جابر نصار ... شكراً وعتاباً «١-٢»
تابعت باهتمام بالغ خلال الأسبوع الماضى موضوع الطالب مينا نادر مرقس الذى تقدم بشكوى للدكتور عمرو عدلى- نائب رئيس جامعة القاهرة- بعدما ملأ استمارة خاصة بالدراسات العليا فى معهد الدراسات الأفريقية ليجد بها خانة «إذا كنت مسيحياً اذكر الطائفة»، وأنه تم استبعاده من الدراسة بقسم السياسة والاقتصاد بالمعهد بسبب ديانته.
وسبب اهتمامى بهذا الموضوع يعود لسببين رئيسيين: أولهما إننى واحد من المطالبين بإلغاء خانة الديانة من جميع المحررات الرسمية، وثانيهما إننى قس إنجيلى وأدرس بقسم السياسة والاقتصاد بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية منذ عدة سنوات، حيث حصلت على درجة الدبلوم، وأدرس حالياً للحصول على درجة الماجستير، وطوال فترة دراستى بهذا المعهد العريق لم أشعر أبداً بأى تمييز داخل المعهد بسبب ديانتى أو وظيفتى.
وتعليقاً على هذا الموضوع لى بعض الملحوظات: أولاً: لابد من توجيه الشكر الجزيل لرئيس جامعة القاهرة الدكتور جابر نصار، على قراره التنويرى الشجاع بإلغاء خانة الديانة كبيان فى جميع الشهادات والمستندات والأوراق التى تصدرها أو تتعامل بها جامعة القاهرة مع طلابها أو العاملين بها أو أعضاء هيئة التدريس أو الهيئة المعاونة أو الغير على أى وجه كان، وفى جميع الكليات والمعاهد والمراكز سواء للمرحلة الجامعية الأولى أو الدراسات العليا.
ثانياً: تناولت وسائل الإعلام القضية معتبرة أن قسم السياسة والاقتصاد بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية هو الذى يثير الفتنة الطائفية وأنه هو الذى قام بتصميم هذه الاستمارة التى تتضمن خانة للديانة والطائفة، وفى حقيقة الأمر فإن معهد البحوث والدراسات الأفريقية لا علاقة له على الإطلاق بهذه الاستمارة، فهذه الاستمارة من إعداد إدارة الجامعة منذ عام 1971م وتم توزيعها على الشئون التعليمية فى كل الكليات دونما علم من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، لذلك فإنه من الظلم البين أن تنسب مثل هذه الاستمارة المشبوهة لقسم السياسة والاقتصاد بمعهد البحوث الأفريقية.
ثالثاً: إن أوراق القبول المتعلقة بامتحانات القبول المرسلة إلى القسم من جانب الدراسات العليا بالمعهد مدون فيها فقط أسماء الطلاب وتخصصاتهم وتقديراتهم فى البكالوريوس أو الليسانس، وهذا ما يقدم إلى اللجان التى تتولى أعمال امتحانات القبول بالقسم، أما خانة الديانة فلا وجود لها مطلقاً فى هذه الاستمارة، ومن ثم من تم استبعادهم وعدم قبولهم بالمعهد يعود لأسباب موضوعية وليس لأسباب دينية.
رابعاً: إننى قس إنجيلى وأدرس بقسم السياسة والاقتصاد بهذا المعهد وجميع الأساتذة يعرفون ديانتى ووظيفتى ولم أشعر مطلقاً بأى تمييز داخل المعهد، كما أن هناك اثنين من أعضاء هيئة التدريس من المسيحيين بالقسم، وحوالى 20% من طلاب القسم من المسيحيين، ويوجد العشرات ممن حصلوا على الماجستير والدكتوراة من القسم من المسيحيين،لذلك فإن الزعم بأن الفتنة الطائفية مصدرها قسم السياسة والاقتصاد بالمعهد، هو قول ظالم وينافى الحقيقة.
خامساً: إن الأرقام التى ذكرها الدكتور جابر نصار لوسائل الإعلام والتى حاول من خلالها أن يثبت للرأى العام أن قسم السياسة والاقتصاد بالمعهد يمارس التمييز هى أرقام غير دقيقة، حيث ذكر سيادته على إحدى الفضائيات أن القسم رفض قبول 9 طلاب مسيحيين وطالباً مسلماً؟ بينما الحقيقة أن طالباً واحداً مسيحياً فقط هو الذى رُفض وهو الطالب مينا نادر مرقس ورُفض أيضاً تسعة طلاب مسلمين، حيث قد تقدم لشعبة الاقتصاد 52 طالباً، منهم 3 مسيحيين، و49 مسلماً، تم قبول 2 مسيحيين و40 مسلماً، ورُفض طالب واحد فقط مسيحي، و9 مسلمين، وفى شعبة السياسة تقدم91 طالباً تم قبول 45 طالباً ورُفض 46 طالباً وجميعهم مسلمون، لذا كان يجب على رئيس جامعة القاهرة أن يعود للمعهد ليتحقق من الأرقام قبل أن يخرج لوسائل الإعلام بـأرقام غير دقيقة، فكلمة المسئول لابد أن تكون منضبطة ودقيقة.
سادساً: هناك عدة معايير لاختيار الطلاب واختبارهم بالقسم وفقاً لقواعد حددها مجلس القسم ومنها: معرفة الطلاب الأولية بأوضاع القارة الأفريقية، تقديرات الطلاب فى البكالوريوس أوالليسانس، هل تخرج الطالب فى جامعات حكومية أو خاصة؟ وهل الشهادة معادلة أم لا؟ والطاقة الاستيعابية لقاعات المحاضرات والتى لا تتجاوز 80 طالباً، وهذا العام تم اختيار 83 طالباً فى الشعبتين السياسة والاقتصاد، وهذا يعتبر أقصى طاقة استيعابية يمكن للقسم أن يتحملها، ولذلك فإن التوصية التى أتت من رئاسة الجامعة بأن يتم قبول جميع الطلاب المتقدمين للقسم- وعددهم 56 طالباً- ودونما مقابلة للطلاب على نحو ما تنص عليه لائحة المعهد يمثل مخالفة قانونية ارتكبتها رئاسة الجامعة، هذا فضلاً عن أنه سيكون من الصعب متابعة الأساتذة لرسائل الماجستير والدكتوراة لهذا الكم الهائل من الطلاب.
سابعاً: أرجو أن يتم تعديل لائحة المعهد لتعود إلى ما كانت عليه حيث كان يتم إجراء امتحان تحريرى للمتقدمين، وذلك حرصاً على سرية أسماء الطلاب واتباع المعايير الموضوعية، حيث إن المقابلة الشفوية قد تثير الكثير من اللغط الذى لا لزوم له.
وختاماً .. تحية تقدير لجابر نصار على قراره بإلغاء خانة الديانة من أوراق الجامعة ونتمنى أن تكون هذه بداية لإلغاء خانة الديانة من جميع المحررات الرسمية، ولكن لابد من كلمة اعتذار يجب أن يقدمها رئيس الجامعة لقسم السياسة والاقتصاد بالمعهد، رفعاً للظلم وإحقاقاً للحق.