متطرفو العرى والعار «1»
طالعتنا وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى بالبيان الذى أصدره الأنبا مكاريوس -أسقف المنيا وأبوقرقاص- مساء الأربعاء 25 مايو، حول أحداث قرية «الكرم» التى وقعت بين مسلمين ومسيحيين، وأكد فيه صحة تجريد سيدة مسيحية من ملابسها بالقرية، وقال الأنبا مكاريوس: إن الأحداث المؤسفة فى قرية «الكرم» والتى تبعد مسافة أربعة كيلومترات من مدينة الفكرية، بمركز أبوقرقاص، بدأت بعد شائعة علاقة بين مسيحى ومسلمة، وقد تعرض المسيحى ويدعى أشرف عبده عطية للتهديد مما دفعه لترك القرية، بينما قام والد ووالدة المذكور يوم الخميس 19 مايو بعمل محضر بمركز شرطة أبوقرقاص، يبلغان فيه بتلقيهما تهديدات ومن المتوقع أن تنفذ تلك التهديدات فى اليوم التالى، وبالفعل فإن مجموعة يقدر عددها بثلاثمائة شخص، خرجوا فى الثامنة من مساء اليوم التالى الجمعة ٢٠ مايو ٢٠١٦ يحملون أسلحة متنوعة فتعدوا على سبعة من منازل الأقباط، حيث قاموا بسلبها وتحطيم محتوياتها وإضرام النار فى بعضها، وتقدر الخسائر مبدئيا بحوالى ثلاثمائة وخمسين ألفاً من الجنيهات».
وأضاف البيان، قام المعتدون بتجريد سيدة مسيحية مسنة من ثيابها هاتفين ومشهرين بها أمام الحشد الكبير بالشارع، وقد وصلت قوات الأمن إلى هناك فى العاشرة من مساء نفس اليوم، وقامت بالقبض على ستة أشخاص حيث تباشر الآن التحقيق معهم.
ما سبق كان بيان الأنبا مكاريوس، والسيدة التى عراها المتطرفون عديمى النخوة هى السيدة سعاد ثابت «70 عاماً» وهذه السيدة المسنة لم يشفع لها عمرها المتقدم أو مرضها أو لأنها امرأة تحتمى بتقاليد وشهامة المصريين، لم يشفع لها توسلها وطلب الرحمة، لم يشفع لها وهى تبكى تحت أرجلهم وهم يجردونها من ملابسها كاملة كما ولدت، لم تخترق الرجولة جسد أى من كان يشاهدها وهى تضرب من ذئاب، حتى يتدخل لإنقاذها، بل تحولت أجسادهم لأجساد هشة، يسكنها الخنوع والعار، يصمتون أمام صراخها، لا يوجد رجل واحد يعرف معنى للرجولة أن يرى سيدة مثل والدته داخل قرية صعيدية تُعرى وتُجرد من كل ملابسها، دون أن تجد من يستر جسدها الفقير وهى تلتقط أنفاسها وصوتها يخرج بصعوبة لتستنجد ولكن لا مجيب ولا مغيث، لقد مات الرجال وسكن العار فى قرية الكرم فى أبوقرقاص.
وفى حوار لأحد الصحفيين قالت السيدة البسيطة وهى تتحدث بلهجة تلقائية «بهدلونى يا بيه حرقوا البيت ودخلوا جابونى من جوه، ورمونى قدام البيت وخلعونى هدومى يا بيه زى ما ولدتنى أمى مخلوش حاجة حتى ملابسى الداخلية وأنا بصرخ وأبكى ، وبعدين ربنا خلصنى من ايدهم، وناس خدونى جوه بيتهم اخدت جلابية قديمة ولبستها وبعدين، جات الناس تسأل على فرد أهل البيت وقالوا لهم مش موجودة».
وبكت السيدة بدموع شديدة وهى تقول: «ناس معندهاش ضمير يعرونى فى الشارع وأنا ست كبيرة وكل القرية بتتفرج، وابنى هرب لأن لو شافوه كان قتلوه مكنش يعرف إنه ممكن يعملوه كده فى ست كبيرة».
وسؤالى هل فقدت قرية الكرم النخوة والشهامة؟، هل غاب الوازع الأخلاقى والدينى، هل غاب الضمير عن مصر التى بزغ فيها فجر الضمير؟!! طالما جلبت لنا دولة الإيمان الخزى والعٌرى والعار فلنكن دولة قانون!!