المرأة وهواجسها المشروعة
إن خروج نساء مصر من مختلف الفئات فى حشود هائلة شارك فيها الرجال منذ أيام رافعين شعارات «نساء مصر خط أحمر» يعكس هواجس مشروعة من وضع المرأة فى ظل نظام لا يأبه بمطالبهن ولا يدعم حقوقهن المشروعة، إن النظام الحالى
والمسئولين فى قمة الحكم تركوا نساء مصر عرضة لفتاوى متطرفة تتخذ من الدين ستاراً أقل ما توصف به أنها سب علنى، واستباحة لكرامة المصريات، فقد خرج علينا مؤخراً أحد الدعاة الجدد ليهاجم النساء اللاتى يشاركن فى المظاهرات بأبشع الألفاظ ولم يخرج علينا أى أحد من المسئولين ليوقف هذا السباب العلنى، أو تحوله أية جهة للتحقيق فيما ينعت به بطلات مصر اللاتى شاركن فى ثورة يناير 2011، وحتى الآن ورغم كل حوادث التحرش الممنهج التى تمت لسيدات كريمات بعضهن خرجن ليتحدثن للإعلام بما حدث لهن من تحرش ممنهج، ومنهن أمهات أو جدات أو شابات فى سن الزهور، ولم يتم القبض على أى من المجرمين الذين يرتكبون هذه الانتهاكات ضد المرأة، إن من ينظر فى تاريخ مصر الحديث سيجد أن المرأة شريكة فى المطالبة بحرية الوطن منذ ثورة 1919، حيث سقطت شهيدات، ولكن كان ذلك برصاص الاستعمار الإنجليزى وليس بيد مصريين، ومن يومها بدأت موجة ثورية نسائية للمطالبة بحقوق المرأة المصرية شريكة المطالبة بحرية الوطن، كما كانت الشابات والأمهات من مختلف الفئات يقفن فى الصفوف الأولى بميدان التحرير فى 25 يناير 2011، فما الذى تغير؟ إن شجاعة المرأة فى التظاهر السلمى ورفض ما يحدث من هجوم على نساء مصر ومن محاولات لتهميشهن وإقصائهن عن المشاركة فى قضايا الوطن لأمر ترفضه كل النساء، ولن يثنيهن عن الدفاع عن حقوقهن المشروعة ولا مطلب الحرية للوطن، إن الشعارات التى رفعتها مسيرة الأربعاء الماضى مثل «النساء خط أحمر»، و«لا لتعرية الوطن»، و«لا للدستور غير التوافقى»، قد شارك فيها أكثر من 35 حركة ومنظمة نسائية وممثلين لـ 25 حزباً مصرياً، ويجىء إصرار هذه الحشود على الخروج والتوجه إلى ميدان التحرير نتيجة عدة أسباب؛ أولها: أن فى مصر 37% من نسبة النساء هن نساء معيلات أى يعلن أبناءهن وأسرهن، ومعنى تخويف المرأة والهجوم على عملهن والرغبة فى تهميشهن كمقدمة فى تقديرهن إلى انقطاع دخولهن وبالتالى لا يكون أمامهن إلا التسول أو الجوع فى مواجهة إقصائهن من العمل والتقليل من شأنهن، ثانياً: أن هناك محاولات للرجوع فى قوانين الأحوال الشخصية التى جاءت نتيجة مطالبات عديدة ومسيرة طويلة لتعديل قوانين المرأة والطفل، ولدى المرأة الآن هواجس من عدم المحافظة على هذه الحقوق أو الرجوع فيها بناء على بعض الفتاوى المتطرفة والمشينة، ثالثها: أن الدستور غير التوافقى يعكس تراجعاً فى مكتسبات المرأة ويظهر بوضوح أنه قد تم تعمد تجاهلها فى كل المواد رغم المطالبات من قبل كل الحركات النسائية بإدراج مواد تضمن لها المساواة كمواطن مع الرجل؛ رابعها: أن حجم الغضب النسائى يتسع نتيجة العنف المفرط الذى يتم ضد الشباب من أبناء هذا الوطن الذين يخرجون للتعبير عن مطالبهم بسلمية، واستكمالاً لمسيرة ثورة يناير، فالشاب الثائر أو الشابة الثائرة لا يستأذن أى منهم أمه أو أسرته ليلبى نداء الوطن، أو ليطالب بحريته أو بكرامته، أو بلقمة عيش شريفة، أو بالكرامة للمواطن ككل.
إن من أغرب الأمور فى وطننا أنه لا أحد من المسئولين ينصت لمطالب المرأة أو يدعم حقوقها المشروعة أو يحقق فى الانتهاكات التى تحدث لها فى ميدان ضم يوماً أعز ما تمتلكه مصر، وأقصد بذلك أمهات وشابات وجدات وقفن جنباً إلى جنب ليهتفن « عيش حرية عدالة اجتماعية