العلاقة بين نفسية الاعلامين و اهالي الإرهابيين
إن حالة من الجدل أثيرت على وسائل التواصل الاجتماعي فور الظهور الإعلامي لأهالي الإرهابيين في اثنين من أهم برامج التوك الشو في مصر، مع المذيعين اللذين أجرى معهما رئيس الجمهورية مداخلة هاتفية، أكثر من مرة.
الأول أسامة كمال، المذيع الرصين صاحب المصداقية، الذي يحافظ على ثباته الانفعالي مما يريح أعصاب المشاهدين، والثاني عمرو أديب ملك البروباجندا المحترف صاحب الصوت العالى، والقدرة على إظهار مشاعره وانفعالاته على الهواء، بشكل يجعل نسبة كبيرة من المشاهدين تتفاعل معه.
نموذجان مختلفان من الإعلاميين، من حيث الشخصية وتناول الموضوعات، يستضيفان ضيوفا متشابهين، وهم أهالي إرهابيين قتلة، الأمر الذي حير المشاهد العادي وتساءل عن الدافع وراء الاستضافة، خصوصا أن المذيعين أظهرا التعاطف مع الأهالي.
ثم جاء النموذج الثالث بعدهما، أحمد موسى المعروف بانحيازه الكامل للدولة، وكراهيته الشديدة للإرهاب، فاستضاف شقيق إرهابي، ودفعه للهجوم على أخيه والتبرؤ منه.
هنا تظهر شخصية كل مذيع، وهذا ما يجعلنا نبحث في مراجع علم النفس الإعلامي، ونحاول البحث عن إجابة سؤال يتعلق بمدى مصداقية المذيع الذى يفرض رؤيته وشخصيته على الضيوف والمشاهدين أو يتأثر بهم.
المراجع تقول لا يجوز ويجب أن تكون حياديًا، لكن في العالم العربي الخبراء قالوا إن ظاهرة الإعلامي النجم هي المتنشرة.
نأتي لكلام المتخصصين، ونرصد عدة دراسات أجنبية أجريت على التحليل السياسي والإعلامي لداعش، وكيفية التفاعل مع الحرب النفسية والعمليات النفسية التي تقوم بها هذه التنظيمات الإرهابية.
الدراسات أجريت بالاشتراك مع مركز دراسات للإرهاب في كبرى الجامعات الأمريكية منها جامعة بيركلي، وقسم علم النفس السياسي في ليفربول، وبالتنسيق مع المخابرات الأمريكية والبريطانية ومخابرات عربية.
كانت الدراسات تعتمد على اختراق أهالي الإرهابيين ومقابلات مع المقربين واستجوابهم من قبل محترفين في غرف مغلقة، ثم تسجيل هذه الاعترافات وتحليل المضمون، وأيضا مع إرهابيين تم القبض عليهم. وبين الحين والآخر يتم تسريب هذه الاعترافات إعلاميا كوسيلة من وسائل الحرب النفسية، وحرب المعلومات ضد التنظيم، وكان يتم الاتفاق على توقيت معين.
في التسعينيات من القرن الماضي كان جهاز أمن الدولة المصري يقوم بعمليات مماثلة، تحت إشراف قيادات مهمة في الجهاز، لدرجة أن المباحث الفيدرالية الأمريكية كانت تستعين بخبرات هذه القيادات، أثناء المواجهة مع طالبان، وهذا نشر في عديد من مذكرات ضباط مباحث فيدرالية ومخابرات أمريكية متقاعدين.
ولعل الواضح أن أحمد موسي كان أفضل من قدمها، لكنه ليس في شعبية عمرو و لا مصداقية أسامة.
ملف التعامل الأمني مع الإرهاب ملف قوي جدا، لكن ماذا عن الملف الإعلامي والفكري؟ نعتقد أنه يحتاج إلى تطوير حتى لا تصل رسائل خاطئة كما حدث في الأيام السابقة.