية وتصبح كياناً فاعلاً يدافع عن حقوق المرأة ويواجه بكل الوسائل ما تواجهه من دعاوى تهدد كيانها، ومن هجوم ضار عليها، ومن محاولات لانتزاع مكتسبات هى نتاج نضال مستمر وطويل من قبل المجتمع المصرى ورموزه والمناضلات الوطنيات اللاتى آمنت بكرامة المرأة وضرورة تحسين أحوالها المعيشية.

لابد أن يمتد النضال وأن يتم تكثيفه الآن وليس غداً أمام انحصار وتجريف لتقدم الحركة النسائية وإحلال المناصب فى مختلف المؤسسات وخاصة الإعلامية والحكومية، بأعضاء من الإخوان المسلمين، خاصة ونحن الآن نواجه محاولات للرجوع عن القوانين التى تم إقرارها بعد جهود كبيرة لرموز نسائية آمنت بضرورة تطوير حال المرأة ورفع الظلم عنها، فقانون الأحوال الشخصية الذى أقر سنة 2000 مثلاً، لم يتم إقراره إلا بعد 15 عاماً من مشاركة قانونيين وكاتبات ورئيسات منظمات نسائية، وموافقة من الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية، فكيف يهاجمه الذين يريدون أن يعيدوا المرأة إلى عصور الردة والظلام رغم أن من أقروه رجال أجلاء من شيوخ الدين الإسلامى السمح، وهناك هدف آخر ينبغى أن يكون أساساً لحركة المرأة وهو رفض الدستور غير التوافقى، والمطالبة بدستور جديد لكل المصريين يشارك فى وضعه النساء من التيار المستنير ويكون من بين بنوده مواد تنصف المرأة كمواطن مصرى وتكفل لها المساواة التى تستحقها مع الرجل.

لابد أيضاً العمل على نشر الوعى بين نساء مصر حول حقوقهن ودعم النساء على المشاركة فى قضايا الوطن ومراقبة مواقف القوى السياسية المختلفة من قضايا النساء، وتبنى منهجية حقوقية تراعى النوع الاجتماعى باعتباره من العوامل المهمة التى تضمن حدوث تحول ديمقراطى حقيقى.

و لابد أيضاً أن يراعى الإعلام المصرى المستقل والخاص، بعد أن فقدنا الأمل فى الإعلام الحكومى فى أى تغييرات إيجابية، المنظومة الحقوقية للنساء وعدم اعتبار موضوع المرأة موضوعاً هامشياً، وتعزيز هذه الحقوق بكل الوسائل الممكنة، ومراعاة تخصيص فترات فى برامج «التوك شو» لمتابعة حركة النساء المصريات وما يواجهن من عنف جسدى ومعنوى، حيث كثيراً ما تستضيف البرامج رجالاً لا يكترسون بقضايا المرأة ومحاولات تهميشها، إذ أن للإعلام دور فى غاية الأهمية فى تغيير تلك الدعاوى العشوائية التى تتحدث باسم الدين، والدين الإسلامى منها براء.

لابد من الخروج بمشكلة المرأة المصرية وبكل شفافية ليتم عرضها على المستوى المحلى والعربى والعالمى، حيث وقعت مصر على عدد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق المرأة، لذلك فإننا لابد أن ننظر بعين القلق البالغ على أوضاع المرأة المصرية وحقوقها السياسية والاجتماعية والتى تشهد تراجعاً ملحوظاً، بالإضافة إلى أن الأحزاب السياسية حتى الآن لم تتقدم لنا بمطالب من السلطة السياسية لإلزام الدولة ومؤسساتها بإقرار مبدأ المساواة وعدم التمييز، وعليه فإننا أمام هذه الهجمة الشرسة والراجع ضد المرأة المصرية التى كانت رائدة مع مطلع القرن الماضى فى حقوق المرأة ومشاركتها فى الحياة العامة، فإننا فى حاجة إلى حركة واسعة تنتفض من أجل حقوقها فى المرحلة المقبلة