مخاطر تصاعد العنف
أخشى أننا قد دخلنا فى سلسلة من المواجهات والخلافات قد لا تؤدى بنا إلى بر الأمان، إننا أصبحنا نقف فى مفترق طرق لا يدرى إلا الله وحده مدى مخاطره، لكن بقراءة الأحداث الأخيرة المؤسفة والأليمة والدموية من خلال ما يجرى فى بورسعيد
والقاهرة والمنصورة والإسماعيلية والسويس والإسكندرية وغيرها من المدن المصرية، نجد أن هناك واقعاً على الأرض يؤكد لنا صعوبة الخروج من المشهد الراهن، فهناك إنقسام واضح فى الوطن إلى قسمين، قسم غاضب يشعر بأنه قد تم استبعاده وإقصاؤه والتنكيل به، وتهميشه بعيداً عن إدارة دفة الأمور والمشاركة فى شئون الوطن، أو حتى الاستماع إلى مطالبه وشكواه وأوجاعه، وقسم آخر يضم سلطة حاكمة من فصيل واحد لديه خطط وأهداف يريد أن ينفذها بطريقته على أرض الواقع وبغض النظر عن معارضة القسم الأول من الشعب أو الغضب المشتعل من جهته والذى يتزايد يوماً بعد يوم، وما بين هذا وذاك تزداد الفجوة بحيث تأخذنا إلى طريق اللاعودة، ويتصاعد العنف ويُشّيع الأهالى فى كل يوم شهيداً جديداً فى مشهد تدمى له القلوب، ويتضاعف عدد الجرحى والمصابين من جراء العنف المفرط تجاه المتظاهرين والشباب.
وهنا أتوقف لأوضح أننى لست من المنادين بالعنف سواء من الشعب الغاضب أو من الجهة الحاكمة، إلا إننى فى نفس الوقت أطالب كامرأة وأم مصرية بأن يوضع حد لقمع المظاهرات السلمية باستخدام العنف المفرط، وأن تبدأ السلطة الحاكمة فى الاستماع لنبض الشعب ومطالبه المشروعة والتى قامت من أجلها ثورته الشعبية، فالحقيقة أن كثيراً منها يمكن تحقيقه، إلا أن ما نراه الآن وحتى الأمس هو استمرار القمع، ففى المنصورة يتم دهس شاب أمام الجميع بسيارة أمن مركزى، وفى القاهرة عنف تجاه المظاهرات المصرية منذ 25 يناير 2013 وحتى اليوم، وفى بورسعيد جرحى بالمئات وعشرات الشهداء، إننى مهما قلت فإنه ليصعب وصف ألمى ونزيف قلبى الذى لا يتوقف أمام مشهد الدماء المصرية التى تراق فى الشوارع، وأتساءل: متى يتوقف هذا العنف؟ ومتى يمكن لأحد من المسئولين عن مقدرات هذا الوطن أن يبادر بالمطالبة بوقف نزيف الدماء وتصاعد العنف؟
إن أخشى ما أخشاه أننا نتجه إلى حرب شواع قد تصل إلى حرب أهلية مدمرة للجميع، ويا ويلنا جميعاً من هذا الطريق المظلم الذى لم يعرفه تاريخ مصر من قبل، إن المصريين الآن قد أصبحوا فئات متعددة، لكنهم يمكن أن يتعايشوا إذا ما أرادت السلطة الحاكمة وقف نزيف الدم، فلا ينبغى أن تجب فئة غيرها من الفئات الأخرى لأن مصر الآن بها الليبرالى والإسلامى والسلفى والناصرى واليمينى، واليسارى، وفيها أيضاً من يبحثون عن لقمة العيش ولا ينتمون الى أى تيار سياسى وهم ليسوا أقلية بل هم أغلبية لا يستهان بغضبتها إذا ما هبت لتعبر عن غضبها، إن مصر أيضاً فيها الرجل والمرأة وفيها المسلم والمسيحى، وفيها الشيوخ والشباب الذين يمثلون ثلثى هذا الوطن، إن أخشى ما أخشاه الآن أنه إن لم توقف السلطة الحاكمة العنف والقمع للمظاهرات السلمية أن ندخل فى دوامة من تصاعد العنف وإراقة المزيد من الدماء المصرية على الأرض، وحينذاك لن تجدى أى مصالحة