«سحل.. ضاعف الغضب الشعبى»
رغم أن التظاهر السلمى هو حق تكفله كل الدساتير، إلا أن هذا يجرى قمعه فى مصر الآن بكل الوسائل حتى لا يتظاهر الثوار فى الموجة الثانية للثورة وحتى لا يطالب أحد بغير ما تريده السلطة الحاكمة، وإن هذا المشهد الأليم والبشع الذى شاهدناه
على كل الشاشات وبثته كل القنوات والفضائيات مثل «سى إن إن» و«فرانس 24» و«بى بى سى»، قد أدى إلى استنكار عارم فى كل جنبات الأرض ولم يؤت ما كان مطلوباً منه بالنسبة للشعب المصرى، بل على العكس فإن هذا المشهد الذى يهين كرامة مواطن مصرى بسيط وفقير بتعريته من ملابسه وضربه بالعصى وجره على الأسفلت، قد أدى إلى نتيجة واضحة، فقد ضاعف من الغضب الشعبى وأدى إلى استفزاز مشاعر المصريين كبارًا وصغارًا، وللأسف لم تعلن نتائج التحقيقات حتى الآن ولم تعلن أسماء المتورطين بالرغم من أن رقم سيارة الأمن المركزى معروف.
ثم تضاعف الغضب الشعبى بأقوال حمادة صابر فى القنوات الفضائية حين أخفى الحقيقة الواضحة بسبب الضغط أو الخوف، وبدا ذلك واضحًا لكل المشاهدين فى تناقض حديثه، ويكفى فقط الكلمة التى قالها على الملأ «متودونيش فى داهية»، إن حمادة صابر أيًا كانت أقواله لم يعد مهمًا ما يقوله أمام وضوح الصورة، حيث تحول إلى رمز دامغ للقمع ولسوء إدارة أزمة طاحنة تواجهها مصر، وانقسام واضح فى الشارع المصرى، وغضب فى الرأى العام يتصاعد يوماً بعد يوم.
إن تقرير منظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة «هيومان رايتس واتش» منذ يومين لهو دليل دامغ على انتهاك حقوق الإنسان فى مصر، سواء بالنسبة للعنف ضد الثوار أو للمواد التى أقرها الدستور الجديد غير التوافقى ليكون دستورًا يناسب فصيلاً واحداً وليس دستورًا لكل المصريين، إن ما سيشفى غليل المصريين الآن هو الاستماع إلى مطالبهم المشروعة، والانصات لغضبهم وتضميد جراح الوطن، فالمصريون شعب واعٍ يعانى غالبيته من الفقر والحاجة الملحة إلى توفير حياة كريمة آمنة وحرة لكل مواطن، إن المصريين أصبحوا الآن يدركون أن هناك فرقاً كبيراً بين البلطجية والثوار، وأن من يقتلون من الثوار سيظهر غيرهم مئات وآلاف طالما هم يطالبون بالحرية للوطن.
وليس قتل واضطهاد الثوار فى تقديرى إلا بداية لحركة قمع تبررها الدولة بأن الثوار مخربون، رغم أن الفرق كبير بين الثائر والمخرب وكلنا نعرف من هم الثوار ومن هم المخربون، ولابد للدولة أن توقف القمع والعنف المفرط ضد الثوار، وأن تدرك أن مصر لكل المصريين.. إن أهل حمادة صابر قد قالوا كلمتهم بأنه قد تم الضغط عليه ولن تستطيع آلة القمع أن تخيف ابنته وأقرباءه بأن يقولوا كلمة الحق بأن حمادة قد سُحل وأنه يعانى من شظف العيش، وأنه مصرى «غلبان» كان يريد أن يسمع أحد صوته لعل وعسى تنصلح الأحوال ويجد عملا، وليست واقعة حمادة صابر مجرد حادث وسينساه المصريون والعالم، لأن صورة سحل حمادة صابر التى بثتها كل الدنيا ستظل مشهدًا يدين إدارة الدولة مهما طال الزمن، والله المستعان لإنقاذ مصر من تقاتل أبنائها