مدينة لا يعرفها فقراء بلادى
زرت مع ابنتى «مريم» وصديقتيها « كينزى وفرح» «مدينة كيدزانيا» وهى مدينة ترفيهية تعليمية للأطفال من سن 4- 14 سنة، وقد صممت المدينة لتكون قريبة من الواقع، فهى تحتوى على مستشفى، محطة إطفاء حريق، صالون تجميل، بنك، تسمح المدينة للأطفال بدخول أى مكان والقيام بدور العاملين فيه، فيمكن للطفل أن يقوم بدور الطبيب، المحاسب، المهندس، رجل الاطفاء، الطاهى، الشرطى..
تتنوع الأنشطة بالمدينة وتزيد على 60 نشاطًا وهناك أنشطة لا يزيد وقت ممارستها عن عشر دقائق مثل البنك، وهناك أنشطة تستغرق من 20 -30 دقيقة مثل مصنع إنتاج الشيكولاتة فيتعرف الأطفال على مكونات الشكولاتة من الحليب والكاكاو وطريقة تصنيعها ويحصل الأطفال على مستطيل من الشيكولاتة التى صنعها بيده، وهناك ستوديو التليفزيون: حيث يتعرف الأطفال على طبيعة ومهام طاقم العمل فى البرامج التليفزيونية ويختارون القيام بدور المصور أو المذيع أو المخرج، ويتم بث البرنامج على الهواء مباشرة فى حضور أهالى الأطفال، وقد اختارت مريم القيام بدور مخرج البرنامج واختارت صديقاتها القيام بدور المذيعة.
منذ دخولى المدينة أحسست أننى انتقلت من أجواء القاهرة بضجيجها وازدحامها وعشوائيتها إلى أجواء معقمة، فالمدينة مغلقة وسقف المدينة مغطى بالكامل بلوحة ضخمة للسماء بزرقتها وتشكيلات سحبها البيضاء، وعلى الحيطان الجانبية للمدينة توجد رسومات لبرج القاهرة، مبنى الإذاعة والتليفزيون، وبعض المعالم الشهيرة. تتميز المدينة بالهدوء والنظام والنظافة، والأطفال يتحركون فيها فى مجموعات مع أصدقائهم أو ذويهم.. تشبه كيدزانيا مدن الألعاب الترفيهية التى زرتها فى باريس وأمستردام، مع فارق أن المدن الترفيهية الأوروبية مدن مفتوحة وأكثر اتساعا..
حتى دخولى كيدزانيا لم أكن أعرف أى شىء عن هذه المدينة فاستغليت انطلاق الفتيات وإحساسهن بالأمان وتركتهن يمارسون أنشطتهم بعيدا عن السلطة الأمومية وبحثت عن معنى كلمة كيدزانيا وماهيتها.
وأتاح لى الواى فاى المجانى الوصول إلى موقع المدينة باللغة الإنجليزية وعرفت منه أن كيدزانيا هى شركة مكسيكية الأصل أسسها المكسيكى «خافيير لوبيز»، فى سن يناهز خمسون سنة وقد تشارك مع صديقه فى إنشاء حضانات للأطفال تميزت بأنها تسمح لهم بلعب أدوار كما فى الواقع ثم طمح لوبيز بتحويلها إلى مدينة ألعاب للأطفال الطموحين، بدأت أول مدينة فى المكسيك عام 1999، وأصبح لها الآن 14 فرعفى العديد من دول العالم وزارها ما يزيد على 31 مليون شخص من مختلف دول العالم.مما يجعلها واحدة من أسرع العلامات التجارية نموا فى العالم.
فى جلستى.. تذكرت ملايين الأطفال فى بلادى الذين لم يستمتعوا بعالم كيدزانيا حيث إن تذكرة الطفل مائتا جنيه والمدينة تقع على الطريق الدائرى ولا يصل إليها إلا أصحاب السيارات.كما استرجعت سخرية الأصدقاء على صفحات فيس من عبارة «إننا فقراء».. تأملت المكان وشعرت بالدهشة أمام تجربة رجل واحد خمسينى استطاع فى أقل من عشرين عاما أن يكون امبراطورية تغزو العالم، نعم نحن فقراء والفقر الحقيقى هو فقر الخيال.. فقر الروح، إننا نمتلك إرثا ضخمًا من التباكى وجلد الذات ولكننا لا نحاول أن نجود ما فى أيدينا، كل منا لا يحاول إصلاح أو صيانة الكرسى الذى يجلس عليه، فقط يشير إليه دائما أنه قديم وحاشيته ممزقة.. كلام، كلام وعند الإنتاج لا شىء.
نعم لدينا فساد واستنزاف للموارد، لكن الأهم هو أننا فقراء، لأن إجمالى الناتج القومى المحلى لمصر للعام 2016 هو 251 مليار دولار، فى حين بلغ عدد السكان فى أول فبراير 92480200 مليون نسمة.